الشعور بالوحدة قد ينتاب كثيرين في لحظات عابرة؛ لكن بالنسبة لآخرين قد تكون تلك الحالة مزمنة وليست عرضية؛ مما يؤدي إلى الإضرار بالصحة ويؤثر على الدماغ، ويزيد من خطر الإصابة بالخرَف وبعض الأمراض العصبية؛ حسب صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.
ويشير باحثون إلى أن الشعور بالوحدة ربما يظهر كنوع من الإشارات التي تحفّز الإنسان على البحث عن الرفقة؛ لكن تلك الإشارات ربما تفقد فاعليتها كجهاز تنبيه، تمامًا مثلما تتحول حالة الخوف العادية إلى مرض عقلي.
25% من البالغين يشعرون بـ”الوحدة”
ويشعر حوالى 25% من البالغين في العالم بـ”الوحدة الشديدة أو إلى حد ما”؛ بحسب استطلاع للرأي أجرته شركة ميتا لوسائل التواصل الاجتماعي المالكة لفيسبوك عام 2023، وشركة استطلاعات الرأي غالوب.
وحسب موقع “الحرة”، نقلت الصحيفة عن آنا فينلي، زميلة أبحاث ما بعد الدكتوراه في معهد الشيخوخة بجامعة ويسكونسن ماديسون، قولها، “إن نوبات الوحدة القصيرة والعابرة تحفّز الناس على البحث عن التواصل الاجتماعي”.
وأضافت: “لكن بالنسبة لنوبات الوحدة المزمنة؛ فإنها تأتي بنتائج عكسية نوعًا ما”.
الشعور بالوحدة وألزهايمر
ويُلفِت مختصون إلى وجود صلة بين الشعور بالوحدة وبين مرض ألزهايمر وأنواع أخرى من الخرف والتدهور المعرفي.
وقالت نانسي دونوفان، مديرة قسم الطب النفسي في مستشفى بريغهام: إن “المستويات العالية من الشعور بالوحدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف”.
وأشارت إلى أن الأشخاص الذين يسجلون درجات أعلى في مقياس الشعور بالوحدة، لديهم مستويات أعلى من بروتينات تاو وأميلويد، وهي من السمات المميزة لمرض الزهايمر والتدهور المعرفي.
أضرار الوحدة تُعادل تدخين 15 سيجارة
في مايو 2023، قال الجراح العام للولايات المتحدة، فيفيك مورثي: إن الأضرار الناجمة عن الشعور بالوحدة تُعادِل مساوئ تدخين 15 سيجارة في اليوم؛ محذرًا في الوقت نفسه مما أسماه “وباء الوحدة والعزلة”.
وبحسب صحيفة “الجارديان” البريطانية، فقد دعا “مورثي”، إلى التعامل مع العزلة الاجتماعية على أنها تهديد للصحة العامة مثل السمنة وإدمان المخدرات.
ويعتقد العلماء أن التوتر والالتهاب الناجم عن الشعور بالوحدة يساهم على الأرجح في ظهور أو تسريع بعض الأمراض العصبية لدى كبار السن.
وقالت دونوفان: إن “الشعور بالوحدة يؤثر على نظام القلب والأوعية الدموية، ويزيد من ضغط الدم ومعدل ضربات القلب، ويمكن أن يكون له تأثير ضار على الدماغ”.
ويوضح باحثون أن الشعور بالوحدة يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالاكتئاب، وهو حالة أخرى تزيد من خطر الإصابة بالخرف. كما أن الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة هم أقل عُرضة لممارسة النشاط البدني وأكثر عرضة للتدخين.
وقالت “إلين لي”، الأستاذة بجامعة كاليفورنيا في سان دييغو: إن “كل تلك العوامل المختلفة يمكن أن تؤثر على أدمغتنا، كما أنها تقود للانتقال من الشعور بالوحدة إلى الخرف والتدهور المعرفي”.
نصيحة الخبراء
ولتفادي الشعور بالوحدة وما يترتب عليه من تأثيرات؛ ينصح الأطباء والباحثون بالحرص على تكوين صداقات جديدة، سواء كان ذلك من خلال دروس الفن أو الفِرَق الرياضية أو مجموعات الدعم أو فرص التطوع؛ لأن الهدف هو أن تضع نفسك في الأماكن التي يجتمع فيها الناس معًا.