عند الثانية مساءً بتوقيت الباحة كان مسرح فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بالباحة يشهد بدء نزالٍ شائك طرفاه المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية وأهالي المنطقة المتضررين من السلوك العدواني لقردة البابون .
لم يرغب مسؤولو المركز الوطني بالحديث كثيرًا عن معاناة المواطنين بقدر مافضلوا الاستماع لسيل جارف من النقد واللوم والبحث عن المجهول .
* ملاك المزارع والمتضررين : لم نطعم القرود ومزارعنا هلكت وسئمنا تنظيركم
في بداية المداخلات تحدث عدد من كبار السن وملاك المزارع عن آفة قرود البابون قائلين : أن القرد كحيوان بري لم يكن يتواجد بيننا وفي طرقاتنا ومزارعنا ومنازلنا بهذا الشكل المخيف ، فقد كان يعد حيوانًا نادر التواجد وعندما نعلم بوجوده نركض للتمتع برؤيته ، أما اليوم فقد باتت تلك المتعة كابوسًا نعيشه كل يوم من خلال قطعان القرود التي غزت مزارعنا ومنازلنا وأهلكت الحرث وأخافتنا ولم تعد تهاب الإنسان .
كما أكد أكثر من مزارع أنَّ إطعام القرود الذي تحذرون منه باستمرار ليس من قِبلنا فنحن شركاؤكم في الحل ، ولكن السياح والماره هم من يأنس بذلك فهذا الحيوان بالنسبة لهم نادر المشاهدة ، ومع ذلك فالمشكلة لاتزال قائمة وحقيقة سئمنا من التنظير نريد حلول أما الكلام فقد أُشبع هذا الموضوع ولا حلول تذكر .
* الأسلاك المكهربة والغرامات المالية والسياجات وتنظيم محميات فطرية هل هي حلول ناجعة ؟؟
في الوقت الذي رصدت فيه ” أضواء الوطن ” حلولًا مقترحة من المواطنين والمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية ومنها : إحاطة المزارع بالأسلاك الكهربائية التي تعمل بالطاقة الشمسية ؛ أفاد أحد المداخلين أنَّه ليس بإمكان كل صاحب مزرعة أن يفعل ذلك لتكلفتها الباهضة خصوصاً مع المزارع الكبيرة غير أنَّ مسؤولي الحياة الفطرية ظلوا يكررون هذا الحل .
من جانب آخر طالب المواطن سعيد حمدان بفرض غرامات مالية رادعة لمن يطعم القرود مؤكدًا أنَّ الغرامات آتت ثمارها في كبح كثير من التجاوزات على مستوى الدولة ، فيما أوضح الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية أنَّ ردع المطعمون الان قائم من خلال الدوريات الأمنية كمخالفة للذوق العام .
أما تنظيم محميات محاطة بسياج في موطن القرود بالبرية فكان مقترحاً لأحد الحاضرين غير أنَّ مسؤولي المركز أكدوا بوجود هذا الحل ويتلخص في وضعها في منطقة برية تناسب بيئتها محاطة بسياج يمنع انتشارها ويُعقم الموقع باستمرار غير أنَّ تنظيم محميات من هذا النوع قد يكون بمساحات شاسعة جداً تبعًا لموطنها البيئي الملائم وهنا يصعب تسييج الموقع والتعقيم والإطعام.
وترى ” أضواء الوطن ” أنَّ الحل يظل ممكنًا ضمن أكوامًا من الحلول التي أفرزتها آلام المتضررين وأوجاعهم غير أنَّ الحل المبني على ردة الفعل لايجدي لاستدامة الحل .
* تقاذف كرة الأزمة بين أمانة الباحة والمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية :
وفي سؤالٍ تقدمت به ” أضواء الوطن” حول أزمة حاويات النفايات المكشوفة وأنها أحد أسباب المشكلة في الوقت الذي أكد فيه أمين منطقة الباحة في وقتٍ سابق عدم دقة ذلك مستدلًا بوجود حاويات مدفونة تحت الأرض بغير موقع ومع ذلك تنشط القرود فيها في إشارة لتبرئة الأمانة من ذلك ؛أصر مسؤولو المركز أنَّها أحد الاسباب بالإضافة للمرادم مبرزين صورًا ومقاطع فيديو لقطعان القرود وهي تمارس الأكل والعبث في عدد من الحاويات والمرادم .
والسؤال : من المذنب ومن البريء ؟ الأمانة التي وضعت الحاويات أم المركز الذي عدَّها سببًا رئيسًا للأزمة ؟؟
* الحل الجذري للنفايات هو إعادة التدوير :
ومع حدة النقاش حول حاويات النفايات والمرادم ؛ أبرز أحد مسؤولي المركز أنَّ الحل النهائي هو إعادة تدوير النفايات وهو المشروع الذي لايوجد حاليًا .
* قتل أو تحديد نسل قرود البابون بين الفتوى الشرعية والإخلال بالتوازن البيئي :
رغم أنَّها ردة فعل انفعالية تقودها العاطفة تجاه أذى القرود ؛ ظلت المطالبات الواسعة بقتل قرود البابون أو حقنها لتحديد نسلها على مدىً أبعد تلوح في قاعة النقاش بل طالب الدكتور صالح عباس وهو مالك مزرعة الزيتونة بالمنطقة بقتلها وأن أي حل لايشمل ذلك يظل حلًّا ناقصًا ؛ إلاَّ أنَّ مسؤولي المركز وعلى رأسهم الرئيس التنفيذي أكدوا وجود فتوى شرعية يمكن البناء عليها لقتل الحيوان المؤذي كالمفترس الذي يُخشى ضرره ، غير أنَّ هذا الأمر سيؤدي لأضرارٍ بيئية أخرى فقتل القرد بالسم سوف يؤدي لقتل حيوانات أخرى ستتغذى عليه بعد نفوقه نتيجة تسممها كذلك وهذا ماسيؤدي لإخلالٍ جديد بالتوازن البيئي .
* رغم تعدد المهرجانات السياحية بالمنطقة وحيوية حلقة النقاش إلَّا أنَّها أقيمت في مسرح يتسع للعشرات فقط :
في الوقت الذي تساءلت فيه ” أضواء الوطن ” عن عدم تواجد المركز بهذه الحلقة الهامة في المهرجانات السياحية ، وتأكيد مدير فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة تعميم الدعوة ؛ يبرز عدم وجود مبرر معتبر لدى المركز أو فرع وزارة البيئة في عدم الوصول للناس بدلًا من انتظار وصولهم وهذا مايوضح عدم وجود تنسيق جيد لدى فريق العمل مع الجهات المعنية للتواجد في أماكن تجمع السياح والمواطنين عمومًا بدليل تأكيد المركز الإعلامي بالمركز انتظار إمارة المنطقة تزويدهم بالمهرجانات.
* ” أضواء الوطن ” طالبت ببناء فريق عمل متكامل من جميع الجهات المختصة لتقديم حلولٍ مستدامة :
تُبرز خرائط المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية وجود ست مناطق تنشط فيها قرود البابون والتي يعود زمن استيطانها في الجزيرة العربية لأكثر من 300 ألف سنة مضت ، حيث تتباين حلول معالجة أضرار انتشارها مابين الحل الطبي المتمثل في القتل بالسم أو الحقن لتحديد النسل ، وبين فرض الغرامات المالية على مطعميها مع وجود أدوارٍ لجهات أخرى توعوية أو تنفيذية ؛ طالبت صحيفة أضواء الوطن من مسؤولي المركز وجود فريق عمل متكامل من كل الجهات المختصة يعمل بصفةٍ رسمية مستقلة لتقديم حلول جذرية ومستدامة وآمنة في ذات الوقت على الإنسان والحيوان والبيئة وهو المطلب الذي ترى الصحيفة نجاحه في ظل أزمةٍ بيئيةٍ حساسةٍ كهذه .
* قالوا عن الأزمة :
– ( مسؤول بالمركز) : قرد البابون أصبح حيوانًا مستأنس يعتمد على الإنسان وليس بري وأنثاه لم تعد تخضع لسيطرة ذكوره كتغير فطري مخيف
– ( الرئيس التنفيذي للمركز) : وكالات الإمارات في المناطق الست المستهدفة هي من يقود العمل
– ( مدير المركز الاعلامي بالمركز) : الامارة ستزودنا بمهرجانات المنطقة لنتواجد بها
* مشاهدات رصدتها ” أضواء الوطن ” من القاعة :
– تقاطر على القاعة عدد قليل من المواطنين وعدد ضئيل جداً من الاعلاميين وعدد ملحوظ من مسؤولي المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية وفرع وزارة البيئة بالباحة رغم حيوية الأزمة .
– رغم انتشار المهرجانات السياحية بالباحة وحيويتها ؛ إلَّا أنَّ حلقة النقاش ظلت حبيسة ثمانين مقعدًا جلهم من المسؤلين .
– حلقة النقاش كانت ساخنة رغم برود البداية حيث تأخرت بداية الحلقة ربع ساعة بسبب خلل فني .
– في خطوة عملية .. في ختام الحلقة حمل كل واحد ورقة واحدة يعلوها سؤال : كيف تتعامل مع قرود البابون ؟؟ وأسفلها باركورد لمنصة فطري للإبلاغ عن تجمع القرود .