أم المسلمين اليوم لصلاة الجمعة في المسجد النبوي فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالله البعيجان واستهل فضيلته خطبته الأولى عن فضل شهر شعبان فقال: إن من نعم الله وفضله، ومنحه وعطائه، أن شرع لعباده مواسم للخير والطاعات، وضاعف هم فيها الثواب والأجر على العبادات، وحثهم على اغتنام الفرص وإعمار الأوقات، والتعرض للنفحات، والمسارعة إلى الطاعات، فاستبقوا الخيرات، وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها الأرض والسماوات.. فعن محمد بن مسلمة الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن لربكم عز وجل في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها، لعل أحدكم أن تصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبداً» رواه الطبراي.
شعبان موسم مبارك من مواسم الطاعات، ونفحة من النفحات، فأكثروا فيه من القربات، وتخففوا من أثقال التبعات، وتوبوا من مقارفة المعاصي والسيئات.
شعبان توطئة لشهر رمضان، شهر الصيام والقيام، فهو مقدمة لركن من أركان الإسلام، وهو من رمضان مثابة السنن الرواتب من الفرائض، تجبر الخلل، وتكمل النقص.
شعبان شهر الاستعداد والتأهب، وتدريب النفوس، وتمرين الأبدان، وإصلاح القلوب، فالارتياض يخفف المشقة، ويزيد من النشاط والقوة، ويعين على تذوق حلاوة الطاعات ولذتها. فالاجتهاد في شهر شعبان هو سبيل معين للاجتهاد في رمضان.
شعبان شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله، فاحرصوا عليها قبل أن ترفع إليه، وأكثروا من الطاعات، وعليكم بالصيام، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من شهر من الشهور ما يصوم من شعبان، فقلت: يارسول الله، إنك تصوم لا تكاد أن تفطر، وتفطر حتى لا تكاد أن تصوم إلا يومين إن دخلا في صيامك وإلا صمتهما قال: «أي يومين؟» قال: قلت: يوم الاثنين ، ويوم الخميس. قال: «ذانك يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين، وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم» قال: قلت: ولم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان قال: «ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم» رواه أحمد والنسائي وحسنه الألبان.
وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في شهر أكثر صياماً منه في شعبان كان يصومه إلا قليلاً بل كان يصومه كله». رواه مسلم
واختتم فضيلته خطبته الأولى بنصح المسلمين للاستعداد لشهر رمضان فقال: استعدوا لشهر رمضان، فإنه شهر طاعة وعبادة، يتطلب استقباله تنظيم الوقت، وتهيئة النفس، والإخلاص والعزم على الوفاء بحقه وصيانته، والدعاء بإدراكه وتقبله، وإن من أهم ما يستعان به على استقبال الطاعات، التوبة والإنابة إلى الله، والتخلص من الحقوق والتبعات، والابتعاد عن الشبه والشهوات، والاستغفار من الذنوب والخطيئات.
ومن أهم ما يستعان به أيضا على استقبال رمضان التمرن على الطاعة، فالنفس تحتاج إلى رياضة وتدرج ومقدمات، وإلى سلم وممهدات، فإن عدم التدرج قد يسبب الفتور وجموح النفس، ويحرم من لذة العبادة، وربما لا يستطيع المرء المواظبة والمداومة، فيفوته بذلك خير كثير.
ومن أفطر في رمضان بعذر شرعي وجب عليه القضاء، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} .
من كان عليه قضاء من رمضان الماضي فليبادر بصومه قبل انتهاء شعبان، ولا يجوز له التأخير عن ذلك من غير عذر. فاستبقوا وسارعوا وبادروا بالواجبات، وفعل الطاعات.
وتحدث فضيلته في خطبته الثانية عن القصاص وأنه شرع وحد من حدود الله فقال: إن الأمن والاستقرار ووحدة المسلمين منوط بالعدل وتطبيق أحكام الشريعة وقد شرع الله القصاص والحدود لحفظ وصيانة الدين والعقل والأعراض والأنفس والأموال، فهي رحمة أثرها عظيم في صلاح الأمة، واستقرارها وانتظام حياتها ، وردع للمجرمين، وكف ظلمهم وعدوانهم، فتطبيق الحدود رحمة بالجميع ؛ لأنها تقي الأمة والمجتمع شر الأشرار، وتضمن لهم الاستقرار.
ومتى ما تعطل تنفيذ حكم الله في الناس اختل الأمن والاستقرار، وانتشرت الجرائم والظلم والفساد، وقامت الفوضى، وشبت الفتن، وضاعت الحقوق، وهتكت الأعراض، ونهبت الأموال، وكثر الهرج.
إن نظام المملكة العربية السعودية حريص على تطبيق الشريعة الإسلامية وتوطيد دعائم الأمن والاستقرار، والذب عن الحمى، وإرساء قيم العدل، ومحاربة الإرهاب والفكر الضال.
وتبذل كل الجهود في سبيل أمن واستقرار المواطنين والمقيمين، ولا تقبل أي مساومة تتعلق بالمساس بالأمن والاستقرار.