أمَّ إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور عبد الله بن عواد الجهني في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك وقال: عباد الله : إن الله جعل شهر رمضان لخلقه مضماراً يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته،
فالمؤمن يفرح بتوفيق الله له على بلوغ هذا الشهر، وتوفيقه لصيامه وقيام ما تيسر من ليله، يغتبط بإيمانه، ويعتز بإسلامه.
وفي ذات الحين يأسف على تقصيره في مرور أيام وليال الخير والبركة ولم يزدد فيها من الخير أكثر مما عمل، ويخشى ألا يدرك رمضان آخر، فواقع المسلم الصائم أنه بين حالين متضادتين، فرح وحزن، وخوف ورجاء، واغتباط وأسف.
أيها المسلمون: إذا كان الشهر كاد أن ينتهي فلم يبق إلا ليلة واحدة موكدة وهي من أفراد العشر، وفيها أعظم نفحة من رمضان يجود بها الخالق على عباده، وهذه الليلة العظيمة العمل فيها والاجتهاد فيها خير من العمل في ألف شهر فيما سواه، فحري بنا البدار إلى التوبة وإلى الأوبة، والاستكثار منها، ولزوم الأعمال الصالحة واجتناب الأعمال السيئة.
وقد اجتهد أبو موسى الأشعري “رضي الله عنه” قبل موته اجتهادًا شديدًا فقيل له: لو أمسكت أو رفقت بنفسك بعض الرفق؟ فقال: “إن الخيل إذا أرسلت فقاربت رأس مجراها أخرجت جميع ما عندها!”، فلنخرج جميع ما عندنا من طاقة وطاعة وصدقه قبل بزوغ فجر شوال،
وأصل أخي المسلم واجتهد ولا تكسل ولا تغفل حتى ينتهي الشهر بل حتى ينتهي العمر،
ومن فرط وأضاع فيما مضى من الأيام ، فعليه بالتوبة وحسن الختام، فإن الأعمال بخواتيمها، والعبرة بكمال النهايات لا بنقص البدايات .
واستهل فضيلته خطبته الثانية قائلاً: فإن مما يشرع للمسلم في ختام شهر رمضان بعد أن من الله عليه بإتمام هذه الفريضة العظيمة
أن يخرج زكاة الفطر وهي واجبة على كل مسلم ذكراً كان أو انثى، صغيراً كان أم كبيراًَ،
حراً أو مملوكًا، وهي طهرة للصائم من الرفث واللغو ، وطعمة للمساكين، فمن أداها قبل صلاة العيد فهي زكاة مقبولة.
ومن أداها قبل العيد بيوم أو يومين فهي جائزة ، ومن أخرها إلى بعد صلاة العيد فهي صدقة من الصدقات .
والمستحب للمؤمن في ليلة العيد الإكثار من التكبير، كما قال جل وعلا: وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ، فيشرع للمسلمين الجهر بالتكبير ليلة العيد من غروب الشمس إلى الفراغ من خطبة صلاة العيد، كله تكبير: في البيت، والمسجد، والطريق، إلا المرأة فإنها تسر به، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.