يعاني الكثيرون من مشاكل في النوم بسبب المخاوف المستمرة التي تغمر عقولهم. إن عبء المخاوف التي لم يتم حلها يمكن أن يجعل الاسترخاء والحصول على نوم مريح أمرًا صعبًا. يمكن للأفكار حول العمل والعلاقات والصحة وغيرها من القضايا أن تبقي الكثيرين مستيقظين في الليل، مما يخلق دائرة من القلق والحرمان من النوم. إن معالجة هذه المخاوف وإدارتها أمر بالغ الأهمية لتعزيز تجربة نوم هادئة وتجديد النشاط، بحسب ما جاء في تقرير نشرته صحيفة “Indian Express”.
يمكن من خلال استخدام تقنية بسيطة، تنحية المخاوف جانباً وإفساح المجال للفوز بليلة من النوم المريح. إنها تقنية “وقت القلق”، وهي عبارة عن “أسلوب معرفي سلوكي فعال للسيطرة على القلق والقلق المفرط”. قال الدكتور فيبول غوبتا، رئيس قسم الجراحة العصبية التدخلية والرئيس المشارك لوحدة السكتات الدماغية بمستشفى أرتميس في الهند، إن هذه الطريقة تهدف إلى إبقاء المخاوف تحت السيطرة ومنعها من التحكم في أفكار الشخص طوال اليوم.
أوضح الدكتور غوبتا أن نهج وقت القلق يساعد على استعادة السيطرة على الأفكار ويمنع القلق المفرط من التدخل في حياة المرء اليومية عن طريق الحد من القلق لفترة معينة من الوقت، مضيفًا أن الشخص “قد يجد أنه من الأسهل التعامل مع مخاوفه وأن يشعر بقلق أقل خارج وقت القلق المحدد إذا خصص قدرًا معينًا من الوقت للقيام بذلك”.
ترى الدكتورة سمية مودغال، استشاري أول الصحة العقلية والعلوم السلوكية في مستشفى ماكس سوبر التخصصي بالهند، أن الخبراء يستخدمون هذه التقنية لمساعدة الأشخاص الذين يقلقون كثيرًا بشأن المشكلات الصغيرة أو الكبيرة ويواصلون التفكير فيها باستمرار. “وكما نقول في التشويه المعرفي، فإنهم يميلون إلى تضخيم المشكلة ثم تعميم المشكلة، وهذا يخلق قلقًا بدوام كامل للشخص، ويبدو أن كل شيء يمثل تحديًا. لذا، تساعد تقنية القلق الشخص على معالجة مخاوفه بشكل أفضل.
وشرح الدكتور غوبتا كيف يمكن أن تساعد هذه التقنية في النوم، وقال إنه من خلال تقليل الأفكار المتطفلة والقلق التي تمنع البعض في كثير من الأحيان من النوم أو البقاء نائمين، يمكن أن يكون نهج وقت القلق مفيدًا جدًا في التشجيع على النوم بشكل أفضل.
وقال إنه “باستخدام هذه الاستراتيجية، يمكن تخصيص فترة من الوقت بين المخاوف والذهاب إلى الفراش، مما يساعد العقل على تخفيف الضغط والهدوء قبل الليل. من خلال تحديد فترة زمنية محددة في وقت مبكر من اليوم للتفكير في القلق، فإنه يوفر فرصة لتدوين مخاوفه، مما يقلل من بعض العبء المعرفي ويمنع تلك المخاوف من التسلل إلى أفكاره ليلاً”.
وسلط الدكتور غوبتا الضوء على أن وضع حدود للقلق وإنشاء منطقة خالية من القلق كجزء من الروتين الليلي للمساعدة في تحسين القدرة على النوم. “تنخفض مخاطر المخاوف الناشئة عندما يحاول الشخص النوم عن طريق حل المشكلات وتخطيط العمل خلال فترة القلق المخصصة، مضيفًا أنه “بعد الفترة المعنية، يساعد استخدام طرق الاسترخاء على تخفيف الضغط وتحويل الانتباه عن المشاكل”، مشيرًا إلى أن كمية ونوعية النوم يمكن أن تتأثر بشكل كبير بالمخاوف، لأنه يصعب على المرء الاسترخاء والدخول في حالة تحفز على النوم عندما ينشغل ذهنه بالقلق.
أضاف الدكتور غوبتا أنه “ربما يكون من الصعب أن يغفو الشخص بسبب نشاط الدماغ المستمر الناتج عن الأفكار المتسابقة، أو المخاوف بشأن المستقبل، أو القلق بشأن الأحداث المزعجة. حتى لو تمكن من النوم، فإن القلق قد يبقيه مستيقظًا طوال الليل، مما يؤدي إلى نوم غير منتظم واستيقاظ عدة مرات أثناء الليل. نتيجة لذلك، يكون هناك انقطاع في الاستمرارية، مما يمكن أن يجعل الشخص يشعر بالإرهاق في الصباح. كما قد تؤدي المخاوف إلى تفاقم الأرق وتجعل النوم أكثر صعوبة “.
وقالت الدكتورة مودغال إن الخبراء ينصحون “في معظم الأحيان، بتحديد وقت القلق قبل وقت نومهم لمدة 10 إلى 20 دقيقة وعدم القلق بشأنه طوال الليل”. يساعد “وقت القلق” على التفكير في المشكلة التي تزعج الشخص، وبالتالي فإن الشخص يجب أن يفهم أن أي مشكلة تقلقه يمكن حلها إذا قسمها إلى أجزاء تشمل تحديد المشكلة وكيفية حلها أو كيفية التعامل معها إذا لم يمكن حلها. واتباع الخطوات التالية لتحديد “وقت قلق” ناجح ومفيد:
• تهيئة بيئة سلمية: البحث عن مكان هادئ ومريح يمكن التفكير فيه دون انقطاع. يمكن أن تساعد البيئة السلمية في التركيز والانخراط تمامًا في نشاط الوقت المعني.
• تدوين قائمة المخاوف: تساعد كتابة قائمة المخاوف في إخراجها وتمنح المُستخدم نقطة مرجعية دقيقة للفكر وحل المشكلات.
• التدرب على تقنيات الاسترخاء: بمجرد توقف القلق، يحاول الشخص الاسترخاء عن طريق أخذ أنفاس عميقة أو التأمل أو القيام بشيء يحبه. تشجع تلك الخطوات على تهيئة حالة ذهنية أكثر هدوءً ويساعد على التركيز على شيء آخر بدلاً من المخاوف.