اعتبر مراقبون ومحللون عسكريون أن المناورة الجوية الأضخم في تاريخ حلف شمال الأطلسي “إير ديفندر 23″، ستكون بمثابة رسالة لردع “التوتر الجوي” بين دول الحلف وروسيا، بعد تكرار حوادث الاحتكاك بين المقاتلات خلال الأسابيع الماضي.
وتشهد مناورات “إير ديفندر 23″، التي تستضيفها ألمانيا وبدأت منذ يوم الاثنين وحتى 23 يونيو الجاري، مشاركة 10 آلاف جندي و250 طائرة عسكرية من 25 دولة عضو في الأطلسي وشريكة له، بما فيها اليابان والسويد الدولة المرشحة لعضوية الحلف.
وتهدف التدريبات إلى تعزيز قابلية التشغيل البيني والاستعداد للحماية من هجمات الطائرات والطائرات بدون طيار والصواريخ على المدن والبنية التحتية، على أن تشمل أنشطة التدريب الأخرى دعم القوات البرية ومهام الإجلاء.
توتر جوي بين الناتو وروسيا
بدوره، أوضح الباحث المتخصص في الشؤون العسكرية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، محمد منصور، أنه يمكن النظر للمناورة الراهنة في سياق تصاعد التوتر الجوي بين الحلف وموسكو، نظراً لتكرار الاحتكاكات الجوية بين مقاتلات الحلف التي تنشط في قواعد الناتو الجوية الأمامية، وبين المقاتلات الروسية التي تتحرك في نطاق البحر الأسود وبحر البلطيق.
وحدد “منصور” في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”، عددًا من المؤشرات الخاصة بتلك المناورة، قائلًا:
آخر الاحتكاكات بين مقاتلات الناتو وروسيا، ما حدث بين مقاتلتين روسيتين وطائرة أميركية بدون طيار في مارس الماضي في أجواء البحر الأسود، وكذلك اعتراض مقاتلة روسية في مايو الماضي، طائرتي دورية بحرية تابعتين للحلف فوق بحر البلطيق.
حادث البحر الأسود تسبب في زيادة احتمالات الاحتكاك الجوي بين الجانبين، خاصة بعد قرار كل من بريطانيا وألمانيا في مارس الماضي، الدفع بوحدات جوية للمشاركة في مهام “الشرطة الجوية” التابعة للحلف، والتي تتمركز في قواعد جوية بإستونيا ودول أخرى، وهو ما نظرت إليه موسكو في إطار عمليات تعزيز تواجد الحلف في دول أوروبا الشرقية، وزيادة أعداد المجموعات القتالية التابعة للحلف في دول البلطيق.
هذا التوتر الجوي، كانت “المناورات” من أبرز ملامحه التي تم رصدها خلال المرحلة السابقة، فقد تزايدت وتيرة المناورات الجوية التي نفذها الحلف خلال الأشهر القليلة الماضية، خاصة مناورات “Ramstein Alloy” الجوية، التي تقام منذ عام 2008 ثلاث مرات في العام في نطاق بحر البلطيق، وأجريت أحدث مرة في يناير الماضي.
تعتبر تدريبات الردع النووي “الظهيرة الثابتة”، التي تمت في أكتوبر الماضي، بمشاركة 60 مقاتلة، من أهم المناورات الجوية التي تم تنفيذها في الفترة السابقة، حيث تضمنت تنفيذ مقاتلات حلف الناتو تدريبات جوية مكثفة في المجال الجوي البلجيكي، بجانب المجال الجوي البريطاني وبعض أجزاء المجال الجوي لبحر الشمال، على بعد نحو 1000 كيلومتر من الأراضي الروسية.
حجم مناورات “إير ديفندر” ونطاقها يمكن اعتباره في حد ذاته رسالة لموسكو، مفادها أن الحلف متماسك ويستطيع حشد قوات جوية كبيرة في وقت قصير.
نطاق هذه المناورات له دلالة حيث يشمل 3 مناطق جوية رئيسية، الأولى تشمل شمال غرب ألمانيا وهولندا والدنمارك، والثانية تشمل شرق ألمانيا وصولاً إلى حدود بولندا وجمهورية التشيك، والثانية تشمل جنوب غرب ألمانيا ولوكسمبورغ، وهو ما يعني أن أجزاء مهمة من أجواء بحر الشمال وبحر البلطيق سوف يتم تضمينها في هذه المناورات.
على المستوى العملياتي، تتضمن هذه المناورات، التي يتوقع أن تشهد تنفيذ نحو 2000 طلعة جوية، اختبار قدرة القوات الجوية التابعة لحلف الناتو على الاستجابة السريعة في حالات الطوارئ لهجوم خارجي على إحدى دول الحلف.
تفاصيل المناورة
وفق الناتو، فإن الهدف الأساسي لتلك المناورة التي تشهد أكبر انتشار للقوات الجوية في تاريخ الحلف، هو تنظيم العمليات الجوية مع القوات الجوية الحليفة والشريكة، حيث ينصب التركيز على تحقيق أقصى قدر من التعاون بين الدول وتوسيع نطاقه.
تستند المناورة إلى سيناريو دفاع جماعي يعرف أيضا باسم سيناريو المادة 5، حيث ينشر الحلفاء قواتهم الجوية في ألمانيا للقتال ضد قوات الاحتلال المختلطة من خصم وهمي.
خلال العمليات المشتركة، تثبت القوات الجوية للحلف القدرة على الدفاع عن أراضي الناتو بإجراءات حاسمة سريعة.
تشمل المناورة أيضا تدريبا عملياتيا وتكتيكيا، خصوصا في ألمانيا وأيضا في جمهورية التشيك وإستونيا ولاتفيا.
وفق الموقع الرسمي للناتو، فإن المناورة تؤكد قدرة ألمانيا على استقبال واستضافة وحدات طائرات كبيرة في مطاراتها مما يتيح من بين أمور أخرى مفهوم التوظيف القتالي الرشيق في الولايات المتحدة الذي يسهل عمليات الانتشار القصيرة الأجل والخارجية، كما أن المناورات تمثل دليلًا على “ردع الناتو ودفاعه في المنطقة الأوروبية الأطلسية”.