قد يبدو الأمر مفاجئا، أن نسبة كبيرة من الناس يميلون إلى مشاهدة النهايات الحزينة والقصص المأساوية، لأنها تجعلهم أكثر سعادة وأكثر تقبلا للواقع.
ووجدت الأبحاث العلمية أن أدمغتنا تتزامن بشكل جماعي مع أدمغة المشاهدين الآخرين، وهذا الاندماج العقلي يؤدي إلى إثارة مشاعر التقارب الجماعي، مما يزيد من تأثير “الشعور بالرضا”.
كما كشفت الدراسات بقيادة الخبيرة وعالمة النفس الإكلينيكي، جيسيكا ماجيدسون، أن النهايات الحزينة تذكرنا بأن الحياة صعبة للغاية، وأننا محظوظون لما لدينا من أفراح، فنحن لسنا ضعفاء أو نصارع الحياة لوحدنا. بل نحن أبطال مثل الشخصيات “الدرامية” التي تحملت الكثير وما زالت تحتفظ بقوتها في الفيلم.
وعلى الرغم من أن استجاباتنا العاطفية للأفلام ليست موحدة تماما، تقول ماجيدسون بأن مشاهدة الأفلام المأساوية قد تجعلنا في الواقع نشعر بالسعادة لأنها تدفعنا إلى التفكير والشعور بالامتنان للطرق التي تكون بها حياتنا وعلاقاتنا أفضل، من تلك التي تظهر على الشاشة.
ولاسيما النساء فهن أكثر عرضة من الرجال للاستجابة للمحفزات العاطفية السلبية في الأفلام مثل الشعور بالحسرة والموت واليأس والدموع.
في حين يعتبر الرجال أكثر عرضة للاستجابة للمنبهات العاطفية الإيجابية مثل قدرة البطل على هزم أعدائه رغم إصابته البليغة لإنقاذ أفراد عائلته.
تحفز الدماغ
توصل مدير مركز الاقتصاد العصبي في جامعة بنسلفانيا البروفيسور، بول زاك، إلى أن الأفلام الحزينة تجعلنا نشعر بالتعاطف مع الآخرين والاهتمام بهم، حتى مع الأشخاص الخياليين على الشاشة، من خلال إطلاق هرمون الأوكسيتوسين.
وتظهر بيانات الاستطلاع أن نسبة عالية من الرجال والنساء أفادوا بأنهم يشعرون بتحسن نتيجة البكاء، الذي يرتبط بتنشيط الجهاز العصبي السمبتاوي، الذي يحفز استجابةَ الاسترخاء في الجسم، وتهدئة النفس.
ناهيك عن التحليل البيوكيميائي للدموع التي تحتوي على نوع من الإندورفين يسمى ليسين إنكيفالين، المعروف بتقليل الألم وتحسين الحالة المزاجية.
ورغم كل التوضيحات حول ميل الناس لمتابعة الأفلام والقصص الحزينة، ينصح علماء النفس وخبراء الصحة العقلية، بالتقليل من متابعتها يوميا، لأنها تجرهم الى المزيد من الكآبة والبقاء في حفرة مظلمة من الحزن، بغض النظر عن المحفزات الأخرى للمشاعر السلبية.
وعن كيفية الخروج من دائرة الأحزان يقدم الخبراء النصائح التالية:
لا تشعر بالسوء حيال الشعور بالحزن: وجدت دراسة في علم النفس الاجتماعي أن الأفراد الذين يقبلون تجاربهم العقلية بدلاً من الحكم عليها، قد يتمتعون بصحة نفسية أفضل، لأن القبول يساعدهم على تجربة عاطفية أقل سلبية وأقل استجابةً للضغوط.
إذا كنت لا تستطيع تحديد سبب حزنك جرّب الكتابة: قد يكون الشخص حزينًا بدون سبب واضح. عندما يكون الأمر كذلك، الكتابة دون توقف لمدة خمس دقائق أو أكثر عن الأحداث المؤلمة والأوقات العصيبة والحنين لبعض الذكريات، قد يساعد على البدء في الشعور بالتحسن.
اكتشف ما يجعلك سعيدا ولا تنس أن تضحك: الضحك استجابة للألم والحزن يمكن أن يكون آلية تأقلم رائعة، فالضحك يطلق الإندورفين بشكل مشابه للتمارين الرياضية، ويقلل من هرمون التوتر، ويزيد هرمون السعادة. بالطبع قد يستغرق الحزن بعض الوقت، لذلك لا عيب في عدم الرغبة في الضحك مؤقتا.
أعد صياغة أفكارك وتوقف عن التفكير في الماضي: يسمي المعالجون هذه التقنية بإعادة الهيكلة المعرفية وهي عملية تحدد فيها الأفكار المؤلمة وغير المنطقية، وأفضل طريقة للقيام بذلك هي تحويل فكرة سلبية إلى فكرة إيجابية.
على سبيل المثال بدلاً من أن تقول لنفسك “سأبقى وحيدا إلى الأبد”، حاول أن تقول “سأجد الحب مرة أخرى” ستشعر بمزيد من السلام وحزن أقل، وفي النهاية ستصدق ذلك.
اقضِ وقتا في الطبيعة: تبعا لدراسات سابقة فإن قضاء 120 دقيقة أسبوعيا أي ما يزيد عن 17 دقيقة يوميا في التجول في الحي أو الحديقة العامة، يمكن أن يعزز بشكل كبير الإحساس العام بالرفاهية، ويمنح الناس فرصة لرؤية الجمال في العالم.