مع دخول العشر الأواخر اعتباراً من مساء اليوم الثلاثاء، اتجهت القلوب إلى الحرمين الشريفين، مستجدية الرحمة من المولى والعتق من النيران، حيث أطلقت رئاسة الحرمين خطتها التشغيلية، ابتداء من خطة الاعتكاف التي وضعتها الرئاسة العامة، اعتباراً من بعد مغرب اليوم الثلاثاء اقتداء بالسنة النبوية.
وتفصيلاً، يبدأ الاعتكاف وسط الاستعدادات والتجهيزات بالمسجد الحرام والمسجد النبوي مع تناغم القطاعات الأمنية في إدارة الحشود والحفاظ على سلامة الزوار والمعتمرين وإنجاح خطط الطوارئ لمواجهة جميع أنواع المخاطر الافتراضية وتعمل على التدخل السريع والفاعل للحفاظ على سلامة المعتمرين والزوار.
وبدأ المعتكفون في المسجد الحرام بخشوع وتضرع إلى الله مع غروب شمس اليوم العشرين من رمضان، وهو بداية العشر الأواخر إلى قبو توسعة الملك فهد -رحمه الله-، وهو المكان المخصص للاعتكاف، وعدم السماح بالاعتكاف في غيره من المواقع داخل المسجد الحرام وساحاته بحسب ضوابط واشتراطات رئاسة الحرمين وفق معايير محددة.
وأشرف الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، شخصياً على الاستعدادات الأخيرة لتهيئة أماكن الاعتكاف بالمسجد الحرام وضمان استخراج التصاريح من خلال الموقع الرسمي للرئاسة مؤكداً على جاهزية مواقع الاعتكاف في المسجد الحرام، لاستقبال أكثر من 2,500 معتكف وفق الخطة التشغيلية في أجواء إيمانية صحية آمنة.
وأكد “السديس” على أن رئاسة الحرمين في أعلى جاهزية للعشر الأواخر وفقاً لمحاور الخطة التشغيلية المتضمنة تكثيف الخدمات البشرية والتقنية في المسجد الحرام والمسجد النبوي، ورفع الطاقة الاستيعابية الكاملة والمحافظة على سلامة وصحة وأمن قاصدي الحرمين.
من جانبه، قال وكيل الرئيس العام للشؤون التوجيهية والإرشادية الشيخ عبدالله بن حمد الصولي إنه تم التأكد من جاهزية المواقع المخصصة للمعتكفين بالمسجد الحرام، والخدمات المقدمة لهم، من حيث توزيع الخزانات واستلام المعتكفين الخزائن المخصصة لهم، وسير آلية تقديم وجبات الإفطار والسحور وغيرها من الخدمات التي تقدمها الرئاسة العامة لهم.
وأضاف “الصولي” أن منظومة الاعتكاف بالمسجد الحرام تتم وفق خطط منهجية ومدروسة مستمدة من أحدث الدراسات والمواصفات الخدمية العالمية، حيث يجري تسخير الإمكانات البشرية والمعدات الآلية لتهيئة منظومة خدمية متكاملة تلبي رغبات المعتكفين والمعتكفات خلال شهر رمضان، ووفق معايير جودة خدمات الاعتكاف في المواقع المعتمدة المخصصة للاعتكاف، وآلية تقديم وجبات الإفطار والسحور، وغيرها من الخدمات المساندة كالخدمات الصحية والتنظيمية لضيوف الرحمن والحرص على نظافة المسجد الحرام، وعدم استغلال خزانات المصاحف للأغراض الخاصة أو تعليق الملابس على الأعمدة والسلالم، والتفرغ للعبادة والذكر وقراءة القرآن, وتعظيم المكان وعدم التشويش على المصلين أو الانشغال بما لا فائدة فيه والحرص على أداء صلاة التراويح والتهجد مع الإمام, وكذلك يمنع الاعتكاف في قبو المسعى حتى لا يحدث إعاقة للساعين، ومراعاة عدم اختلاط الرجال بالنساء واجتماع العوائل.
وتابع: تم تخصيص خزانة لكل معتكف، كما خصص للخزانات بشكل عام مكان في قبو توسعة الملك فهد عن يمين الداخل وعن يساره، وهناك مواقع خاصة للرجال وأخرى خاصة بالنساء، كما تم تعيين باب الملك فهد (73) المؤدي إلى القبو لدخول أغراض المعتكفين، وبلغ عدد المعتكفين في المسجد الحرام نحو ألف معتكف.
وأكمل: وضعت الوكالة آلية واضحة في تسليم تصاريح الاعتكاف والخزائن للمعتكفين إلى جانب تسليم تصاريح الاعتكاف. تتيح هذه الخدمة كل الخدمات والتسهيلات للمعتكفين في المسجد الحرام من دخولهم وخروجهم وتخصيص مواقع مناسبة وتوفير خزائن خاصة لأمتعتهم.
وأضاف أنه يمنع النوم في أوقات الصلوات المفروضة والتراويح والقيام، وتعليق أي ملصقات داخل موقع الاعتكاف أو إعلانات، وأي تجمع لعفش وغيره سيتم إزالته وإخراجه من المسجد الحرام دون أدنى مسؤولية. وهناك مواقع خاصة للرجال وأخرى خاصة بالنساء.
وفي المسجد النبوي سجلت وكالة شؤون المسجد النبوي 3000 معتكف بالمسجد النبوي عبر تطبيق زائرون مع توفير كافة التسهيلات والتجهيزات للمعتكفين.
ويعرف الاعتكاف لغةً: بلزوم الشيء، وحبس النفس عليه، أما شرعاً فيعرف الاعتكاف: بلزوم المسجد لعبادة الله تعالى، وينتهي الاعتكاف بغروب شمس آخر يوم من رمضان، والأفضل أن يكون الخروج صبيحة يوم العيد.
وتتمحور خطة العشر الأواخر في التعاون لتنظيم عملية الدخول والخروج من وإلى المسجد الحرام، ومنع الجلوس في الممرات المؤدية إليه، ومنع الدخول إلى المسجد الحرام عند الخروج من صلاة التراويح لفترة وجيزة حتى يتم خروج المصلين، تلافيا لحدوث أي ازدحام قد يحدث عند الأبواب.
وتعتمد مرتكزات الخطة، تطبيق أعلى معايير الجودة والتميز والإتقان، والمراقبة والحوكمة، مدعوماً بكوادر بشرية تصل لقرابة 12 ألف موظف وعامل من المؤهلين.
واستنفرت قطاعات رئاسة الحرمين اعتباراً من مساء اليوم ليلة الواحد والعشرين بكل طاقاتها وإمكاناتها لتقديم أفضل وأرقى الخدمات لقاصدي بيت الله الحرام بالتنسيق مع المنظومة الامنية والقطاعات الحكومية المعنية، لخدمة ضيوف بيت الله الحرام لأداء مناسكهم بكل يسر وسهولة وراحة وأمان.
وشهدت مكة المكرمة مع بداية ( ليلة الواحد والعشرين ) من العشر الأواخر كثافة عددية ضخمة من المعتمرين والزوار، فيما كثفت الرئاسة عمليات التنظيف والتعقيم في جميع أنحاء المسجد الحرام فضلاً عن غسل الأرضيات عشر مرات يومياً لضمان سلامة قاصدي البيت العتيق، وتطهير المصليات واستخدام الآليات والمعدات الحديثة وقامت القطاعات المعنية بتكثيف العمل ومضاعفة الجهود لرفع مستوى الخدمات التي تقدمها لضيوف الرحمن، وتسهيل وتيسير الحركة المرورية، والحفاظ على الناحية الأمنية، والتركيز على أعمال النظافة والصيانة والتشغيل وصحة وحماية البيئة للمعتمرين والزوار إلى جاهزية الإدارات التابعة للوكالة بالمسجد الحرام، واستعداد كامل القوى البشرية لإدارة الحشود وضمان انسيابية الحركة داخل البيت العتيق، ليتمكن الزوار والقاصدين أداء عباداتهم بكل يسر وسهولة.
وبدأت العشر الأواخر من الشهر الكريم اعتباراً من مساء اليوم وحتى ليلة الـ29 من رمضان، وهي أفضل عشر ليال للعبادة والعمل الصالح، وفيها يتحرى المسلمون ليلة القدر ذات المكانة الكبيرة لدى المسلمين، لقول الله تعالى: “لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ”.
وتحظى الليالي الوترية بالعشر الأواخر من رمضان بطابع إيماني وروحاني خاص داخل المسجد الحرام وسط أجواء إيمانية مفعمة بالأمن والأمان والراحة والاستقرار في أجواء تعبدية روحانية تحفها السكينة والخشوع والطمأنينة، وسط منظومة من الخدمات المتكاملة التي هيأتها حكومة المملكة.