خطب وأم المصلين في المسجد النبوي فضيلة الشيخ الدكتور حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف، وبعد أن حمد الله عز وجل بدأ خطبته قائلاً: من مقاصد الشريعة الإسلامية عمارة هذا الكون بكل ما يعود على الناس بالنفع والصالح العام والخاص للمجتمعات والأفراد، ويدرء عن الكل الفساد والشر العريض.
ولذا فالضرورة تدعو إلى التذكير ببعض الواجبات التي تتعلق بمصالح المجتمع وحياة أفرادها، إنها واجبات لمن ولي وظيفة عامة أو خاصة، لتحقيق مصالح المجتمع إذ بالإخلال بهذه الواجبات تكمن العوائق في التنمية والتقدم والتطوير والكلام عن ذلك في وقفات.
الوقفة الأولى: الواجب على كل موظف في الدولة أو القطاع الخاص أن يستشعر مسؤوليته أمام الله جل وعلا، وأن يعلم أنه قد تحمل أمانة عظيمة أمام الله سبحانه، ثم أمام ولي الأمر، ثم أمام المجتمع ككل، قال صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).
الوقفة الثانية: إن القيام على تنفيذ المشاريع والمرافق التي تخدم المصالح العامة في البلاد بأحسن وجه وأكمل حال أمانة كل مسؤول من أعلى سلطة إلى أدنى مستوى من المسؤولية، فعلى الجميع التزام الأمانة والتحلي بلباسها، والتخلي عن الغدر.
الوقفة الثالثة: إن من أسباب الخراب العظيم والفساد الوخيم تعاطي الرشوة والتهاون في التصدي لها، تلك الجريمة النكراء التي تجعل من الحق باطلاً ومن الباطل حقًا.
الوقفة الرابعة: من الجرم العظيم والأثم المبين استغلال المناصب للمصالح الشخصية أو الاختلاس من الأموال العامة.
الوقفة الخامسة: الواجب على كل موظف أن يتق الله في المسلمين، وأن لا يشق عليهم، وأن ييسر أمورهم وفق النظام المرعي من ولي الامر لتحقيق مصالح المجتمع.
الوقفة السادسة: يا أصحاب الشركات التي تبوأت مقاليد العمل في المشاريع العامة، أنتم مسؤولون أمام الله عن كل ما تأخذون من المشاريع والأعمال، وسيأتي يوم تندمون فيه على التفريط، فمن أشد المحرمات المبالغة في تقديم الأسعار الباهظة التي تقدمها الشركات حال المناقصة لأخذ مشروع يصرف عليه من مال بيت المسلمين، فيحصل حينئذ التنافس على أسعار مغالى فيها وأقيام المبالغ بها لا لشيء إلا لأجل أن المشروع يعود للمصلحة العامة.
الوقفة الأخيرة: الواجب المتحتم والفرض اللازم على أجهزة الرقابة التي ولاها ولي الأمر هذه المسؤولية أن تتقي الله عز وجل، وأن تبذل جهدها في مراقبة كل صغيرة وكبيرة، وأن تحاسب كل جهة مسؤولة عن في كل مشروع محاسبة متناهية الدقة في الجليل والحقير.
واختتم فضيلته الخطبة بقوله: شهر رجب من الأشهر الحرم يجب فيها كغيرها من الشهور تعظيم حرمات الله سبحانه، والوقوف عند حدوده عز شأنه، ولهذه الأشهر مزية عظيمة عند الله سبحانه وتعالى قال عز وجل ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ)، واعلموا أنه لم يثبت تخصيصها بعبادة، والواجب إتباع السنة، و الابتعاد عن البدع.