أسفرت المعارك الدموية بين الميليشيات المتناحرة على النفوذ في العاصمة الليبية طرابلس، السبت الماضي، عن مفاجآت فيما يخص الرابحين والخاسرين وإعادة التمركز والسيطرة على المواقع الاستراتيجية، خاصة مع ظهور ائتلاف ميليشياوي جديد.
ودارت الاشتباكات وقتها بين ميليشيات تتنازع على فرض النفوذ على المواقع والمؤسسات في طرابلس، بدأت بين رتل لميليشيا يتزعمها عماد الطرابلسي، وارتكاز لـ”كتيبة 92″ التي تتبع هيثم التاجوري، ثم دخلت “ميليشيا دعم الاستقرار” التابعة لعبد الغني الككلي في صف قوات الطرابلسي، واقتحمت معسكر 77 الخاضع للتاجوري.
ووفق مصادر تحدثت لموقع “سكاي نيوز عربية”، فإن أبرز مفاجآت الاشتباكات جاءت كالتالي:
الرابح الأكبر هو ميليشيا “الردع”، رغم أنها لم تشارك في الاشتباكات بشكل فعال، لكنها استغلتها في السيطرة على مواقع كان ينتشر فيها خصومها في كتيبة “النواصي”، ومجموعات التاجوري، لتفرض هيمنتها على 70 بالمئة من العاصمة.
فبعد أن كانت “الردع” تهيمن على مطار معيتيقة الدولي ومحيطه فقط، امتد نفوذها الآن من سوق الجمعة وحتى كامل حي الأندلس، وما تحتويه هذه المناطق من مؤسسات حيوية، مثل ديوان رئاسة الوزراء، ومقر المؤسسة الوطنية للنفط، وأيضا مواقع لها أهمية خاصة مثل ميدان الشهداء والمدينة التراثية القديمة.
في سعيها لاستمرار السيطرة على هذه المناطق لأطول وقت، عمدت ميليشيا الردع إلى تجفيف الموارد المالية التي كانت تذهب إلى كتيبة النواصي، حسب الكاتب والصحفي الليبي الحسين الميسوري، الذي أشار إلى واقعة هدم “مصيف الليدو” كمثال، فدخلت المصيف لهدم مبانٍ فيه وإيقاف نشاطه.
لم يتغير الانتشار الجغرافي بشكل كبير لميليشيات “دعم الاستقرار” التابعة للككلي، رغم أنها الطرف الذي خاض المواجهات أمام “النواصي” وقوات “التاجوري”؛ وإن عززت مواقعها في منطقة الهضبة الخضراء وحي أبو سليم.
اكتفت هذه الميليشيا بما تلقته من دعم مالي كبير، وبحجم أكبر من “الردع”، مما جعلها القوة الضاربة التي يُعول عليها بين القوات المؤيدة لحكومة عبد الحميد الدبيبة منتهية الولاية، والتي تستقوي بعدد من الميليشيات في استمرارها في السلطة وعدم تسليمها إلى حكومة فتحي باشاغا المنتخبة من البرلمان.
ائتلاف مسلح جديد
ولعل المفاجأة الأكبر في معركة السبت، هي ظهور ائتلاف ميليشياوي جديد، وذلك أنه بعد أن غادرت المجموعات التابعة لأسامة الجويلي المؤيدة لحكومة باشاغا من جمعية الدعوة الإسلامية وطريق المطار، حلت محلها كتائب من مدينة الزاوية.
هذه الكتائب تضم آلاف المسلحين الذين هربوا قبل سنوات من شرقي ليبيا إلى غربها، بعد نجاح الجيش الوطني الليبي في معاركه ضد التنظيمات الإرهابية هناك عام 2014.
ينظر لهذا الائتلاف على أنه شديد التطرف أيديولوجيا.
“الأمر لم ينتهِ بعد، فالمجموعات المسلحة التي انسحبت من طرابلس، تتمركز على مسافة لا تزيد عن 25 كيلومترا منها، ويمكن في أي وقت أن تعود وتتجدد الاشتباكات”، حسب تحذير الميسوري، ومعه الخبير الأمني عميد محمد الرجباني.
لا تقتصر التغييرات على الوضع الميداني، فهناك تغييرات طالت صفوف القوات المؤيدة للحكومة منتهية الولاية، كما يشير الرجباني.
الرجباني نوه إلى “أنباء عن استبعاد قيادات من مصراتة وطرابلس، ودخول أطراف جديدة على خط الصراع، من بينها ميليشيا “ثوار طرابلس” التابعة لأيوب أبوراس، التي صادرت آليا لقوات التاجوري المنسحبة عند وجودها في منطقة مزارع بعين زارة.