وكأن الزمن عاد إلى الوراء 80 عاما في مدينة أوديسا التاريخية في أوكرانيا، التي توصف السيطرة الروسية عليها، إن حصلت، بـ”الجائزة الكبرى”.
وكانت آخر مرة تعرضت فيها دار الأوبرا في أوديسا للحصار في الحرب العالمية الثانية، عندما احتلتها القوات المتحالفة مع ألمانيا النازية.
وعادت مشاهد الأسلاك الشائكة وأكياس الرمل إلى محيط دار الأوبرا، كما غيرها من المناطق في أوديسا. وتنتشر في المدينة الحواجز المضادة للدروع.
وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن المشاهد في محيط دار الأوبرا تذكر بما حدث هنا في الحرب العالمية الثانية.
أهمية أوديسا
وتتمثل أهمية أوديسا في أن السيطرة عليها تعني عزل أوكرانيا عن البحر الأسود، بما ينطوي على حرمان البلاد من الاستيراد والتصدير.
وأوديسا ثالث أكبر مدينة في أوكرانيا بعد كييف وخاركيف، وتعتبر عاصمة الجنوب الأوكراني.
وبحسب وكالة “بلومبرغ” الاقتصادية الأميركية فإن 70 بالمئة من تجارة أوكرانيا عبر البحر تتم عبر موانئ أوديسا ومن دون أوديسا، ستكون كييف معزولة إلى حد كبير عن الأسواق الدولية.
وفي حال تمكنت القوات الروسية من تأمين البنية التحتية للموانئ الأكثر ربحا في أوكرانيا، فهذا من شأنه أن يمنح موسكو ميزة سياسية واقتصادية غير مسبوقة في منطقة البحر الأسود.
الوصول إلى المنطقة الثالثة
وتوقع موقع “ناشونال إنترست” الأميركي المتخصص في الشؤون العسكرية والاستراتيجية في سيناريو نشره قبل اندلاع الحرب أن تعاني بقية أجزاء أوكرانيا من الفوضى حال السيطرة على أوديسا.
ورسم الموقع سيناريو لعملية احتلال أوديسا تشمل استخدام مشاة البحرية الروسية والقوات المحمولة جوا.
وقال الموقع إن الأسلوب القتالي لمشاة البحرية الروسية يعتمد على هجمات متعددة المتسويات، يتضمن هجوم القوات الجوية التابعة للبحرية على الدفاعات الساحلية الأوكرانية حتى تتمكن وحدات الإنزال من تأمين رأس جسر لقوة الاجتياح.
وثمة أهمية عسكرية لأوديسا بالنسبة إلى روسيا، فإذا تمكنت من بسط السيطرة على هذه المدنية، فإنها ستصل إلى منطقة ترانسنيستريا الانفصالية على الحدود الأوكرانية المولدوفية.
وبحسب تقرير لصحيفة “نيويورك تاميز”، فإن المسؤولين والسكان في أوديسا على حد سواء يعتقدون أن الهجوم على مدينتهم حتمي.
ويقول غينادي تروخانوف هو عمدة أوديسا إنه قلق من اجتياح المدينة من 3 جهات، من البحر الأسود ومن الشرق ومن الغرب حتى تصل القوات الروسية إلى الجمهورية الانفصالية في مولدوفا.
من جانبه، يقول ألبرت كاباكوف، أحد سكان المدينة ( 58 عاما) لقناة “بي بي إس” الأميركية: “نحن خائفون للغاية لأن الجيش الروسي، تجاوز كل الخطوط الحمراء. عندما أطلقوا النار على محطة للطاقة النووية”.
وتابع: “لدي أدنى شك على الإطلاق في أنهم سيتصرفون بنفس الطريقة هنا، ويمكننا فقط إيقافهم”.
الحنين للماضي
ولدى أوديسا أهمية تاريخية، على الأقل بالنسبة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، الذي تحدث بأسى عن إعادة تشكيل روسيا الإمبراطورية، التي تمتد إحدى مناطقها على طول البحر الأسود ومركزها أدويسا.
وكانت أوديسا تشكل درة التاج الإمبراطوري الروسي ومنياءً استراتيجيا في العهد السوفيتي.