صرحت الخبيرة العالمية الدكتورة ماريا نيرا، مديرة قسم البيئة وتغير المناخ والصحة في منظمة الصحة العالمية، أن المنظمة الأممية تعتبر تلوث الهواء حالة طوارئ صحية عامة ورئيسية، لأن أكثر من 7 ملايين حالة وفاة مبكرة تحدث سنويًا نتيجة التعرض لتلوث الهواء حول العالم، وقد فاقم تفشي فيروس كورونا الأمر.
وأضافت الدكتورة نيرا في الحلقة رقم 66 من برنامج “العلوم في خمس”، الذي تقدمه فيسميتا جوبتا سميث، وتبثه منظمة الصحة العالمية على موقعها الرسمي وعبر حساباتها على مواقع التواصل، أن هناك إجماعا على أن تلوث الهواء يتسبب في مشكلة صحية عامة كبيرة، موضحة أن تسعة من كل 10 أشخاص حول العالم، لا سيما أولئك الذين يعيشون في المدن، يتنفسون هواء لا يتوافق مع ما تعتبره منظمة الصحة العالمية معايير جيدة وفقًا لإرشادات جودة الهواء للتنفس.
أمراض القلب والسكتات الدماغية
وشرحت الدكتورة نيرا أنه لسنوات عديدة كان هناك اعتقاد سائد بأن معظم الأمراض المرتبطة بالتعرض لتلوث الهواء تقتصر فقط على الجهاز التنفسي. ويعد هذا الاعتقاد صحيحا إلى حد كبير، حيث إن التعرض لتلوث الهواء يؤدي إلى الإصابة بأمراض الانسداد الرئوي المزمنة وسرطان الرئة والالتهاب الرئوي.
ولكن تم أيضًا اكتشاف أن الجزيئات السامة التي تصل إلى الرئتين تنتقل إلى مجرى الدم وتصل إلى نظام القلب والأوعية الدموية، ومن ثم تكون مسؤولة عن أمراض القلب والاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية والمشاكل العصبية أيضًا.
وأضافت الدكتورة نيرا أنه يوجد حاليًا المزيد من الأدلة العلمية، التي تثبت أن التعرض طويل الأمد لتلوث الهواء يؤثر على جهاز المناعة، وبالتالي يجعل الإنسان أكثر عرضة للإصابة بأي نوع من أمراض الجهاز التنفسي.
وأشارت الخبيرة الأممية إلى أنه من الواضح أن تلوث الهواء يؤدي إلى تفاقم حالات الإصابة بكوفيد-19، وكذلك زيادة مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والرئة وأمراض التمثيل الغذائي والسكري، وجميعها يتم تسميتها “الاعتلالات المشتركة”، التي تزيد من خطر الإصابة بمزيد من حالات كوفيد-19 الشديدة.
الحد من التلوث
وقالت الدكتورة نيرا إنه من الواضح أن أفضل طريقة لتقليل تلوث الهواء هي التوقف عن حرق الوقود الأحفوري، لأنه يساهم في تغير المناخ وفي توليد هذا المستوى المرتفع من الملوثات التي تستقر بنهاية المطاف في رئتي البشر. لذا فإن تغيير تلك السياسة حول مصدر الطاقة الذي يتم استخدامه سيكون من أكثر الخطوات فعالية.
وطالبت بأن يكون هناك حرص على مستوى عالمي لاتخاذ تدابير بشأن تعميم وسائل النقل المستدام والاستخدام النظيف والحديث لمصادر الطاقة وكل طرق الاستهلاك وإعادة التدوير، وبالتالي سيمكن معالجة هذه المشكلة الضخمة لتلوث الهواء، من أجل المساهمة بشكل كبير في تحسين الصحة العامة والحماية من الأمراض.
يُذكر أن جائحة كوفيد-19 واصلت تراجعها هذا الأسبوع، مع تراجع الإصابات في كل أنحاء العالم، مع العلم أن عدد الإصابات المؤكدة قد لا يعكس سوى بعض من العدد الحقيقي، والمقارنات بين البلدان قد لا تكون دقيقة لأن سياسات الفحوص تختلف إلى حد كبير بين دولة وأخرى.
وفي حين سجل المتحور أوميكرون في ذروته عدد إصابات يومية اكبر بأربع مرات مقارنة بما سجلته الموجات السابقة، يبقى عدد الوفيات اليومي منخفضا جداً مقارنة مع الرقم القياسي الذي سُجل في يناير 2021.
وأودت جائحة كوفيد-19 رسميًا بأكثر من 5.78 ملايين شخص في أنحاء العالم منذ نهاية ديسمبر 2019، في حين بلغ عدد الإصابات المؤكدة 404 ملايين.