إن حالات رائحة الفم الكريهة ورائحة الجسم ورائحة القدمين السيئة، ربما لا تمثل خطرًا على حياة الإنسان، إلا أنها لا تزال قادرة على إصابته بالإحباط والتأثير على نوعية حياته، بحسب ما جاء في تقرير نشرته “ديلي ميل” Daily Mail البريطانية حول المشاكل الصحية، التي لا يحب أحد أن يتحدث عنها، والتي ربما لا يلاحظ الشخص نفسه في بعض الأحيان أنه مصاب بها.
رائحة الفم الكريهة
وتشير التقديرات إلى أن رائحة الفم الكريهة تؤثر على ما يصل إلى 40% من البشر في مرحلة ما. يقول دكتور ميرفين درويان، جراح الأسنان في لندن، إنه يرى بانتظام مرضى منعزلين اجتماعيًا تمامًا لأنهم يشعرون بالحرج الشديد من رائحة أنفاسهم.
ويقول دكتور درويان إن “المفارقة هي أن هذا النوع من المشاكل قابل للحل تمامًا، لكن البعض يشعرون بالحرج الشديد” من اللجوء لمتخصص لطلب المساعدة”.
ومن الطبيعي تمامًا أن يكون لدى الشخص “رائحة نفس صباحية”، والتي تنجم عن جفاف الفم أثناء الليل وتراكم البكتيريا ذات الرائحة الكريهة، ولكنها مشكلة تنتهي بمجرد تناول مشروبًا وتنظيف الأسنان. كما أن هناك أسباب أخرى لرائحة الفم غير المستحبة المؤقتة، والتي تشمل تناول بعض الأطعمة مثل البصل أو الثوم، لأنها تحتوي على مركبات الكبريت الطبيعية. هذا إلى جانب الرائحة التي يتسبب بها التدخين.
إن معظم حالات رائحة الفم الكريهة المستمرة تنتج عن تراكم البكتيريا، إذ أن هناك حوالي 100 مليون بكتيريا تعيش في الفم، وهناك 15 نوعًا يعتقد أنها مرتبطة برائحة الفم الكريهة.
ويقول ستيفن بورتر، أستاذ طب الفم والأسنان في “لندن كوليدج”: “إن جميع حالات رائحة الفم الكريهة تقريباً تعود إلى مشاكل نظافة الفم. إذا لم يقم الشخص بإزالة الطعام المتبقي في فمه، فسوف تقوم البكتيريا بتفكيك البقايا، وتنتج مركبات الكبريت المتطايرة، والتي تسمى أحيانًا الكبريتيدات”.
ولكن يمكن، في بعض الأحيان، أن تكون رائحة الفم الكريهة أحد أعراض اضطراب طبي كامن، بما يشمل التهابات الجيوب الأنفية أو اللوزتين، بالإضافة إلى ارتجاع الحمض.
ويقول بروفيسور بورتر يمكن أن يكون من أسباب رائحة الفم غير المستحبة التقدم في العمر أو كأثر جانبي للعلاجات الدوائية، أو التهاب المعدة، الذي تسببه عدوى البكتيريا الملوية البوابية، والتهابات الصدر، وسرطان الرئة، والسكري غير المشخص، أو الحالات النادرة لفشل الكبد أو الفشل الكلوي”.
حالات زائفة
ويقول بروفيسور بورتر إن البعض يشعرون بأنهم يعانون من رائحة الفم الكريهة في حين أنهم لا يعانون منها في الواقع، وهي حالة تسمى رائحة الفم الكريهة الزائفة، مشيرًا إلى أنه يكون “من الصعب للغاية إقناعهم بأنهم لا يعانون من هذه المشكلة”، وبالفعل يمكن أن يكون هذا اضطرابًا معيقًا بشكل ملحوظ حيث يدرك الشخص أن كل من حوله يعتقد أن لديه رائحة الفم الكريهة، وربما يترتب عليه مشاكل كبيرة في الحفاظ على العلاقات، أو تغيير الشخص لوظيفته.
ويقول جراح الأسنان ميرفين درويان إن علاج رائحة الفم الكريهة يجب أن يركز على نظافة الفم الجيدة، موضحًا أنه “عادةً ما تتحلل الخلايا الموجودة في بطانة الفم كل يومين إلى أربعة أيام، ويحملها اللعاب الذي تنتجه بعيدًا”.
لكن لدى بعض الأشخاص، تتجدد الخلايا بسرعة أكبر وتتحلل كل ست إلى ثماني ساعات، مما يؤدي إلى إطلاق الكبريتيدات، التي تتراكم وتسبب رائحة الفم الكريهة.
خطوات بسيطة للغاية
إن الأشياء البسيطة، التي يمكن القيام بها لمنع ظهور رائحة غير مستحبة للفم، تشمل عدم تخطي وجبات الطعام لأن تناول الطعام يحفز تدفق اللعاب، وشرب المزيد من الماء، ومضغ العلكة الخالية من السكر أو النعناع وتناول وجبات خفيفة من الفاكهة بين الوجبات لأنها تحتوي على نسبة عالية من الماء.
وبالإضافة إلى تنظيف الأسنان واللثة واللسان، يوصي دكتور درويان بإزالة الطعام بين الأسنان بالخيط واستخدام غسول الفم، الذي يحتوي على مادة الكلورهيكسيدين الكيميائية، التي تعمل على تحييد الكبريتيدات، و/أو معجون أسنان يحتوي على شكل مخفف من ثاني أكسيد الكلور، الذي يعمل على تفكيك مركبات الكبريت في الفم بدلاً من مجرد إخفاء الرائحة.
رائحة عرق سيئة
وينتج جسم الإنسان نوعين من العرق، هما العرق المائي للتبريد، والسائل الدهني الذي يمكن أن يكون مرتبطًا بالانجذاب الجنسي.
ينتج النوع الأول عن الغدد المفرزة للعرق، التي توجد في باطن القدمين وكف اليدين والجبهة والخدين والإبط. إذا أصبح الجسم ساخنًا جدًا، فإن الغدد العرقية الموجودة في الجلد تنتج المزيد من العرق.
إن العرق في حد ذاته ليس له رائحة، وتحدث الرائحة عندما يبقى العرق على الجلد لفترة طويلة وتقوم البكتيريا بتكسير البروتينات الموجودة فيه، مما يؤدي إلى رائحة غير مستحبة أو كريهة.
إن النوع الثاني من العرق تنتجه الغدد المفرزة الموجودة في الإبطين والأعضاء التناسلية والحلمات، التي تفرز سائلًا زيتيًا مليئًا بالدهون والبروتين.
وعلى الرغم من أن النوع الثاني عديم الرائحة عند إطلاقه، إلا أنه بمجرد وصول هذا العرق إلى الجلد فإنه يتفاعل مع البكتيريا مثل المكورات العنقودية البشرية، مما ينتج عنه منتجات ثانوية كريهة الرائحة.
فرط التعرق
ويعاني حوالي 4% من الأشخاص من فرط التعرق والذي ينقسم إلى نوعين هما فرط التعرق الأولي، الذي ليس له سبب أساسي، وفرط التعرق الثانوي، الذي يرتبط بمشاكل الغدة الدرقية والآثار الجانبية للأدوية.
ويمكن لمرض السكري الذي لا يتم التحكم فيه بشكل جيد أن يسبب فرط التعرق لأن انخفاض السكر يؤدي إلى إنتاج الهرمونات وإفراز العرق.
ويؤثر فرط التعرق بشكل شائع على اليدين والقدمين وتحت الإبطين والوجه والرأس، حيث تحتوي هذه المناطق على تركيز أعلى من الغدد العرقية. ويتعرق هؤلاء الأشخاص بشكل مفرط بغض النظر عن درجة الحرارة المحيطة بهم.
وتشمل العلاجات المتاحة دون وصفة طبية بخاخات مضادة للتعرق تحتوي على الألومنيوم والتي تسد الغدد العرقية وعوامل مضادة للبكتيريا لقتل البكتيريا. وبالنسبة لفرط التعرق، تتوفر بعض العلاجات الموضعية بطريقة الحقن، والتي تعمل على منع الإشارات من الدماغ إلى الغدد العرقية، وهي فعالة بشكل خاص في منطقة الإبط ويستمر تأثيرها ما بين 4 إلى 6 شهور.
ويقول دكتور عادل شيراز، استشاري الأمراض الجلدية في المستشفى الملكي المجاني في لندن، إن العلاجات الأخرى تكون عبارة عن أدوية مضادات الكولين، التي تثبط الإفرازات في الجسم، ولكنها يمكن أن تسبب جفاف العين والفم، مشيرًا إلى أن هناك أسلوب علاجي دائم للتعرق تحت الإبط يستخدم طاقة الميكروويف لتدمير ما يصل إلى 82% من الغدد العرقية في المنطقة المصابة.
ويقول دكتور ساتش موهان، طبيب التجميل، إن العلاج باستخدام موجات الميكروويف كان متاحًا في السابق فقط لمن يعانون من التعرق، ولكنه الآن مرخص للاستخدام في الأشخاص الذين يشعرون بالقلق من التعرق فقط، مثل الأشخاص، الذين يقدمون عروضهم مباشرة على التليفزيون أو من لا يرغبون في إظهار مدى تأثر أعصابهم” للمنافسين، على سبيل المثال، أثناء ممارسة في بعض اللعبات أو الأنشطة.
رائحة الأحذية
وتتسبب بعض أنواع الأحذية الرياضية والجوارب والصنادل والأحذية في ظهور رائحة كريهة للأقدام نتيجة لتكاثر البكتيريا على العرق وتراكمها في منطقة القدم.
ويقول استشاري طب القدمين ماثيو فيتزباتريك، المتحدث باسم “الكلية الملكية لطب القدمين”، إنه لا يوجد أحد لديه رائحة كريهة للأقدام بطبيعتها، وأن الأمر كله يرجع إلى سوء النظافة.
ويقول: “لا يوجد رائحة للعرق، بل تصدر الروائح عن البكتيريا، التي تحلل العرق على القدم، وإذا لم يتم غسلها والسماح لها بالتراكم في الجوارب والأحذية التي لا يتم تغييرها بانتظام، فإن رائحة القدمين تصبح سيئة”.
ويقول ماثيو فيتزباتريك إن “الأشخاص، الذين يعانون من فرط التعرق، يكونون أكثر عرضة لرائحة القدم الكريهة، وكذلك أولئك الذين يعانون من التهابات مثل العدوى الفطرية في قدم الرياضي”.
تحسين رائحة القدمين
ويمكن تجنب ارتداء نفس الحذاء لمدة يومين متتاليين واختيار أنواع أحذية تسمح بالتهوية والأحذية الرياضية التي تحتوي على عنصر قابل للامتصاص أو أجزاء تحتوي على ثقوب. وبالطبع يجب ارتداء جوارب نظيفة كل يوم، مع مراعاة اختيار الجوارب القطنية – أو غيرها من الألياف الطبيعية – لتسمح للقدمين بالتنفس.
وينصح ماثيو فيزباتريك قائلًا: “إن العلاج الرئيسي لرائحة القدمين الكريهة هو الوقاية، من خلال الحفاظ على نظافة القدمين وتغيير الحذاء بانتظام. ويمكن نقع القدمين في الماء مع بضع قطرات من زيت شجرة الشاي، الذي له خصائص مضادة للبكتيريا والفطريات.
ويضيف فيتزباتريك: “إن هناك لغسل القدمين جيدًا وفركهم وتجفيفهم بشكل دقيق قبل ارتداء الجوارب”، ناصحًا “بملء بخاخة نباتات بلاستيكية بالكحول الجراحي ورش القدمين، مما يسمح بتجفيفهما قبل ارتداء الجوارب، ولقتل البكتيريا”. ويحذر من استخدام تلك الطريقة يوميًا وكذلك يؤكد أن اللجوء إلى برمنجنات البوتاسيوم لقتل البكتيريا وجعل القدمين أيضًا بيئة غير مضيافة لهذا النوع يؤدي إلى تحول الأظافر إلى اللون البني وله تأثير جاف جدًا، لذا يجب استخدامه على المدى القصير فقط.