على وقع التصعيد العسكري في أوكرانيا مع دخول العام الجديد، والذي كان قد اشتدت وتيرته خلال فترة أعياد الميلاد ورأس السنة، يرى خبراء ومحللون أن الحرب التي تكاد تدخل عامها الثاني مقبلة على مرحلة تصعيد واسعة النطاق، ترتكز خلال الشتاء على العمليات الجوية والقصف المدفعي والصاروخي المتبادل عن بعد، تمهيدا لحرب برية كبيرة قبيل حلول الربيع.
وكان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ، قد حذر في هذا الصدد من هجوم روسي ضخم يتم التمهيد له، مطالبا بالاستعداد لحرب طويلة الأمد في أوكرانيا.
ويرى مراقبون أن هذه التحذيرات الأطلسية المترافقة مع رفع كبير في وتيرة العمليات العسكرية، إن من جانب موسكو التي وسعت نطاق استهدافاتها الصاروخية والجوية وبالمسيرات عشية العام الجديد وفي بدايته، أو من جانب كييف التي قتلت خلال قصف بصواريخ هيمارس الأميركية، الإثنين، عشرات الجنود الروس في ماكيفكا بدونيتسك، وما تبع ذلك من رد روسي على لسان وزارة الدفاع الروسية، التي أعلنت الثلاثاء، أن قواتها تمكنت من تحييد ما مجموعه 400 جنديا أوكرانيا على جبهات القتال المختلفة، مؤشر على أن الحرب الأوكرانية تدخل مرحلة جديدة عنوانها التسعير وليس التهدئة خلال 2023.
وحذر المراقبون من أن السيناريو الأرجح هو أن يشهد العام الحالي توسعا في العمليات الحربية في أوكرانيا، بعد أشهر من تراجعها خاصة مع الانسحاب الروسي من خيرسون.
خلفيات تحذيرات “الناتو”
يقول الدبلوماسي السابق والخبير بالشؤون الأميركية والأطلسية مسعود معلوف، في لقاء مع موقع “سكاي نيوز عربية”:
تشجيع الناتو لدوله على زيادة وتيرة دعمها العسكري لكييف ليس جديدا تماما، لكنه يأتي مقرونا هذه المرة بتوقع حصول هجوم روسي ضخم بريا في أوكرانيا، خاصة وأنه قد مضى 3 أشهر على حشد قوات الاحتياط الروسية بواقع 300 ألف مقاتل، وهو ما يعني أن موسكو ربما تعد العدة مع العام الجديد لتحرك ميداني مباغت وواسع، وسط مؤشرات تصعيد من جانبها حتى خلال فترة عطلة أعياد الميلاد ورأس السنة.
ستولتنبرغ رغم حديثه عن حرب طويلة يشير كذلك إلى أنها ستنتهي بالمفاوضات في المحصلة، وهكذا فالناتو يسعى لتعزيز قدرات كييف الدفاعية منعا لهزيمتها أمام الروس، وبما يضعها في موقف تفاوضي جيد فيما بعد حين تنضج ظروف الحوار ويصل الطرفان لنقطة الإنهاك، بما يقودهما للركون لطاولة الحوار وتبادل التنازلات والمساومات.
الأشهر القليلة المقبلة ستشهد تصعيدا عسكريا في الميدان الأوكراني، في سياق سعي طرفي الحرب للاستنزاف المتبادل وتحسين الشروط التفاوضية، خاصة وأنه بعد عام تقريبا من اندلاع هذه الحرب واضح أنه لا روسيا بقادرة على حسم الموقف عسكريا، ولا أوكرانيا ومن وراءها الغرب بقادرة على هزيمة الروس.