في رد فعلٍ عنيف على العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على قوات “فاغنر” الروسية -التي تنشط في أوكرانيا ومالي وإفريقيا الوسطى- وصفت وزارة الخارجية الروسية هذه العقوبات بأنها ضربٌ من “الهيستيريا” التي تطبع تصرفات الغرب إزاء هذه المسألة.
وانتقدت الخارجية الروسية في بيان لها “الهيستيريا” التي انتشرت في الغرب حول هذا الموضوع، مشيرة إلى أن موسكو تحتفظ بحق الرد على الأعمال العدائية من جانب الاتحاد الأوروبي”، بحسب البيان.
وأبلغت الخارجية الروسية، بروكسل بأن العقوبات المفروضة على مجموعة “فاغنر” أو أي من المواطنين الروس تشبه التدخل في الشؤون الداخلية لروسيا، محذرة من أن هذه الإجراءات ستواجه بالانتقام.
وكان الاتحاد الأوروبي قد أقرَّ فرض عقوبات على مجموعة “فاغنر” الروسية شبه العسكرية، بالإضافة إلى ثمانية أشخاص وثلاث شركات مرتبطة بها، بسبب ما أسمته بروكسل “ممارساتها المزعزعة للاستقرار”، وذلك على هامش اجتماع “ردع روسيا” عن أي تدخل عسكري في أوكرانيا.
وأكد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم في بروكسل، الإثنين، أن العقوبات ستشمل منع هؤلاء الأشخاص من الحصول على تأشيرات سفر، وتجميد أصولهم في الاتحاد الأوروبي.
فيما أشار وزير خارجية ليتوانيا غابرييليوس لاندسبرغيس إلى أن العقوبات المطروحة على الطاولة اقتصادية ومالية”، مضيفًا أنه يجب أن تكون غير مسبوقة؛ لأن الرد هو أفضل وسيلة لتجنب اندلاع حرب، ويجب أن نكون مستعدين وأقوياء في ردِّنا، لأن روسيا استعدت للنزاع.
من جهته، شدد نظيره الإسباني خوسيه مانويل ألباريس على ضرورة الامتناع عن أي تحرك من شأنه أن يؤدي إلى تصعيد التوترات، مشددًا على أن الأوروبيين يجب أن يكونوا موحدين، وواضحين وصارمين إزاء ممارسات روسيا، لا سيما وأن “هذه الشركة العسكرية الروسية الخاصة “فاغنر” تستخدم في أعمال مزعزعة للاستقرار في مناطق تنشط فيها في أوروبا وفي دول أخرى، خصوصا في إفريقيا”.
ويقول الخبير في العلاقات الدولية، طارق البرديسي، إن عدم التنسيق بين دول الساحل الإفريقي، تسبب في وجود حالة من الفراغ الأمني في هذه المنطقة، فضلًا عن حالة التخبط التي تعيشها مالي على وقع الإعلان الفرنسي عن إنهاء العملية العسكرية “برخان” في مالي العام المقبل.
وأضاف البرديسي، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن هذه الحالة هي التي سمحت لوجود موضع قدم لعناصر مجموعة “فاغنر” الروسية في منطقة الساحل، في ظل انتشار التنظيمات الإرهابية مثل “داعش” والقاعدة في بلاد المغرب، فضلًا عن تواجد جماعة بوكو حرام.
فيما يقول الكاتب والمحلل السياسي من مالي عبد الله ميغا، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن إعلان فرنسا انتهاء عملية “برخان” لا يعني نهاية الوجود الفرنسي في منطقة الساحل بصفة عامة أو في مالي بصفة خاصة، ولكن هو إعادة تشكيل لاستراتيجية القوات الفرنسية المتواجدة في المنطقة، إلا أن السلطات في مالي أخذت طريقها في البحث عن بديل للقوات الفرنسية، ووجدت ضالتها في عناصر “فاغنر”.
وتعاني منطقة الساحل الإفريقي من اتساع نطاق العمليات الإرهابية، حيث ذكرت دراسة نشرها مركز “فاروس” للاستشارات والدراسات الاستراتيجية، أن منطقة الساحل الإفريقي من الأقاليم الإفريقية التي تعاني من التهديدات المتنامية للجماعات الإرهابية العابرة للحدود منذ عقد التسعينيات من القرن الماضي.
وأضافت الدراسة أن الاتحاد الأوروبي يعد أحد الأطراف الفاعلة في مجال مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي، بالإضافة إلى جهود الاتحاد في مكافحة الاتجار بالبشر والجريمة المنظمة العابرة للحدود في هذه المنطقة.
من جانبها، رحبت الولايات المتحدة بفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على مجموعة “فاغنر” وعلى ثمانية أشخاص وثلاث شركات مرتبطة بها؛ بسبب ممارساتها.
وقالت الخارجية الأميركية في بيان: “تؤكد هذه الإجراءات التزامنا المشترك بالاستجابة لأعمال هذه المنظمة المزعزعة للاستقرار في نزاعات إقليمية متعددة، بما في ذلك أوكرانيا وسوريا وإفريقيا الوسطى ومنطقة الساحل”.
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قد حذر المجموعة الروسية “فاغنر” من التدخّل في مالي، حيث دعا إلى انتقال للحكم المدني، وقال بلينكن، في تصريحات على هامش زيارته إلى السنغال، نهاية الشهر الماضي، إن الولايات المتحدة تساهم في جهود مع مالي والشركاء لدعم الاستقرار في البلد الإفريقي الذي يعيش حالة حرب.
وأضاف: “ولا يمكنني أن أضيف سوى أنه سيكون من المؤسف أن ينخرط عناصر خارجية قد تجعل الأمور أكثر صعوبة وتعقيدًا، وأفكر على وجه الخصوص بمجموعة فاغنر الروسية”، مشيرًا إلى أنه فور وصول حكومة منتخبة ديمقراطيًّا إلى السلطة، سيكون المجتمع الدولي مستعدًّا لدعم مالي.
وكان رئيس وزراء مالي، شوغل كوكالا مايغا، قد اتهم فرنسا بالتخلي عن بلاده في منتصف الطريق؛ نظرًا لسحبها قواتها ونهاية عملية “برخان” في منطقة الساحل الإفريقي، مُبديًا أسفه للإعلان الأحادي من جانب باريس، ومبررًا بحث بلاده عن شركاء آخرين بعد الانسحاب الفرنسي، بحسب ما ذكرت شبكة “رؤية” الإخبارية.
وأضاف كوكالا، في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، أن الوضع الجديد الذي نشأ بسبب انتهاء مهمة “برخان”، والذي يضع مالي أمام أمر واقع ويعرضها لنوع من التخلي في منتصف الطريق، يقودها إلى استكشاف السبل والوسائل؛ لكي نضمن الأمن على نحو أفضل مع شركاء آخرين، في إشارة إلى الاستعانة بعناصر من مجموعة “فاغنر” الروسية.