زار وفد من النادي الأدبي الثقافي في منطقة حائل مؤخرًا ، محافظة الغزالة وذلك بالتزامن مع انطلاق موسم حائل، واطلع الوفد الذي يضم عدد من المختصين في التاريخ والأدب والإعلام والسياحة والتراث والاستثمار على المعالم السياحية والتاريخية والأثرية، ومن أبرزها القرية التراثية وسور الإمام تركي بن عبدالله، حيث تهدف هذه الزيارة إلى إبراز مالدى المحافظة والقرى المجاورة لها إعلامياً، وما تحتويه من كنوز تراثية ، ومعالم تاريخية، وقيم مضافة في السياحة الثقافية .
وفي بداية جلسة الحوار قال رئيس أدبي حائل الدكتور نايف المهيلب: أنهُ وبتوجيه من سمو أمير منطقة حائل ومتابعة سمو نائبه، جئنا لزيارة محافظة الغزالة للوقوف على مواقع التراثية والسياحية وإبرازها إعلامياً، نحن هنا اليوم في محافظة الغزالة ومعنا زملاؤنا الإعلاميون والمؤثرون لتغطية مواطن القوة، ومواطن التراث والمتمثلة في القرية التراثية وسور الإمام تركي بن عبدالله – رحمه الله – وهو من أهم المواقع التاريخية في المحافظة، لنعرف مدى إهتمام الإمام تركي بن عبدالله بهذه المحافظة، ونعرف مدى المعاناة بين الغزالة وبين الدرعية كانت مئات الكيلو مترات وفي ذلك الوقت كانوا يتنقلون على ظهور الإبل، وكيف إستجاب الإمام تركي بن عبدالله لنداء الغزالة وتزويدهم بالسلاح والعتاد وبناء سور لهذه المدينة العتيقة المحافظة بتقاليدها وبطولاتها المشهودة .
وأضاف المهيلب قائلاً: نحن في النادي الأدبي سنقوم بجمع كل الأفكار والمقترحات التي طُرحت في هذه الجلسة، ومن ثم سنقوم بغربلتها وصياغتها من جديد بحيث تكون تقريراً كاملاً عن مواطن القوة في محافظة الغزالة وآلية التوظيف وكل مايخص الجانب الثقافي والتراثي، مع التركيز على السياحة التراثية، بحيث يكون التقرير مُكتنزاً يعكس البعد التاريخي للمنطقة والبعد الثقافي، والاقتصادي، والاستثماري وهذا مانتمناه بإذن الله تعالى .
وعن الجانب السياحي قال رئيس اللجنة السياحية في غرفة حائل الأستاذ منصور بن سليمان الغسلان: من خلال تجربتنا بالمجال السياحي والترفيهي وجدنا أن العمل الوحيد الذي يختصر الوقت والجهد هو إقامة المهرجانات لتكون وسيلة للتعريف عن أماكن الميز النسبية أو أماكن الجذب السياحي في أي مكان، لذا أقترح أن يقام في محافظة الغزالة مهرجان ثقافي سياحي ترفيهي دائم وبعدة مواقع يهتم بالتراث والآثار، ونحن بحكم خبرتنا في هذا المجال على استعداد تام بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة لإقامة أي مهرجان في هذه المحافظة التي تتوفر فيها مكامن الجمال والميز النسبية، بالاضافة إلى وجود القرية التراثية فيها وهذه بحد ذاتها وجهه سياحية، ومن المهم أن يكون المستثمر الأول هم شباب المحافظة، مشيراً إلى أنه يجب أن نستغل وجود طريق الحج والعمرة للجذب السياحي إلى المحافظة.
وفيما يخص الجانب التاريخي قال الأستاذ خالد بن معزي الغيثي، أن أكثر من ٩٠٪ من مسميات المواقع من جبال واودية وقرى في منطقة حائل ومنها محافظة الغزالة، مازالت محتفظة بأسمائها الجاهلية ومذكورة في اقدم المصادر ، ووردت في الاشعار الجاهلية ومنها على سبيل المثال لا الحصر: جبل الحضن ، وجبل العامود ، و الغمر ، وسقف ، ورمان ، ووادي الثلبوت المعروف حالياً بوادي الشُّعبة وقرية القصة وغيرها كثير ومن ذلك قول امرىء القيس: فجاد قصيصا فالصهاء فمصطحا، وقال حاتم الطائي: بكيت وما يبكيك من دمن قفر ..بسقفٍ إلى وادي عمودان فالغمرُ ، وأشار الغيثي إلى أن محافظة الغزالة في الوقت الحاضر مرشحة لتكون مدينة كبيرة نظراً لموقعها المتميز ، وطبيعة أرضها السهلية المنبسطة، ووقوعها على طريقين رئيسين وهما الطريق السريع الذي يربط مدينة حائل بالمدينة المنورة، وطريق المدينة المنورة القديم .
من جانبه أكد الدكتور حمود بن محمد الحسيني المتخصص في الجغرافيا البشرية، أن جميع المقومات السياحية متوفرة في محافظة الغزالة، سواء المقومات الطبيعية او المقومات البشرية بإلاضافة الى الأبعاد التاريخية وقبلها البعد الديني والبعد الثقافي والبعد الاجتماعي، كل هذه المقومات تبرز المنطقة سياحياً وتوفر فيها التراث المادي والتراث الغير مادي، وأكد الحسيني على ضرورة التركيز على التسويق والتعريف بالمحافظة وهذه مسؤولية الجميع، مشيراً إلى أن سور الإمام تركي بن عبدالله – رحمه الله – خير شاهد على وجود أبعاد سياسية وأبعاد اجتماعية وحضارية للمحافظة وماحولها، وأضاف: ينقصها فقط التسويق السياحي، مقترحاً في الوقت نفسه أن يتم التواصل مع لجنة التنمية السياحية، وفرع وزارة السياحية بالمنطقة لإبراز الجوانب الحضارية والتراثية والتاريخية في هذه المحافظة.
وفي يما يخص التراث قال مسؤول حماية مواقع التراث في فرع هيئة التراث بمنطقة حائل الأستاذ رائد بن جزاء العنزي: أن من أهم المقترحات والتوصيات بعد زيارتنا للقرية التراثية في محافظة الغزالة هو: تطوير مرافق القرية التراثية، ووضع جناح خاص للحرفيين والمهتمين بالحرف اليدوية، وضع جناح خاص للأسر المنتجة لتشغيل القرية، طرح البلدة التراثية للأستثمار من قبل البلدية بعد التنسيق مع الأهالي .
وفيما يتعلق بالجانب الإعلامي قال رئيس فرع هيئة الصحفيين السعوديين بمنطقة حائل الأستاذ عبداللطيف المساوي، أن من ضمن المقترحات مخاطبة الجهات المعنية لترقيم مثل هذه الأماكن السياحية حتى يسهل التعرف عليها والوصول إليها ، كذلك أقتراح صناعة الأفلام الوثائقية عن القرية التراثية بالغزالة ليتم عرضها بعد ذلك على الزائرين ، مؤكداً على الاستعداد للتعاون في كل مايخدم هذه المحافظة وبقية محافظات المنطقة .
يذكر أن محافظة الغزالة تقع جنوب مدينة حائل على مسافة تقارب مئة كيلو متر على طريق حائل المدينة المنورة، وتقع في أرض سهلة، حيث كانت الغزالة مورداً قديماً جداً من موارد بني أسد واستوطنها بنو تميم بعد ذلك وزرعوها منذ زمن غير معروف بالتحديد، ولكن بعض التواريخ الموجودة في بعض مبانيها القديمة تشير إلى أن ذلك البناء تم في تاريخ ١١٠٠هـ أي منذ ما يقارب ٣٥٠ سنة تقريباً ولكن هذا لايحدد بداية نشأتها الصحيحة، ومن معالمها التاريخية سور الإمام تركي بن عبدالله، حيث يرتبط أسم هذا السور بأسم الإمام تركي بن عبدالله آل سعود – رحمه الله – مؤسس الدولة السعودية الثانية والذي أمر ببنائه عام ١٢٣٧هـ بعد الحملة العثمانية التي تصدى لها أهالي القرية بكل بسالة، بعدها أمر الإمام تركي بن عبدالله آل سعود ببناء السور على القرية لحمايتها، كما يوجد فيها مسجد الطين القديم الذي يعود بنائه لعام ١١٥٠هـ تقريباً ولا يزال قائماً حتى يومنا هذا .