قد يظن البعض أن سر الحفاظ على صحة الشباب يكمن في إعادة الزمن إلى الوراء باستخدام الجرعات والأنظمة “السحرية”؛ لكن فريقًا من الباحثين يقول إنه يمكن تحقيق نتائج “واعدة” من خلال استهداف ساعاتنا الداخلية.
وافترض الباحثون في الولايات المتحدة، أنه يمكننا تعزيز صحتنا الجسدية والعقلية -وحتى إبطاء الشيخوخة- من خلال تبنّي عادات يومية للمساعدة في الحفاظ على تزامن ساعاتنا الداخلية المختلفة بشكل صحيح حتى تعمل بكفاءة مثالية.
وتعمل ساعة الجسم الجزيئية الداخلية بدورة يومية لتنظيم الوظائف الحيوية مثل النوم والشهية والتمثيل الغذائي؛ فيما يسمى الإيقاع اليومي.
والآن يُعتقد أن الساعات البيولوجية موجودة في كل خلية وأنسجة في أجسامنا تقريبًا، مع وجود “ساعة رئيسية”، تسمى النواة فوق التصالبية، في الدماغ.
ومع تقدمنا في العمر -وفق “روسيا اليوم”- يمكن أن تصبح أجهزة ضبط الوقت البيولوجية لدينا غير متزامنة مع بعضها؛ وفقًا لبحث أجرته جامعة نورث وسترن في الولايات المتحدة، نشر في مجلة Chaos.
وقد يعني هذا أن الأجهزة الحيوية لتنظيم وظائف الجسم والدماغ لا تعمل بشكل صحي متزامن كما كانت تفعل عندما كنا أصغر سنًّا.
ويربط البحث بشكل متزايد، بين “عدم مزامنة الساعة البيولوجية” ومشاكل خطيرة مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والسمنة والسكري من النوع الثاني والسرطان، حسب ما حذّر العلماء.
علاوة على ذلك، فإن الضرر ليس جسديًّا فقط؛ وفقًا لبحث أجراه علماء الأحياء في جامعة ولاية كليفلاند في الولايات المتحدة.
وفي مراجعة نُشرت العام الماضي في مجلة Nature Reviews Neuroscience، قدموا أدلة على أن ساعتنا البيولوجية تنظم وظائف مهمة مثل أنظمة الجسم لإصلاح الحمض النووي الخاطئ، وكذلك عملية صيانة حيوية تسمى الالتهام الذاتي، والتي تنظف دماغنا من الخلايا التالفة.
وحذّر باحثو كليفلاند من أن إيقاعات الساعة البيولوجية “تتأثر بشكل كبير بالشيخوخة؛ مما يمكن أن يساهم في التدهور المعرفي للدماغ المتقدم في السن”.
وقالوا إن إيقاعات الساعة البيولوجية تكون “مضطربة بشكل ملحوظ” لدى المرضى الذين يعانون من مرض ألزهايمر ومرض باركنسون؛ مما يشير إلى أن الساعات غير المتزامنة قد تكون مسؤولة جزئيًّا على الأقل عن هذه الحالات.
وأوضح فريق البحث أن التجارب التي أجريت على القوارض، التي تعاني من أعراض تشبه أعراض الخرف، لاستعادة دقة ساعاتها البيولوجية، أدت إلى تحسين “الأداء المعرفي” لديها وزيادة عمرها الافتراضي.
واقترح تقرير نُشر في مجلة Nature Reviews Endocrinology، أنه إذا تمكنا من تعزيز تزامن أفضل للساعة البيولوجية في وقت لاحق من الحياة؛ فإن هذا قد “يؤخر بشكل فعال عملية الشيخوخة”، لأن أجسامنا ستدير نفسها بشكل أكثر كفاءة.
وأوضح الباحثون في جامعة نورث وسترن أن الساعات البيولوجية المختلفة تعتمد على إشارات خارجية مختلفة لضبط نفسها كل يوم.
وقال الدكتور يتونغ هوانغ، الذي قاد الدراسة: إن ساعة الدماغ تعتمد على ضوء الشمس.. على سبيل المثال، في حين أن الأعضاء الطرفية -مثل الكبد- تقوم بمعايرة نفسها حسب أوقات الوجبات.
وحذّر من أن تناول الطعام في الأوقات الخاطئة -مثل تناول وجبة منتصف الليل- قد يكون ضارًّا بشكل خاص.
لذا فإن توقيت تناول الطعام يعزز تزامن الساعة البيولوجية، كما أن تقييد السعرات الحرارية يحسّن تزامن الساعة الداخلية لدينا، عن طريق تحسين نشاط ساعات الجسم التي تعمل على تقليل الالتهابات الضارة وحماية خلايا الدماغ من التلف.