بينما يطالب قادة العالم روسيا بالانسحاب من محطة زابوريجيا النووية، الأكبر في أوروبا، لتفادي كارثة، إلا أن موسكو تصر على تواجدها، مما أرجعه محللون إلى 3 أسباب بينها “موقعها الجغرافي الذي يساعد على وقف تقدم أوكرانيا في الجزء الجنوبي” و”عامل ضغط مع قرب فصل الشتاء”.
ودعت مؤسسات أممية ودولية بإعادة المحطة إلى أوكرانيا، مؤكدة أهمية أن “يكون الموظفون الأوكرانيون الذين يديرون محطة الطاقة النووية في زابوريجيا قادرين على أداء واجباتهم من دون التعرض للتهديد أو الضغط”.
فيما قالت شركة التشغيل الأوكرانية “إنيرغوتوم” إن “القوات الروسية تستعد لربط المحطة بشبه جزيرة القرم، التي ضمتها موسكو في عام 2014″، مشيرة إلى أنها “تلحق الضرر بها عبر مواصلة إعادة توجيه إنتاج الكهرباء”.
وتثير المعارك بين الجانبين حول محطة الطاقة النووية مخاوف عالمية متزايدة من حدوث كارثة نووية. وبينما يتبادل الجانبان اللوم عن الهجمات، دعا زعماء العالم إلى منطقة منزوعة السلاح حول الموقع النووي.
وقف تقدم أوكرانيا
سيدريك لايتون، الكولونيل المتقاعد بالقوات الجوية الأميركية، قال إن أهمية زابوريجيا لا تكمن فقط في الطاقة التي تنتجها ولكن في موقعها الاستراتيجي المهم للغاية.
وأضاف لايتون أن “محطة الطاقة النووية التي تحتفظ بها روسيا، تقف عائقًا وبشكل أساسي أمام تقدم أوكرانيا في الجزء الجنوبي من البلاد حيث تقع محطة زابوريجيا نفسها على الجانب الروسي، وتقع مدينة زابوريجيا على الجانب الآخر، الأوكراني، وهذا هو السبب في عدم تقدم للأوكرانيين وذلك للحفاظ على هذه المحطة النووية آمنة قدر الإمكان”.
وأشار إلى أن أي “عمليات اختراق من قبل الأوكرانيين فإنها هناك مخاطر الإشعاع تتزايد في المنطقة برمتها وإمكانية تكرار مأساة فوكيشيما، هي بمثابة رهينة في يد الروس واداة ضغط على المجتمع الدولي بأسره”.
الشتاء والطاقة
“موسكو تخطط لفصل المحطة في محاولة محفوفة بالمخاطر لتحويلها إلى الشبكة الروسية”، بهذه الكلمات بدأ الأكاديمي الفرنسي، آرثر ليديكبرك، حديثه لـ”سكاي نيوز عربية”، لافتا إلى أن ما يحدث خطة ممنهجة ولكن تداعياتها ستكون وخيمة.
انقطاع إمداد المحطة بالكهرباء يمكن أن يؤدي، وفق ليديكبرك، إلى “تعطيل أنظمة التبريد الضرورية للتشغيل الآمن للمفاعلات، في حين أن مولدات الديزل في حالات الطوارئ لا يمكن الاعتماد عليها في بعض الأحيان”.
وتابع: “المحطة تحتوي على ستة مفاعلات، لكن اثنين فقط منهما يعملان في الوقت الحالي، ومن غير الواضح ما إذا كان هناك حاليًا أي انقطاع في إمدادات الطاقة في المحطة التي يوجد بها 18 مولد ديزل كمصادر احتياطية للطاقة للمفاعلات”.
وحول إمكانية تحويل وجهتها للمناطق التي تسيطر عليها روسيا وخاصة القرم، قال ليديكبرك إن الطريقة الوحيدة للقيام بذلك تتطلب الإغلاق الكامل للمحطة وقطعا كاملا لجميع الخطوط المتصلة بالأراضي الأوكرانية لأن الترددات في الوقت الحالي مختلفة.
فيما حذر من أنه “في حال تعرض الخط الأخير للضرر ستكون هناك انقطاعات في جميع أنحاء المحطة، وهو وضع خطير، لأنها ستعتمد على مولدات تعمل بالديزل فقط، وهي غير جدير بالثقة كونها تحتاج إلى وقود للعمل، وأيضا لديهم قدرة محدودة على البقاء في وضع العمل باستمرار ما ينذر بالسيناريو المرعب وكارثة أكبر من تشيرنوبيل وفوكوشيما”.
ودعا ليديكبرك إلى إبعاد المحطة النووية من المعارك والصراع الحالي تجنبا لوقوع كارثة نووية، مضيفا “المنطقة باتت قنبلة موقوتة واستمرار الاتهامات يمهد لأزمة تتصاعد ولن تنتهي إلا بانسحاب روسيا وعودتها لأوكرانيا بأسرع وقت وهو مطلب شبه مستحيل خاصة أنها تعتبر ورقة ضغط لن تفرط فيها موسكو مع قرب أسوأ فصل شتاء على أوكرانيا”.
وكانت بوني جينكينز، المسؤولة البارزة في وزارة الخارجية الأميركية، حذرت، الخميس من أن تصرفات روسيا في المحطة “خلقت خطرًا جسيمًا لوقوع حادث نووي، وهو انبعاث إشعاعي خطير يمكن أن يهدد ليس فقط الناس والبيئة في أوكرانيا، بل يؤثر أيضًا على الدول المجاورة والمجتمع الدولي بأسره”.
من جهتها، دعت وكيلة وزارة الخارجية لضبط التسلح والأمن الدولي روسيا لوقف أنشطتها العسكرية حول المحطة، مشددة على أهمية زيارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
هذا ووافق الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على أن ترسل الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعثة إلى محطة زابوريجيا النووية، معبرا عن خشيته من أن يؤدي القصف بمحيط المحطة إلى “كارثة واسعة النطاق”.