بعدما كشف البنتاغون عن بالون تجسس صيني كان يطير عبر الولايات المتحدة، مساء لخميس، فتح ذلك باب الحديث عن طريقة للتجسس لطالما استخدمت ويبلغ عمرها قرونا.
فقد رجح الخبراء أن يزداد استخدامها في المستقبل، ما يطرح تساؤلاً عن طبيعتها وتاريخها ومدى فعاليتها مقارنة بالأقمار الصناعية والوسائل الأخرى.
ما هي بالونات التجسس؟
بالون التجسس هو قطعة من معدات التجسس، على سبيل المثال كاميرا معلقة تحت بالون يطفو فوق منطقة معينة، وتحمله تيارات الرياح.
كذلك قد تشتمل المعدات المرفقة بالبالونات على رادار، وتعمل بالطاقة الشمسية، وفق تقرير لصحيفة “غارديان” البريطانية.
وتعمل المناطيد عادة على ارتفاع 24 ألف – 37 ألف متر، وهي تطير أعلى بكثير مقارنة بطيران الحركة الجوية التجارية، حيث لا تطير الطائرات أبداً على ارتفاع يزيد عن 12 ألف متر.
لماذا نستخدم بالونات التجسس بدلاً من الأقمار الصناعية؟
وللإجابة على ذلك، أوضح جون بلاكسلاند، أستاذ دراسات الأمن الدولي والاستخبارات في الجامعة الوطنية الأسترالية ومؤلف كتاب “كشف الأسرار”، أن الأقمار الصناعية كانت هي الحل على مدى العقود الماضية.
وأضاف “لكن الآن بعد اختراع الليزر أو الأسلحة الحركية لاستهداف الأقمار الصناعية، بدأ الاهتمام مجدداً بالبالونات”.
وعلل ذلك، بأنها رغم عدم تقديمها نفس المستوى من المراقبة المستمرة مثل الأقمار الصناعية، فإنها أسهل في الاسترداد، وأرخص بكثير في الإطلاق.
ولإرسال قمر صناعي إلى الفضاء، فالدول بحاجة إلى قاذفة فضائية، وهي قطعة من المعدات تكلف عادة مئات الملايين من الدولارات.
فيما يمكن للبالونات أيضاً مسح المزيد من المناطق من ارتفاع منخفض وقضاء المزيد من الوقت فوق منطقة معينة لأنها تتحرك ببطء أكثر من الأقمار الصناعية، وفقاً لتقرير عام 2009 لكلية القيادة الجوية والأركان التابعة للقوات الجوية الأميركية.
متى استخدمت لأول مرة؟
استخدمت بالونات التجسس لأول مرة في ستينيات القرن التاسع عشر، أثناء الحرب الأهلية الأميركية عندما حاول رجال الاتحاد جمع معلومات حول نشاط الكونفدرالية عبر بالونات الهواء الساخن والمناظير الجاهزة.
إلى ذلك، أعادت الولايات المتحدة إحياء الفكرة في السنوات الأخيرة، لكنها تميل إلى استخدام البالونات على الأراضي الأميركية فقط.
وقال كريغ سينغلتون، الخبير الصيني في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات لرويترز، إن مثل هذه البالونات استخدمتها الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي على نطاق واسع خلال الحرب الباردة وكانت وسيلة منخفضة التكلفة لجمع المعلومات الاستخباراتية.
لماذا تفعل الصين هذا؟
في موازاة ذلك، يعتقد أستاذ دراسات الأمن الدولي والاستخبارات بلاكسلاند، أن الصينيين غالباً توقعوا أن يتم القبض عليهم، وربما كان الإمساك بهم هو الهدف، مع وضع نتيجتين في الاعتبار.
ويعتقد أن السبب الأول لإطلاق البالون هو إحراج الولايات المتحدة، والأفضل إذا استولت على بعض المعلومات الاستخباراتية على طول الطريق.
أما السبب الثاني هو جعل الولايات المتحدة تدرك حقيقة أن الصين تواكب سرا تقنيتها وتكررها.
وقال ألكسندر نيل المحلل الأمني المقيم في سنغافورة لرويترز، إنه بينما من المرجح أن يكون المنطاد مصدر إزعاج جديد للعلاقات الصينية الأميركية، فمن المحتمل أن يكون ذا قيمة استخباراتية محدودة مقارنة بالعناصر الأخرى التي تحت تصرف الجيش الصيني المحدث.
يشار إلى أن أحد المسؤولين الأميركيين ذكر أن بالونات التجسس حلقت فوق الولايات المتحدة عدة مرات في السنوات الأخيرة، لكن يبدو أن البالون المكتشف أخيراً بقي لفترة أطول من المعتاد في حالات سابقة.