هدد الرئيس الأميركي جو بايدن وقادة غربيون بعقوبات اقتصادية “لا مثيل لها”، وذات “عواقب وخيمة”، وصفتها بعض وسائل الإعلام الغربية بأنها “أم العقوبات”، حال غزو روسيا لجارتها أوكرانيا.
وأوشك مجلس الشيوخ الأميركي على التوصل لاتفاق حول مشروع قانون لفرض عقوبات محتملة ضد روسيا حال قامت بغزو أوكرانيا.
وقال عضوان بارزان بالمجلس، لصحيفة “واشنطن بوست”، إن الحزبين الديمقراطي والجمهوري أوشكا على مشروع قانون سيفرض عقوبات من شأنها “سحق اقتصاد روسيا”.
والعقوبات الغربية المحتملة على روسيا قد تبدأ من الأفراد وتمتد لكيانات القطاع المصرفي، وصولا لأقسى عقوبات لم تشهدها موسكو منذ الحرب الباردة، بحسب تقارير غربية.
وهناك نحو 14 عقوبة محتملة يناقشها قادة الغرب للرد على روسيا إن قامت بغزو أوكرانيا.
معاقبة بوتن وفريقه
أول سيناريو محتمل هو معاقبة “سيد الكرملين” فلاديمير بوتن شخصيا، وفريقه الرئاسي وشخصيات عسكرية وتجميد أصولهم وحظرهم من المعاملات المصرفية الأجنبية، وهو ما أكده جو بايدن، بالقول إنه “لا يستبعد فرض عقوبات على بوتن شخصيا”.
وهنا نددت موسكو، وقالت إنها خطوات ستضر بجهود خفض التوتر بأزمة أوكرانيا، كما أن المسؤولين الروس يُحظر عليهم الاحتفاظ بأموال في الخارج.
وتعليقا على ذلك يقول الخبير في الشأن الروسي أشرف الصباغ، من موسكو، إن المؤشرات تؤكد أن الغرب يتحضر بحزمة عقوبات اقتصادية قاسية على البنوك الروسية الكبرى.
ويضيف الصباغ لموقع “سكاي نيوز عربية”: “لكن روسيا قد لا تغزو أوكرانيا في حملة عسكرية واسعة تتيح للغرب الذهاب لفرض أقصى العقوبات”.
ويفسر: “موسكو قد تلجأ إلى تكثيف دعمها العسكري لإقليمي دونيتسك ولوغانسك، وقد تعترف باستقلالهما كجمهوريتين مستقلتين على غرار ما فعلت مع انفصال إقليمي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا عن جورجيا في عام 2008”.
ويردف قائلا: “وإذا تعقدت الأمور حول أوكرانيا، فإن روسيا قد تعلن عن ضم هذين الإقليمين إلى قوامها كما فعلت مع شبه جزيرة القرم وسيفاستوبل”.
منع دخول مسؤولين روس
ضمن حزمة العقوبات المحتملة، قد تلجأ واشنطن والدول الأوروبية إلى منع مسؤولين وشخصيات روسية من دخول أراضيها.
وهذا الخيار ضمن الخيارات الأكثر ترجيحا التي يأمل الغرب من ورائها دفع النخبة الروسية للضغط على بوتن، لكن العديد من هذه العقوبات سارية بالفعل وسلوك هؤلاء لم يتغير.
ويرى الإعلامي والباحث الروسي، أرتيوم كابشوك، في تصريحات لموقع ” سكاي نيوز عربية”، أن “العقوبات الغربية بحق موسكو مفيدة داخليا فقد تدفع النخب المحافظة بالداخل الروسي إلى تطهير هيكلية الحكم من تأثير النخب الليبرالية الموروثة عن التسعينيات، وهذا أمر ينشده غالبية الروس”.
ويقول: “لا حلم لروسيا بدولة واحدة مع أوكرانيا وخاصة بعد أحداث 2014، والوضع حاليا أن الكل بمأزق عميق سواء الناتو أو روسيا”.
وعن بوتن يضيف: “ليس بوتن من يقرر كل شيء، ولا توجد سياسة توسعية لروسيا بالإقليم أو أطماع بدول الجوار”.
منع التعامل بالدولار
قد تلجأ واشنطن إلى منع روسيا من التعامل بالدولار الأميركي، حيث تستطيع فرض قيود على استخدامها للعملة الأميركية، أو معاقبة الشركات التي تسمح لنظيرتها الروسية بذلك.
ومن شأن القرار تقييد حركة المشتريات والصادرات الروسية حول العالم، كما سيؤثر بشكل كبير على مبيعاتها من النفط والغاز بالدولار.
عزل روسيا من “سويفت”
ضمن ما يدور من مناقشات غربية إجراء عزل موسكو من شبكة الاتصالات المصرفية العالمية المعروفة بنظام “سويفت”.
وهذا الاتجاه تحقق في تقديم أعضاء بالشيوخ الأميركي، الأسبوع الماضي، مسودة عقوبات جديدة ضد روسيا، تضمنت هذا السيناريو.
لكنه أصعب خيار غربي تجاه أسواق المال الروسية والدولية؛ لأنه سيكلف الغرب وبخاصة واشنطن وبرلين ثمنا فادحا.
وفي هذا المنحى، توقع الباحث محمد حامد، مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية، فرض عقوبات دولية على روسيا بدون نظام “سويفت”.
وفي تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية”، يوضح حامد أن “عزل روسيا من سويفت إن أصاب أسواق الغاز الروسي والقمح بالشلل، سيؤثر على الدول الغربية”.
الديون السيادية
ويمكن للقوى الغربية أن تتخذ إجراءات لمنع وصول روسيا إلى أسواق الديون الدولية.
وهذا قد يحرم روسيا من تمويلات لتنمية اقتصادها، وقد ترتفع تكلفة الاقتراض في البلاد وتنخفض قيمة الروبل، بحسب شبكة “بي بي سي” عربي.
نوردستريم 2
يمكن القول إن خط نقل الغاز الروسي إلى ألمانيا “نورد ستريم 2″، ورغم أنه لم يعمل بعد، هو أحد المشاريع المستهدفة بالعقوبات الغربية.
وهذا السيناريو ربما يكون أهم العقوبات، لأن واشنطن تأمل إيقافه بشكل نهائي.
حظر البنوك الروسية
إدراج البنوك الروسية بالقائمة الأميركية السوداء، ما يجعل من المستحيل على أي شخص في العالم إجراء معاملات معها هو سابع قرار على أجندة العقوبات.
وهنا سيتعين على موسكو إنقاذ البنوك ومحاولة تجنب ارتفاع التضخم وانخفاض الدخل، لكن لهذا تأثير سلبي كبير على المستثمرين والمودعين الغربيين بتلك البنوك.
تقييد واردات روسيا
يكون بمنع تصدير سلع معينة لروسيا مثل التكنولوجيا والبرامج أو المعدات الأميركية.
وقد يشمل أشباه الموصلات الدقيقة المستخدمة بالسيارات والهواتف الذكية، والأدوات الآلية، والإلكترونيات الاستهلاكية.
وخطورته تكمن في استهداف قطاعي الدفاع والفضاء الروسيين وقد يمتد لقطاعات اقتصادية أخرى.
قيود على النفط
يعتمد الاقتصاد الروسي بشكل كبير على مبيعات الغاز والنفط للخارج، ويمكن للغرب أن يجعل شراء النفط من شركات الطاقة الروسية العملاقة، مثل غازبروم أو روسنفت، أمرا غير قانوني، بحسب “إذاعة صوت ألمانيا”.
الحرمان من التكنولوجيا
سيناريو قد يعيد روسيا لزمن الحرب الباردة، لأنه أكثر العقوبات قسوة، إذ سيحرمها من امتلاك آخر التكنولوجيا وقد يعيق مواكبتها للتكنولوجيا العالمية.
وكان البيت الأبيض طلب بالفعل من مصنعي الرقائق الإلكترونية الاستعداد لقيود جديدة على الصادرات الأميركية لموسكو.
محاصرة الروبل
زيادة محاصرة العملة الروسية، أمر أيضا متوقع، فسبق لواشنطن منع تحويل الروبل إلى الدولار، ما يعني عزل روسيا عن نظام الصرف العالمي.
السندات الروسية
تشديد القيود القائمة على السندات الروسية من خلال حظر المشاركة في السوق الثانوية، ضمن العقوبات المتوقعة.
ومن شأنه منع حصول موسكو على أي تمويلات لمشاريعها المستقبلية ما يضعف نموها الاقتصادي.
تشديد العقوبات الحالية
من الممكن أن تشدد الإدارة الأميركية العقوبات المفروضة حالياً على روسيا، بل وتطالب الشركاء الأوروبيين بالقيام بالمثل.
والعقوبات الأوروبية الراهنة تشمل 185 شخصاً، و48 كياناً روسيا، أما الأميركية فتمنع المؤسسات المالية الأميركية من شراء سندات الخزانة الروسية.
قطاعات الصناعة والدفاع والطيران
العقوبات الغربية قد تشمل قطاعات الصناعة والطيران والبحرية وأجهزة الروبوت والذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية ووزارة الدفاع الروسية، بحسب مسؤولين أميركيين لوكالة “رويترز” للأنباء.
وهنا يقول بيتر هاريل، مسؤول الأمن القومي بالبيت الأبيض:” نعتزم وضع استراتيجية مزدوجة تشمل عقوبات مالية تؤدي إلى فرار رؤوس الأموال وحدوث تضخم وإلى تحرك البنك المركزي الروسي لمد البنوك بأموال إنقاذ ومن ثم يشعر بوتن بالتكلفة من اليوم الأول”.