تمكن باحثون من استخدام مستشعر الأشعة تحت الحمراء المناعي مُطور حديثًا لاكتشاف المؤشرات الحيوية لمرض ألزهايمر في عينات الدم قبل 17 عامًا من ظهور الأعراض السريرية، حيث بات من الممكن اكتشاف أن هناك اختلالا في تكوين بيتا أميلويد.
ترسبات في المخ
وبحسب ما نشره موقع “نيوروساينس نيوز” Neuroscience News، مع تقدم مرض ألزهايمر، يتسبب اختلال بروتين أميلويد بيتا في حدوث ترسبات مميزة في الدماغ، تسمى اللويحات، ويمكنها استكشافها بواسطة مستشعر الأشعة الذي تم تطويره في بوخوم بألمانيا.
يقول بروفيسور كلاوس غيرويرت، المدير المؤسس لمركز تشخيص البروتين PRODI في “جامعة الرور” ببوخوم، إن “الهدف هو تحديد خطر الإصابة بمرض الزهايمر في مرحلة لاحقة من خلال اختبار دم بسيط حتى قبل أن تتشكل اللويحات السامة في الدماغ، من أجل ضمان إمكانية بدء العلاج في الوقت المناسب”، في إطار مشروع بحثي بالتعاون مع مجموعة علماء في المركز الألماني لأبحاث السرطان في هايدلبرغ DKFZ، برئاسة بروفيسور هيرمان برينر.
نشر الباحثون النتائج التي تم الحصول عليها باستخدام مستشعر الأشعة تحت الحمراء المناعية في دورية Alzheimer’s & Dementia، موضحين أن الدراسة مدعومة بدراسة مقارنة نُشرت في نفس الدورية في 2 مارس 2022، والتي أجراها الباحثون باستخدام تقنية مصفوفة الجزيء الواحد التكميلية SIMOA.
اختلال تكوين أميلويد بيتا وتركيز GFAP
سعى فريق الباحثين، برئاسة كلاوس غيرويرت وهيرمان برينر، إلى معرفة ما إذا كان من الممكن بالفعل العثور على علامات مرض الزهايمر في عينات الدم وبالفعل تمكن مستشعر الأشعة تحت الحمراء المناعية من تحديد 68 شخصًا خضعوا للاختبار أصيبوا لاحقًا بمرض الزهايمر بعد 17 عامًا بدرجة عالية من دقة الاختبار. للمقارنة، فحص الباحثون المؤشرات الحيوية الأخرى باستخدام تقنية SIMOA التكميلية شديدة الحساسية – على وجه التحديد المرقم الحيوي P-tau181، والذي يُقترح حاليًا كمرشح واعد للعلامة الحيوية في دراسات مختلفة.
يقول الباحثون إنه من “المثير للدهشة أننا وجدنا أن تركيز بروتين الألياف الدبقية GFAP يمكن أن يشير إلى المرض حتى 17 عامًا قبل المرحلة السريرية، على الرغم من أنه أقل دقة بكثير من مستشعر الأشعة تحت الحمراء المناعية”.
ولكن تمكن الباحثون من زيادة دقة الاختبار في المرحلة التي لا تظهر فيها أعراض سريرية للإصابة بمرض ألزهايمر من خلال الجمع بين اختلال تكوين أميلويد بيتا وتركيز GFAP.
قبل حدوث الضرر
يأمل باحثو بوخوم أن يساعد التشخيص المبكر القائم على اختلال تكوين الأميلويد بيتا في تطبيق أدوية مرض ألزهايمر في مثل هذه المرحلة المبكرة، بحيث يكون لها تأثير أفضل بشكل ملحوظ.
يقول كلاوس غيرويرت: “نخطط لاستخدام اختبار الخلل في تكوين البروتين لتأسيس طريقة فحص لكبار السن وتحديد مخاطر إصابتهم بخرف ألزهايمر”، ومن ثم يمكن أن يتم البدء في تقديم العلاج قبل “حدوث ضرر لا يمكن إصلاحه”.
يضيف غيرويرت قائلًا إنه “حتى الآن، فشلت التجارب السريرية لأدوية مرض الزهايمر بالعشرات، على ما يبدو لأن اختبارات الكشف عن الترسبات في المخ المستخدمة في التجارب لا تكشف عن المرض في الوقت المناسب”، شارحًا أنه “بمجرد ترسب اللويحات، فإنها تسبب ضررًا لا رجعة فيه بمخ المريض”.
تشخيص مبكر وأكثر دقة
في الاختبارات المستخدمة حتى الآن، يتم الكشف عن اللويحات إما مباشرة في الدماغ باستخدام تقنية مسح PET المعقدة والمكلفة أو يتم تحديدها بشكل غير مباشر بطريقة أقل تعقيدًا باستخدام تركيزات المرقم الحيوي للبروتين في السائل النخاعي الذي تم الحصول عليه بشكل غازي باستخدام تقنية ELISA أو قياس الطيف الكتلي.
على عكس تشخيصات اللويحات الراسخة، يشير مستشعر الأشعة تحت الحمراء المناعية إلى خلل سابق في أميلويد بيتا، والذي يمكن أن يتسبب في ترسب اللويحة لاحقًا.
المؤشرات الحيوية
يلعب الخلل في البروتينات دورًا رئيسيًا في العديد من الأمراض العصبية التنكسية، مثل مرض باركنسون ومرض هنتنغتون والتصلب الجانبي الضموري ALS.
كما أوضح الباحثون، يمكن أيضًا استخدام مستشعر الأشعة تحت الحمراء المناعية من حيث المبدأ للكشف عن البروتينات الأخرى المشوهة، مثل TDP-43، والتي تحدث لدى مرضى ALS، مشيرين إلى أن المستشعر لا يقيس تركيز بروتين معين، لكن يكتشف وجود اختلال باستخدام الأجسام المضادة الخاصة بمرض معين.
يؤكد غيرويرت أن النقطة الأهم والأبرز هي أن “تقنية النظام الأساسي تسمح بإجراء تشخيص تفاضلي ودقيق قائم على العلامات الحيوية في المراحل المبكرة من أمراض التنكس العصبي، حيث يكون التشخيص القائم على الأعراض المطبق حاليًا صعبًا للغاية وعرضة للأخطاء”.