أثار إعلان قصر باكينغهام بشأن قلق الأطباء إزاء الحالة الصحية للملكة إليزابيث الثانية، حالة من القلق العام داخل بريطانيا؛ لاسيما بعدما صدرت توصية طبية بوضعها تحت المراقبة.
وفتح هذا الإعلان الباب على مصراعيه أمام التكهنات حول أوضاع السلطة حال إعلان وفاة الملكة إليزابيث؛ وهو ما سلَّط الضوء على المخططات والترتيبات الموضوعة لهذا الأمر منذ عقود طويلة، فيما يعرف باسم “عملية جسر لندن”.
سقوط جسر لندن
تحمل عبارة “سقوط جسر لندن” معاني مُشفّرة تشير إلى خطة موضوعة منذ ستينيات القرن العشرين، قبل أن يتم تنقيحها لاحقاً، وتتعلق بكيفية سير الأمور بعد وفاة الملكة، ويتم استخدامها من قبل الوزراء والموظفين الرئيسيين في القصر الملكي للإعلام بوفاة الملكة إليزابيث الثانية.
الخطة التي وافقت عليها الملكة إليزابيث في أثناء حكمها الحالي، تم التدريب على تفاصيلها تحت إشراف الملكة شخصياً، وتنص على أن يكون سكرتيرها الخاص السير كريستوفر غيد أول مسؤول يتعامل مع الأخبار، وإيقاظ رئيس الوزراء البريطاني (إن كان نائماً)، وترديد الموظفين عبارة “سقوط جسر لندن” على خطوط آمنة من مركز الاستجابة العالمي التابع لوزارة الخارجية البريطانية.
وتبدأ الأخبار في الانتشار؛ وفق الخطة، إلى 15 حكومة خارج المملكة المتحدة ودول أخرى في اتحاد الكومنولث، ويصدر الإعلان في رسالة أخبار لجميع وسائل الإعلام العالمية، كما يخرج رجل يرتدي ملابس الحداد من بوابة قصر باكنغهام في لندن، ويلصق إشعاراً ذا حواف سوداء على البوابة.
وأثناء القيام بذلك، يتحول الموقع الإلكتروني للقصر الملكي إلى صفحة قاتمة، ويعرض نصاً على خلفية داكنة سوداء اللون، كما تعد كل محطة إذاعية قوائم تتكون من أغانٍ وموسيقى حزينة في أوقات الحداد المفاجئ.
وروى أحد الإذاعيين في BBC، أنه في حال سُمع موسيقى مثل “سيبرز أوف بارادايز – هونتيد دانسهول”؛ فإن ذلك يعني أن حدثاً عظيماً قد وقع للتو.
وتشمل الخطة أيضاً ارتداء مذيعي الأخبار ملابس سوداء ورابطات عنق سوداء، وتوقف البرامج ودمج الشبكات في شبكة واحدة، وإذاعة كلمات محددة تستدعي روح الوحدة والوطنية.
وتنص على عودة جسد الملكة إلى قصر باكنغهام في كل الأحوال، سواء كانت وفاتها في بريطانيا أو خارجها، وسيكون هناك 4 من حراس “غرينادير” بقبعاتهم السوداء، كما سيكون هناك الموظفون الذين وظفتهم الملكة لأكثر من نصف قرن يقومون باتباع الإجراءات التي يعرفونها.
ويحضر الأمير تشارلز والعديد من موظفيه عند انضمامه لهم، وسيكون ملكاً لبريطانيا من بعدها، وسيقبل إخوته يديه وسيتغير أيضاً شكل العملة البريطانية، وكذلك النشيد الوطني بإزالة عبارة “حمى الله الملكة”؛ لتحل محلها عبارة “حمى الله الملك”.
إعلان الخبر للشعب
وقالت الوثائق التي عرضها “بوليتيكو” إن توقيت إعلان الوفاة سوف يسمى “يوم الوفاة”، كما سيشار إلى الأيام التي تليه بـ”يوم الوفاة +1″ و”يوم الوفاة +2″ وهكذا تباعاً.
وتشير إلى أن سوف يتم إجراء سلسلة من الاتصالات لإخبار رئيسي الوزراء وأمين سر مجلس الوزراء، بالإضافة إلى بعض كبار المسؤولين في الحكومة، حيث سيتم إخبار رئيسة الوزراء عن طريق سكرتير الملكة الشخصي.
ويحصل أمناء السر الدائمون في الوزارات على نص جاهز من أجل إعلام وزراء الحكومة الآخرين بالأمر، ويتضمن النص: ” لقد علمنا للتو بوفاة جلالة الملكة”. كما سيطلب من الوزراء “التكتم على الخبر”.
وبدوره، يرسل أمين سر مجلس الوزراء بريداً إلكترونياً لكبار الموظفين، يحتوي على رسالة جاء فيها ” الزملاء الأعزاء، أكتب إليكم بحزن لأخبركم بوفاة جلالة الملكة”.
وعلى مستوى الشعب، فسيتم إعلانه عن طريق “إخطار رسمي” ترسله العائلة الملكية، وإن كانت بعض المؤشرات مثل تنكيس الأعلام في مركز السلطة السياسية في بريطانيا، قد تمنح إشارة بوفاة الملكة.
وسائل الإعلام
تظل هيئة الإذاعة البريطانية BBC أول من يعلم تاريخياً بوفيات أعضاء العائلة المالكة قبل وسائل الإعلام الأخرى، ويجري بعض المذيعين تدريبه على إعلان وفاة الملكة، كما أن النعي الذي سوف يتم سرده يكون مُعداً مسبقاً.
وتتضمن الاستعدادات الإعلامية لخبر الوفاة، عدداً من الشرائط المصورة والأفلام الوثائقية المسجلة مسبقاً، وفي حال كانت الوفاة متوقعة نتيجة المرض الشديد، فيذاع الخبر أولاً عبر التلفزيون الرئيسي، ثم يقطع بث البرامج على كافة قنوات BBC، بحيث تعرض جميعها بث BBC1 التي تنشر الخبر.
استجابة الحكومة
وفقاً للوثائق، يرفع البرلمان البريطاني جلساته كنوع من الاستجابة للخبر، ثم تتبعه الهيئات التشريعية في إسكتلندا، وويلز، وإيرلندا الشمالية، ثم يدلي رئيس الوزراء بالخطاب، في الوقت الذي يُمنع فيه المسؤولون من الإدلاء بأي تصريح، وبعدها تجتمع الحكومة بالملك الجديد، الملك تشارلز.
وتنص الوثائق على تقديم النواب تحية للملكة في مجلس العموم في اليوم التالي لوفاتها، كما سوف يُعلق المجلس أعماله لمدة 10 أيام.
كما سوف تقف البلاد دقيقة صمت يوم الوفاة، وتطلق المدافع تحية عسكرية في كل المحطات المخصصة لذلك، بتنظيم من وزارة الدفاع، فضلاً عن عقد قداس “عفوي” لذكراها في كاتدرائية القديس بول في لندن، يحضره رئيس الوزراء وبعض كبار الوزراء، بالإضافة إلى تعطيل عمل البورصة لمدة يوم.
متى يتسلم الأمير تشارلز العرش؟
وفقاً لـ”بولتيكو”، يجتمع مجلس اعتلاء العرش في اليوم التالي للوفاة في قصر سانت جيمس لإعلان الأمير تشارلز الملك الجديد، وسوف يحضر المراسم مئات الأشخاص، ومن بينهم رئيس الوزراء وكبار الوزراء الحكوميين، حيث سيُطلب منهم ارتداء بدلة نهارية رسمية مع ربطات عنق سوداء أو قاتمة اللون.