توصلت دراسة هي الأولى من نوعها إلى أن مركبات سامة موجودة في منتجات تجميل وعناية شخصية تُستخدم يومياً مثل واقي الشمس، وماسكارا مقاومة للماء، وأحمر الشفاه؛ يمكن أن تتسرب عبر بشرة الإنسان، وتدخل مجرى الدم، وتصبح “مواد كيميائية أبدية”.
وقال ستيوارت هاراد أحد المشاركين في تأليف الدراسة التي نُشرت هذا الأسبوع في مجلة “إنفايرومنت إنترناشونال” وأوردتها صحيفة “واشنطن بوست” اليوم (الأربعاء): “إذا وضعت بعض هذه المنتجات مباشرة على بشرتك، وتحتوي على مركبات البيرفلورو والبوليفلورو ألكيل، فهناك احتمال كبير لنقلها عبر الجلد إلى الدم”.
وتُعد مركبات البيرفلورو والبوليفلورو ألكيل، وتُعرف اختصارًا بـ PFAS، فئة من صنع الإنسان تضم آلاف المركبات المرتبطة بكربون-فلور، التي تم تطويرها لإضفاء خصائص مقاومة للدهون والماء والزيت والحرارة على المنتجات والطلاءات، وتُعرف هذه المركبات باسم “المواد الكيميائية الأبدية”، بسبب قدرتها على الثبات في البيئة لقرون.
الجلد يمتصها
ومن المعروف أن مركبات PFAS يمكن أن تدخل الجسم عن طريق الطعام والماء الملوثين، وكذلك عن طريق استنشاق الهواء الملوث، ولكن كان يُعتقد سابقًا أن هذه المركبات غير قادرة على اختراق حاجز الجلد، وتضيف هذه الدراسة إلى مجموعة الأدلة المحدودة التي تثبت أن التعرض الجلدي لمركبات PFAS يمكن أن يؤدي إلى امتصاصها عبر الجلد.
وتشمل الأمثلة على المنتجات، التي تحتوي على مركبات PFAS، والتي يمكن امتصاصها عبر الجلد مستحضرات التجميل المقاومة للماء مثل الماسكارا وأحمر الشفاه المطفي طويل المفعول والملابس المقاومة للماء، وذلك وفقًا لما ذكره غراهام بيسلي، أستاذ الفيزياء في جامعة نوتردام، الذي يختبر بشكل متكرر وجود مركبات PFAS في المنتجات اليومية. ولم يشارك بيسلي في هذه الدراسة.
ويمكن العثور على هذه المواد الكيميائية في مئات المنتجات المنزلية، ومنتجات العناية الشخصية والتجميل – بما في ذلك مستحضرات التجميل والملابس الواقية من الماء ومعقمات الأيدي والمنتجات الأخرى، التي تلامس الجلد البشري مباشرة، وقد ارتبطت مركبات PFAS بشكل عام بالعديد من أنواع السرطان والعقم وارتفاع الكوليسترول وانخفاض وزن المواليد، بالإضافة إلى التأثيرات السلبية على الكبد والغدة الدرقية وجهاز المناعة.
مخاطر صحية محتملة
وبيّن “هاراد” أن منتجات التجميل التي تحتوي على مركبات PFAS وتُطبق مباشرة على الجلد، تخترق حاجز الجلد بشكل أسرع من الأقمشة والملابس، التي تحتوي على PFAS؛ لأن مركبات PFAS في هذه المنتجات تحتاج أولًا إلى التحرر من المادة قبل أن يتم امتصاصها في الجلد عبر العرق أو الزيوت.
ومن جهتها، أعربت كاتي بيلش، عالمة الصحة البيئية في مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية، وهي مجموعة مناصرة، عن قلقها من أن الدراسة تثير مخاوف بشأن الاستحمام أو السباحة الروتينية في المياه الملوثة بمركبات PFAS.
وتفحص الدراسة نفس مجموعة المواد الكيميائية المرتبطة بالآثار المناعية والهرمونية والتطورية، بالإضافة إلى أنواع مختلفة من السرطان، وتشير “بيلش” إلى أن نوع التعرض لا يغير المخاطر الصحية المحتملة بمجرد دخول مركبات PFAS إلى الجسم.
وهناك ثماني ولايات أمريكية فقط اتخذت إجراءات لتقييد مركبات PFAS في منتجات العناية الشخصية، وقد فحصت الدراسة خمس مواد كيميائية مشمولة بمعيار مياه الشرب الجديد الصادر عن وكالة حماية البيئة.
وقال “هاراد”: “إن الخطوة التالية في البحث هي تعريض نماذج الجلد البشري المزروعة لمنتجات استهلاكية مختلفة تحتوي على مركبات PFAS ومراقبة الامتصاص، ويقترح على المستهلكين تجنب منتجات التجميل التي تحتوي على مركبات PFAS والبحث عن المنتجات الخالية من هذه المركبات”.
ولفت إلى أنه يتعين على الناس الدفع نحو التوعية، بما يتم استخدامه بالفعل في المنتجات، وأن يكونوا مستهلكين واعين لهذه الأمور.