الأكل العاطفي تجربة شائعة ولا يرتبط بالجوع الجسدي، فيساعد البعض على التعامل مع المواقف العصبية، لكن يترك أثارا مدمرة على المدى الطويل.
ويستسلم البعض للأكل العاطفي من حين لآخر، بينما توجد فئة من الأشخاص المدمنين عليه بسبب سلوكهم المكتسب منذ الطفولة، إلى درجة أنه يصعب عليهم كسره.
ويعد الأكل العاطفي سلوكا يساعد الأشخاص على التعامل مع المواقف العصيبة، فمع تناول الأطعمة المستساغة كالحلوة أو الدهنية أو عالية الكربوهيدرات، يتحسن مزاجهم مؤقتا، لكن هذه الراحة قصيرة الأمد تأتي على حساب زيادة الوزن ومشكلات صحية أخرى.
وتوصلت دراسة علمية قام بها الباحث ألكسندر مانتو وزملاؤه في ألمانيا، لفحص عوامل متعددة مرتبطة بالأكل العاطفي إلى معرفة العديد من محددات تناول الطعام تحت الضغط التي لم يؤثر فيها الجنس البيولوجي أو الوزن أو مستوى الجوع أو الاندفاع أو حساسية المكافأة أو إعادة التقييم المعرفي بشكل كبير؛ لكن مستوى التوتر وتقييد الأكل باختيار محدد، كان لهما تأثير كبير في تورط الأشخاص في الأكل العاطفي.
الدراسة خضع لها 179 طالبا جامعيا (متوسط أعمارهم 23 عاما)، تم توزيعهم عشوائيا على الحالات المزاجية السلبية والإيجابية؛ مجموعة طُلب منها قراءة سيناريو حزين وتخيل نهاية مفاجئة لعلاقتهم الرومانسية، أما المجموعة الثانية فطُلب منها قراءة سيناريو تكررت فيها كلمة “سعادة” مع تخيل لقاء الأصدقاء القدامى.
بعدها وُضع في متناول المجموعتين ألواح الغرانولا الصحية ذات السعرات المنخفضة، وألواح الغرانولا غير الصحية الغنية بالسعرات، والنتيجة كانت على النحو التالي إن المجموعة التي قرأت السيناريو الحزين اختارت تناول ألواح الغرانولا غير الصحية، بينما المجموعة التي قرأت السيناريو الإيجابي اختارت الغرانولا الصحية.
من جهة أخرى، أشار اراش امرزاده الباحث في علم الوراثة وعلم النفس إلى أن العواطف، مثل التوتر، ليست هي المحفزات الوحيدة للأكل العاطفي. فعادة ما يرتبط الجوع العاطفي بالرغبة الشديدة في تناول الوجبات السريعة أو شيء غير صحي، لأنه غالبا ما يأكل الشخص الجائع جسديا أي شيء، بينما يريد الشخص الجائع عاطفيا شيئا محددا، مثل البطاطا المقلية أو البيتزا.
ومن المحفزات الشائعة، بحسب اراش امر زاده، الشعور بالملل، بمعنى عدم وجود ما يفعله الأشخاص هو من المحفزات الشائعة للأكل العاطفي، وهذا ما حدث لأغلب الناس في فترة الحجر الصحي خلال جائحة كوفيد ، حيث يكون اللجوء إلى تناول الطعام لملء الفراغ فقط.
وهناك أيضا العادات التي غالبا ما تكون مدفوعة بالحنين إلى الماضي أو الأشياء التي حدثت في طفولة الشخص كنظام المكافآت أو صرف الانتباه عن المشكلات.
وعلى سبيل المثال، تناول الشوكولاتة بعد الحصول على علامة جيدة في المدرسة او لإسكات الطفل بعد نوبة بكاء.
والمحفز الثالث هو التعب، فمن السهل الإفراط في الأكل أو الأكل بلا وعي عند الإرهاق، خاصة عندما تتعب من القيام بمهمة مزعجة فقد يبدو الطعام كإستجابة لعدم الرغبة في القيام بنشاط معين بعد الآن.
والتأثيرات الاجتماعية موجودة كل شخص لديه ذلك الصديق الذي يشجعه على تناول البيتزا، أو الخروج لتناول العشاء بعد يوم صعب فيكون من السهل الإفراط في تناول الطعام عندما تكون مع الأصدقاء أو العائلة.
يؤكد المتخصصون في علاج الأشخاص الذين يرغبون في التخلص من الأكل العاطفي أن الخطوة الأولى التي يجب اتخاذها، هي التعرف على المحفزات والمواقف التي تنطبق على حياتهم.
ويقول هؤلاء إن عليهم تخفيف مستوى التوتر، الذي يصاحبه ارتفاع في مستوى هرمون الكورتيزول الذي يزيد من فرط الشهية عند الأشخاص الذين يميلون إلى الأكل العاطفي.