يعتبر مظهر الوجه من الأمور الحيوية للتعرف والتواصل البشري والتعبير عن المشاعر، والتي يمكن التعبير عنها بواسطة حركة عضلات الوجه، ويمكن أن تتغير تعبيرات الوجه عندما يتم تحفيز الدماغ بأي من الحواس البشرية العديدة.
وبحسب ما نشرته “ديلي ميل” البريطانية، تشير بعض الدراسات العلمية إلى أن الوجوه يمكن أن تكشف تفاصيل خفية عن بعض السمات الشخصية، من خلال شكل الحاجبين مرورًا بحركة العينين ووصولًا إلى حجم الخدين.
الحواجب
سواء كان الحاجب مرتفعًا فضوليًا أو عبوسًا عميقًا، فإنه جزء معبر للغاية عن الوجه، وتوضح دراسة أجراها باحثون من جامعة يورك، أنه قد يكون الحاجب جزءًا حيويًا من تطورنا البشري.
ويشير البحث إلى أن الحواجب البارزة أعطت الأسلاف القدرة على إيصال نطاق أوسع من المشاعر، مما ساعدهم على تكوين روابط اجتماعية حيوية.
وقالت الدكتورة بيني سبيكينز، الباحثة المشاركة في الدراسة: “إن الحركات الصغيرة للحاجبين هي أيضًا عنصر أساسي في تحديد الجدارة بالثقة والخداع”، مشيرة إلى أنه “على الجانب الآخر، فقد تبين أن الأشخاص الذين خضعوا للبوتوكس الذي يحد من حركة الحاجب هم أقل قدرة على التعاطف والتفاعل مع مشاعر الآخرين”.
إن مجرد الحصول على حواجب كبيرة يمكن أن يجعل الشخص يبدو أكثر جدارة بالثقة والتعاطف. ولكن، وفقًا لما توصل إليه باحثون من جامعة غلاسكو، من المهم أيضًا تحديد مكان الحاجبين على الوجه، حيث قاموا بتحليل الأحكام السريعة التي يصدرها الناس واكتشفوا أن الوجوه ذات الحواجب المرتفعة تعتبر أكثر ثراء وجديرة بالثقة وأكثر دفئا.
ومن ناحية أخرى، يعتبر انخفاض الحواجب علامة على عدم الجدارة بالثقة. ولكن لاحظ الباحثون أن هذا ربما يكون انعكاسًا للصور النمطية أكثر من كونه اختلافًا حقيقيًا في الشخصية.
وقالت الدكتورة ثورا بيورنسدوتير، عالمة النفس من جامعة ستيرلنغ والباحثة المشاركة في البحث، “إن نتائج الدراسة تميل إلى المبالغة في التعميم من خلال مجموعة من الملاحظات”، التي ترى أنها “مفيدة اجتماعيًا للغاية”.
الأفواه
لا يحتاج الأمر إلى طبيب نفساني ليقول إن الشخص الذي يبتسم أكثر يمكن أن يكون أكثر سعادة، لكن الفم يلعب أيضًا دورًا حيويًا في الانطباعات عن الآخرين.
توصلت نفس الدراسة التي أجرتها جامعة غلاسكو، إلى أن الوجوه ذات الأفواه المقلوبة يُنظر إليها على أنها أكثر فقراً وأقل كفاءة وأكثر برودة وغير جديرة بالثقة.
توضح الدكتورة بيورنسدوتير أن هذه التصورات قد يكون لها أيضًا جذور في بعض الملاحظات الصحيحة والمفيدة اجتماعيًا، وترجع أهميتها إلى الناحية التطورية، حيث إن البشر حساسون للغاية للاختلافات الدقيقة في شكل الأفواه وكيفية ارتباطها بالعاطفة والجدارة بالثقة.
وقالت الدكتورة بيورنسدوتير: “في بحثنا، اكتشفنا أنه بسبب الروابط النمطية بين الطبقة الاجتماعية وسمات معينة، [فإن] هناك تداخلا في ملامح الوجه يؤدي إلى أحكام كل من الطبقة الاجتماعية وهذه السمات”.
وتشير إلى أن العوامل الاجتماعية والاقتصادية ربما تشكل في الواقع وجوه الناس بطرق خفية يستطيع البشر التعرف عليها، شارحة أن الفكرة الأساسية هي أن الأشخاص الذين يتمتعون بمزيد من الرفاهية يقضون وقتًا أطول في إظهار مشاعر أكثر سعادة مثل الابتسام.
أشكال الوجه
سواء كان وجه الشخص عريضًا أو مربعًا أو ضيقًا، فربما يعكس أيضا طبيعته أو سماته الشخصية، بل ويرجح بعض العلماء أن “نسبة عرض الوجه إلى الارتفاع” أو fWHR يمكن أن تكون في الواقع علامة مهمة على مجموعة كاملة من سمات الشخصية.
ربطت الدراسات بين الرأس العريض والمربع أو نسبة عرض الوجه إلى الارتفاع وعدد من السمات المتعلقة بالهيمنة والعدوان والسلوك الذكوري النمطي، حيث كشفت نتائج دراسة أجريت في جامعة يوهان فولفغانغ غوته في فرانكفورت، أن ارتفاع معدل نسبة عرض الوجه إلى الارتفاع كان مؤشرًا على الميول السيكوباتية، وأن الرجال ذوي الوجوه العريضة كانوا أكثر عرضة لإظهار “الاندفاع المتمركز حول الذات” و”الهيمنة الجريئة”.
وفي دراسة أخرى، خلص باحثون من جامعة نيبيسينغ إلى أن الأشخاص ذوي الوجوه العريضة كانوا أكثر عرضة للغش أثناء وجودهم في علاقات عاطفية.
وفي الوقت نفسه، تشير نتائج دراسة، أجراها باحثون في جامعة نيو ساوث ويلز، إلى أن أصحاب شكل الوجه المربع يميلون إلى يكونوا أكثر عدوانية من الأشخاص ذوي الوجوه البيضاوية الشكل. ويوضح الباحثون أن الوجوه المربعة للشباب الذكور يمكن أن تكون بمثابة إشارة إلى القوة البدنية، ولهذا السبب يتم اعتبارهم أكثر عدوانية.
الفك
يمكن أن يكون الفك المنحوت هو المظهر المثالي. في إحدى الدراسات التي أجريت عام 2022، تم قياس وجوه 904 طلاب جامعيين في الصين للنظر إلى ما يسمى “زاوية خط الفك السفلي”، وهو عبارة عن مقياس لمدى تربيع الفك، ويتم قياسه عن طريق قياس الزاوية بين الخط الأفقي والخط المرسوم حول الذقن.
بعدما أخضع الباحثون الطلاب لاختبار لـ 16 عاملاً في الشخصية، كشفت النتائج أن زاوية خط الفك السفلي، التي تعطي فكًا مربعًا، كانت مرتبطة بشكل إيجابي بعدد من السمات، من بينها الجرأة والثقة الاجتماعية.
يشير الباحثون إلى أن النتائج تُعزى إلى عملية تسمى “معايرة الشخصية الاختيارية”، والتي يقوم الشخص من خلالها بتنمية شخصيته لتتناسب مع سماته الجينية. وعلى الرغم من أن الفك المربع والثقة لا تربطهما علاقة وراثية أو سبب أساسي مشترك، لكن ربما يتلخص الأمر بشكل أساسي في حقيقة أن الأشخاص ذوي الفك المربع يُنظر إليهم على أنهم أكثر جاذبية وبالتالي يستمتعون عمومًا بتفاعلات اجتماعية أكثر إيجابية، مما يجعل أصحابه أكثر ثقة بأنفسهم.
كما توصلت إحدى الدراسات التي أجراها باحثون من جامعة ماكواري في سيدني، إلى أن الوجوه النحيلة يُنظر إليها على أنها أكثر صحة، إذ ترتبط الوجوه ذات الدهون الأقل في الوجه حول الخدين والذقن بضغط دم جيد، ومؤشر كتلة الجسم الصحي، وانخفاض نسبة الدهون في الجسم.
العيون
يُقال في الكثير من الأحيان إن العيون هي نوافذ الروح، وعلى الرغم من أن العلماء قد لا يذهبون إلى هذا الحد، إلا أنها يمكنها في الواقع إخبارنا بالكثير عن الشخص. إن أفضل طريقة للتعرف على شخص ما من خلال عينيه هي تتبع المكان الذي ينظر إليه.
استخدم البحث الذي أجراه عالم النفس في جامعة برانديز، تتبع العين لاكتشاف أن المتفائلين قد يرون العالم حرفيًا من خلال “نظارات وردية اللون”.
عُرضت على المشاركين سلسلة من الصور لموضوعات تتراوح من الإيجابية إلى السلبية. وكشفت النتائج أن أولئك الذين حصلوا على درجة عالية من التفاؤل يقضون وقتًا أقل بكثير في النظر إلى المحفزات السلبية.
وبالمثل، استخدمت ورقة بحثية نُشرت عام 2018 في دورية Frontiers in Human Neuroscience، الذكاء الاصطناعي لتتبع حركات العين لـ 42 مشاركًا أثناء قيامهم بمهمات في الحرم الجامعي.
ومن خلال نتائج استبيانات الشخصية، اكتشف الباحثون أن حركات العين كانت مؤشرا جيدا لبعض سمات الشخصية.
وكتب الباحثون: “تظهر النتائج التي توصلنا إليها وجود تأثير كبير للشخصية على التحكم في حركة العين اليومية”.
على وجه الخصوص، اكتشفوا أن الأشخاص الذين لديهم درجات أعلى في العصابية، وهي سمة مرتبطة بالضيق والقلق، يميلون إلى رمش العين بشكل متكرر أكثر من المشاركين الآخرين.