قانون جديد في رحم الإعداد يترقبه الشارع الإيراني، لخنق تطبيقات الهواتف والإنترنت، يقول البعض إنه بهدف لتقييد حرية التعبير والرأي، وتفادي غضب الشارع على تردي أوضاع المعيشة.
القانون الجديد، الذي أعد داخل أروقة النظام الإيراني كشفت عنه مؤخرا رسالة لمركز الدراسات التابع للبرلمان الإيراني، إلى رئيس اللجنة المعنية بدراسة مسودة مشروع يطلق عليه “صيانة الفضاء الإلكتروني”.
وقدمت الرسالة تفسيرا لموقف النظام الإيراني من شبكات الإنترنت ودورها في مفاقمة الاحتجاجات وغضب الشارع، مطالبة بفرض مزيد من القيود لتفادي حدوث أزمات مباغتة.
وخلال الاحتجاجات السابقة التي طالت جميع أنحاء البلاد تقريبا، قطعت إيران خدمة الإنترنت بشكل شبه كامل.
وحينها، ذكر مسؤول في وزارة الاتصالات الإيرانية أن قطع الإنترنت تم “بقرار من مجلس الأمن القومي الإيراني”، وأن الخدمة “لن تعود إلا بقرار من المجلس نفسه”.
والمشروع الجديد عرَّج على مسألة “رأس المال الاجتماعي”، الذي يجري تقليصه من خلال الأنشطة، التي تتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بواسطة الناشطين والخصوم السياسيين.
تغييرات متوقعة
ومن المتوقع أن تشهد إيران، خلال الفترة المقبلة، تغييرات جذرية على القوانين الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي، حيث سبق وتم تقديم خطة تسمى بـ”حماية حقوق المستخدمين في الفضاء الافتراضي” إلى اللجنة الخاصة من قبل أعضاء البرلمان منتصف العام الماضي.
وكان وزير الاتصالات الإيراني عيسى زارع بور، وعد النواب في جلسة التصويت على الثقة بالبرلمان، أغسطس الماضي، بتنفيذ “خطة شبكة المعلومات الوطنية”، خلال الأعوام الأربعة المقبلة، قائلا: إن “فرص الاستفادة من الفضاء الإلكتروني تفوق بكثير أضراره”.
واللافت أن مسودة المشروع الأخير جاءت في أعقاب أزمة المياه والانتفاضة التي ضربت محافظة خوزستان، جنوب غرب إيران، حيث ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي في اتساع رقعتها، وتصاعد التضامن الشعبي مع تلك المطالب، فامتدت الاحتجاجات لمدن إيرانية أخرى، بحسب تعبير الناشطة الإيرانية سحر مهتابي.
دور منصات التواصل
وتقول مهتابي في حديثها لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن الفضاء الإلكتروني ومنصات التواصل الاجتماعي ساهمت في “حلحلة الخطاب الإعلامي الرسمي بإيران، وكشفت عن ذلك الاحتجاجات العنيفة التي شهدتها البلاد بين عامي 2019 وحتى نهاية عام 2021”.
وتضيف: “تجاوزت تلك المظاهرات صفتها الفئوية، وأبرزت سياسات النظام المحلية والإقليمية المتسببة في تعبئة قطاعات متفاوتة ضده”.
وتقول منظمة العفو الدولية، إن السلطات الإيرانية قطعت الإنترنت عمدا أثناء الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد نهاية 2019، بهدف إخفاء الحجم الحقيقي لعمليات القتل غير المشروع على أيدي قوات الأمن الإيراني ضد المحتجين.
وفي هذا المنحى، أوضحت ديانا الطحاوي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، أنه “عندما بدأت أنباء حملة القمع الدامية في الظهور في إيران نهاية عام 2019، صدم العالم من مستوى العنف الوحشي لقوات الأمن”.
وتعود الناشطة الإيرانية سحر مهتابي لتؤكد أن النظام في طهران يلجأ إلى قطع الإنترنت خلال الاحتجاجات “كخطوة أولى لقمع المتظاهرين”، وفق قولها.
وتضيف: “هذه الخطوة هدفها منع حدوث أي تنسيق بين المتظاهرين”.
ودللت على حديثها قائلة: إن “نائب قائد قوات الحرس الثوري محمد رضا نقدي، قال سابقا لا تخافوا من التعليق وصادقوا علی خطة الحماية”، في إشارة إلى القيود الجديدة المرتقبة على شبكات التواصل الاجتماعي في إيران.
ورغم أن هذه الخطط والقوانين التي يواصل البرلمان الإيراني تمريرها، لخلق مزيد من القيود على المجتمع وتصفية ما تبقى من الشبكات الإلكترونية، وفق الناشطة الإيرانية، فإن “تحايل الإيرانيين على عمليات الحجب بهدف النفاذ للمواقع والمنصات الاجتماعية في الفضاء الإلكتروني مستمر”.
45 مليونا في “تليغرام”
ونهاية العام الماضي، كشف التقرير الصادر عن مركز الإحصاء الإيراني، أن قرابة 45 مليون إيراني يستخدمون تطبيق تليغرام، حيث غردوا بنحو 15 مليار رسالة في هذه الشبكة الاجتماعية يوميًّا.
ولإيران تاريخ في حجب مواقع التواصل الاجتماعي، ففي عام 2017 تم حجب موقعي تليغرام وإنستغرام مؤقتًا؛ لمنع تنظيم تظاهرات جديدة، تبعها حجب عدة مواقع خلال الاحتجاجات الحاشدة عام 2019.
وتتهم طهران مجموعات تصفها بـ”معاداة الثورة” في الخارج باستخدام مواقع التواصل وخصوصًا تليغرام؛ للحض على التظاهر والانتفاضة الشعبية ضد نظام المرشد علي خامنئي.
ويضطر الإيرانيون إلى استخدام برامج لتجاوز الحجب (VPN) للوصول إلى التطبيقات والمواقع المحجوبة في البلاد، فيما يستخدم كبار المسؤولين، بينهم خامنئي وإبراهيم رئيسي، تطبيق “تويتر” رغم حظره.
وفي أحدث إحصائيات جرى نشرها في ديسمبر الماضي، بشأن عدد مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي، فقد بلغ عدد مستخدمي إنستغرام 47 مليونا، بينما وصل عدد مرتادي تويتر إلى مليوني إيراني.
وفي 24 مايو الماضي، اعترف أمين المجلس الأعلى الإيراني للأمن السيبراني، أبو الحسن فيروز آبادي، بأن السلطات في بلاده أفرطت كثيرا في حجب مواقع الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي.