تمكنت المملكة من تحقيق خطوات كبيرة على صعيد النهوض بحقوق الإنسان، والانتقال بها من مرحلة الشعارات إلى التشريعات والممارسات، منطلقة في ذلك من رؤية وطنية تعتبر حقوق الإنسان جزءًا لا يتجزأ من قيمها وثقافتها الأصيلة.
وتأسيسًا على وضع الإنسان فوق كل اعتبار؛ سخرت رؤية المملكة 2030، برامجها وأهدافها، لضمان تكافؤ الفرص، والحد من عدم المساواة على أساس الجنس أو الإعاقة أو السن أو أي شكل من أشكال التمييز الأخرى، بما يتيح الاستفادة من إمكانيات كل مواطني ومقيمي المملكة دون تمييز.
وقد تناغمت هذه الخطوات مع التطورات الحالية، فعملت المملكة على فهم آثار الذكاء الاصطناعي على حقوق الإنسان، بهدف تعزيز مستقبل يتناغم فيها لتقدم التكنولوجي مع الحقوق والقيم الأساسية.
وتنطلق المملكة في هذا الدرب الطموح ساعية إلى الوصول لافضل المستويات العالمية في حماية وتعزيز حقوق الإنسان، مستندة إلى مبادئها وقيمها الراسخة، وإرادة قيادتها التي تقدم الإنسان على كل اعتبار، بحسب رئيس هيئة حقوق الإنسان السعودية الدكتورة هلاالتويجري.
وقالت “التويجري”: تتبنى المملكة مبادئ تتمثل في المساواة والحوار والتعاون والحياد والموضوعية والشفافية والتي تسعى المملكة لأن تكون مرتكزاً أساسياً، وأرضية مشتركة لأي تفاعل وعمل مشترك بين الدول في مجال حقوق الإنسان.
وألقت رئيس هيئة حقوق الإنسان كلمة السعودية بمجلس حقوق الإنسان في جنيف، متناولة أبرز الإصلاحات والتطورات المتحققة في بلادها بمجال حقوق الإنسان والمرتبطة بموضوعات التوصيات التي قدمت لها.
وأضافت: أكثر من 150 إصلاحاً وتطوراً تشريعياً ومؤسسياً وقضائياً وإجرائياً تحققت منذ اعتماد «رؤية 2030»، وهذه الإصلاحات لم تتوقف حتى خلال الظرف الذي عصف بالعالم والمتمثل في جائحة كورونا «كوفيد-19».
وقد تحول سعي المملكة من طور الالتزامات إلى أفضل الممارسات في مجال حقوق الإنسان، عبر تجاربها الخاصة، النابعة من قيمها الراسخة، وإرادة قيادتها، ووعي مجتمعها، إضافة إلى تبادل التجارب مع الآخرين.
وفي ظل إيمان المملكة بمبدأ المساواة التكاملية بين الرجل والمرأة وبأن تكامل العلاقة بين الجنسين (الرجل والمرأة) طريقةٌ مُثلى لتعزيز وحماية حقوق الإنسان بما فيها حقوق المرأة والقضاء على التمييز ضدها، أخذت أنظمتها المستمدة من الشريعة الإسلامية بمبدأ ضمان تكافؤ الفرص والحد من أوجه انعدام المساواة، من خلال إزالة الممارسات التمييزية، وتعزيز التشريعات والسياسات والإجراءات الملائمة في هذا الصدد.
ولا تتضمن أنظمة المملكة أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد ينتج عنه توهين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في جميع الميادين. وتتم المساواة بين الرجل والمرأة في مجالات حقوق الإنسان بشكلٍ مطلق، كالحق في العمل، والتعليم، والصحة، والحقوق الاقتصادية، وغيرها.
وفي محاولة لتعزيز ذلك التوجه، أصدرت المملكة وأجرت تعديلات على العديد من الأنظمة والسياسات واللوائح التي تدعم تكافؤ الفرص والحد من عدم المساواة؛ بينها، إجراء العديد من الإصلاحات التي تُمكّن المرأة، والتي تجاوزت الــ50 إصلاحاً، وإتاحة الفرصة لها للمشاركة الكاملة والفاعلة في مختلف المجالات، ومن ذلك إنشاء مركز تحقيق التوازن بين الجنسين.
وأصدرت المملكة نظام حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الذي يهدف إلى حماية وتعزيز حقوقهم وضمان حصولهم على جميع الخدمات أسوةً بغيرهم.
وأصدرت نظام حقوق كبير السن ورعايته والذي يسعى لتمكين تلك الفئة من العيش في بيئة تحفظ حقوقهم وتصون كرامتهم، وتنظيم وتنفيذ برامج مناسبة لهم، وتأهيل المرافق لتكون ملائمة لاحتياجاتهم.
وإلى جانب تلك الفئات، عملت المملكة على حماية الطفل وتعزيز حقوقه على أساس تكافؤ الفرص.
ولم تكن هذه القوانين دون رقابة، حيث أسندت تلك المهمة لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية التي تتابع تنفيذ السياسة وتعد إطاراً للمتابعة والرصد، وأنشأت وسائل انتصاف فعالة فيما يخص الممارسات التمييزية من أجل تلقي الشكاوى المتعلقة بجميع أشكال التمييز في الاستخدام والمهنة.
وإدراكًا منها لعواقب «الاتجار بالأشخاص»، والمتمثل في استخدام شخص، أو إلحاقه، أو نقله، أو إيواؤه، أو استقباله من أجل إساءة الاستغلال، أولت المملكة اهتمامًا كبيرًا بتلك القضية، فعملت على تطوير البنية القانونية والمؤسساتية لها.
كما اهتمت بتعزيز جانب الملاحقة القضائية من خلال إنشاء نيابات متخصصة في جميع فروع النيابة العامة للتحقيق في هذه القضايا، ودوائر قضائية في المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف للنظر في قضايا جرائم الاتجار بالأشخاص.
ولتعزيز تلك السياسة، شكلت المملكة لجنة لمكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص في هيئة حقوق الإنسان، تضم وزارات: الداخلية، الخارجية، العدل، الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، الإعلام، والنيابة العامة، التعليم، الصحة، وهيئة حقوق الإنسان، مهمتها: متابعة أوضاع ضحايا الاتجار بالأشخاص لضمان عدم معاودة إيذائهم، ووضع سياسة تحث على البحث النشط عن الضحايا وتدريب الأفراد على وسائل التعرّف على الضحايا.
ومن بين مهامها التنسيق مع السلطات المختصة لإعادة المجني عليه إلى موطنه الأصلي في الدولة الذي ينتمي إليها بجنسيته، أو إلى مكان إقامته في أي دولة أخرى متى طلب ذلك، والتوصية بإبقاء المجني عليه في المملكة وتوفيق أوضاعه النظامية بما يُمكّنه من العمل إذا اقتضى الأمر ذلك.
وتم تسريع جهود المكافحة، فإلي جانب المنظومة القانونية، انضمت المملكة لعددٍ من الاتفاقيات والبروتكولات الدولية، كما تم توقيع عدة مذكرات تعاون مع المنظمات والجهات الدولية ذات الصلة، بالإضافة إلى التعاون المحلي بين هيئة حقوق الإنسان والجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني، لتعزيز جهود منع ومكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، واتخاذ التدابير والإجراءات الوطنية لمواجهة هذه الجرائم.
ومن بين تلك الاتفاقيات والصكوك الإقليمية: البروتوكول العربي لمنع ومكافحة الاتجار بالبشر، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، والاتفاقية العربية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية 2010م، والاستراتيجية العربية الشاملة لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر.
يشار كذلك إلى الاتفاقيات والصكوك الدولية التي انضمت إليها المملكة، والتي من بينها: اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنيةلعام2000م، بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، وخطة عمل الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الاتجار بالأشخاص 2010م.
من ناحيتها، قالت المدير التنفيذي للهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان، التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي نورة بنت زيد مبارك الرشود، إن السعودية أظهرت التزاماً ثابتاً بتعزيز حقوق الإنسان على مستوى العالم سواء داخل منظمة التعاون الإسلامي أو في الأمم المتحدة، مستشهدة باستضافة الرياض أمانة هيئة حقوق الإنسان التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة، ما يدلل على قيادة المملكة ودعمها لمهمة منظمة التعاون الإسلامي.
وبصفتها رئيسًا للقمة الرابعة عشرة لمنظمة التعاون الإسلامي، عززت المملكة العربية السعودية التزامها بتعزيز حقوق الإنسان في العالم الإسلامي، وعززت التعاون الدولي في هذا الصدد، وعالجت القضايا الإنسانية الملحة، بحسب الرشود، التي أكدت أن جهود الرياض ساهمت في تحقيق أهداف منظمة التعاون الإسلامي، بما يضمن حماية وتعزيز حقوق الإنسان