أعلنت السلطات السودانية ثالث زيادة على التوالي في أسعار الوقود خلال شهر واحد حيث حددت محطات التوزيع 547 جنيها (نحو دولار واحد) للتر البنزين مقارنة مع 408 جنيها في الخامس من فبراير و420 جنيها في العشرين من الشهر نفسه ليبلغ حجم الزيادة 30 في المئة.
وتأتي الزيادة وسط مصاعب اقتصادية كبيرة تعاني منها البلاد أدت إلى انهيار ملحوظ في سعر صرف العملة المحلية حيث يجري تداول الدولار الواحد عند 570 جنيها في السوق الموازي مقابل 536 جنيها في السوق الرسمي الذي يعاني انحسارا واضحا في ظل تراجع تحويلات المغتربين، والطلب الكبير على العملات الأجنبية في السوق الموازي.
وأعلن بنك السودان المركزي، يوم الاثنين، توحيد سعر صرف الجنيه السوداني الذي فقد نحو 25 في المئة من قيمته خلال الأسبوعين الأخيرين؛ لكن السياسة الجديدة أدت إلى المزيد من الانفلات في أسعار الصرف ومستويات التضخم.
وعدلت المصارف منتصف الأسبوع سعر صرف الجنيه من متوسط 445 إلى ما بين 535 و538 لكن في المقابل واصل السوق الموازي توسيع الفارق.
وبعد فترة استقرار دامت أكثر من عام عاد السوق الموازي من جديد موسعا الفارق مع السعر الرسمي إلى أكثر من 120 جنيها.
وقال محمد شيخون استاذ الاقتصاد في الجامعات السودانية لموقع “سكاي نيوز عربية” إن الخطوة ستؤدي إلى مزيد من الانفلات في أسعار الصرف ورفع معدلات التضخم المتفاقمة أصلا والتي تخطت 400 في المئة خلال الفترة الأخيرة.
ورأى شيخون أن فقدان السودان لقنوات التواصل مع مجتمع المال الدولي، إضافة إلى تراجع الإنتاج واعتماد الأسواق على الواردات لتغطية أكثر من 90 في المئة من احتياجاتها والتناقص الكبير في تحويلات المغتربين جميعها عناصر تعزز توقعات المزيد من التراجع في قيمة الجنيه.
ويعاني الاقتصاد السوداني من أزمات كبيرة بعد التدهور المريع الذي طال كافة القطاعات بسبب الفساد الكبير الذي استشرى خلال فترة حكم عمر البشير التي استمرت منذ 1989 وحتى الإطاحة به في ثورة شعبية في ابريل 2019. واثرت تلك الازمات على نعظم الشرائح السكانية.
وشرع السودان خلال الفترة التي أعقبت سقوط البشير في أبريل 2019 في الانفتاح نحو المجتمع الدولي بعد شطب اسمه من قائمة الإرهاب؛ وحصوله على تعهدات بشطب جزء كبير من ديونه البالغة 66 مليار دولار، ووعود بمساعدات تقدر بنحو 3 مليارات دولار؛ لكن المجتمع الدولي أوقف كل تلك التعهدات في أعقاب الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر.
ويرى مراقبون أن الزيادة الجديدة في أسعار المحروقات ستؤدي إلى المزيد من المعاناة في بلد يعيش أكثر من 60 في المئة من سكانه تحت خط الفقر. وتنعكس أسعار الوقود بشكل مباشر على تكلفة الإنتاج والنقل مما يؤدي إلى المزيد من الارتفاع في أسعار السلع الأساسية.