بعد فترة وجيزة من إعلان المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، أن المحادثات النووية في فيينا تمر بـ”مرحلة حاسمة”، بعث قرابة مائتي نائب جمهوري في الكونغرس برسالة إلى الرئيس جو بايدن، ذكروا فيها أن أي اتفاق نووي جديد مع النظام في طهران “سيلقى مصير” اتفاق 2015 نفسه.
وقال الخطاب الذي بعث به الجمهوريون، إن “مثل هذا الاتفاق دون موافقة المشرعين سيلقى مصير اتفاق أوباما مع إيران نفسه”، محذرين الرئيس الأميركي من أنه “إذا أبرمت اتفاقا مع المرشد الإيراني دون موافقة الكونغرس رسميا، فسيكون مؤقتا وغير ملزم، وسيواجه المصير نفسه لخطة العمل الشاملة المشتركة”، حسبما نقلت “فوكس نيوز”.
غير أن الناطق الرسمي بلسان الخارجية الأميركية عقّب على ذلك، خلال لقاء صحفي نهاية الأسبوع الماضي، وقال: “تقييمنا هو أننا في خضم المراحل النهائية للغاية، كما قلت من قبل، من مفاوضات معقدة مع أصحاب المصلحة الرئيسيين هنا. هذه هي حقا الفترة الحاسمة التي سنتمكّن خلالها من تحديد ما إذا كانت العودة المتبادلة إلى الامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة وشيكة أم لا”.
وأضاف برايس: “ما زلنا نعتقد بأن العودة المتبادلة إلى الامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة هي أفضل طريقة، مرة أخرى، لفرض قيود دائمة يمكن التحقق منها على برنامج إيران النووي، لكننا نمر بمرحلة حاسمة لأن تلك المفاوضات ستغلق قريبا جدا”.
وكان وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، قد أكّد على أن الاتفاق النووي مع طهران أمسى ممكنا وفي المتناول، لافتا بعد اتصال بوزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، مؤخرا، إلى أنه “وصلنا لمرحلة بذل الجهود النهائية واللجوء لحلول وسط مع إيران”.
وغرّدت وزارة الخارجية الإيرانية، عبر حسابها الرسمي على “تويتر”، بأن عبد اللهيان ناقش مع بوريل أحدث تطورات المحادثات في فيينا، كما نقلت الوزارة عن عبد اللهيان قوله إن “عدم وجود إرادة جادة من جانب الغرب للتوصل إلى اتفاق جيد وموثوق به في فيينا أدى إلى إطالة المحادثات”، مؤكدا على أن بلاده لن تتراجع عن “خطوطها الحمراء”، وفق تعبيره.
وفي حديثه وفقاً لموقع “سكاي نيوز عربية”، أوضح المحلل السياسي الإيراني، مهيم سرخوس، أن المفاوضات النووية في فيينا بلغت مرحلة تضع كل القوى المشاركة أمام “تحدٍّ دقيق ومفصلي”، حيث إن “مناورات طهران التكتيكية” لن تفلح في تحقيق استراتيجيتها القائمة على “المماطلة”، ومن ثم مواصلة تحقيق تقدّمها في الملف النووي.
ولفت سرخوس إلى أن ثمة متغيرات جمة تفرض تأثيراتها على السياق الذي تجري فيه مفاوضات إحياء الاتفاق النووي، ومن بينها انتخابات التجديد النصفي في الكونغرس، فضلا عن التحديات الخارجية التي تواجهها إدارة الرئيس بايدن، مع الوضع في الاعتبار أن أعضاء الحزب الجمهوري المتوقع فوزهم وصعودهم مجددا وتراجع الديمقراطيين، جددوا تأكيداتهم مؤخرا على عرقلة أي اتفاق لطهران لا يمر عبر الكونغرس.
وأشار المحلل السياسي الإيراني إلى أن موقف الجمهوريين ليس بجديد إنما سبق وأرسل نحو 30 عضوا من الحزب الجمهوري رسالة تحذيرية مماثلة لبايدن قبل نحو أسبوع، من بينهم جيم إنهوف وبات تومي، شددوا فيها على ضرورة منحهم دورا تجاه مسألة عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي الإيراني، أو أنهم سيحاولون منع هذا الاتفاق في حال استبعادهم ونبذهم.
وإلى ذلك، أكد الباحث المتخصص في العلوم السياسية، الدكتور مصطفى صلاح، أن الاتفاق النووي في الجولة الثامنة وصل درجاته القصوى التي لا تحتمل العودة للوراء أو التقدم نحو المزيد إلى خطوة أخرى، حيث إن الخيار الأول سيكون بمثابة انهيار الاتفاق النووي والبحث عن بدائل أخرى، أما الثاني فيعني الدخول في مفاوضات استنزافية.
وأضاف صلاح، في حديثه وفقاً لموقع “سكاي نيوز عربية”، أنه من المرجح الوصول لصيغة تامة ونهائية بشأن العودة للاتفاق النووي، ومن المتوقع الانتهاء من ذلك بالتزامن مع نهاية الشهر الجاري، موضحا أن القضايا الخلافية لن تكون سببا في تجميد المحادثات بكل الأحوال، ومن بينها “العقوبات، التعهدات النووية، آليات التحقق، والضمانات”.