منذ عقود وفكرة “اللحوم المستزرعة” تسيطر على الخيال البشري، ومنذ ذلك الحين يعكف العلماء في مختبراتهم من أجل الحصول على لحوم مستزرعة صالحة للاستهلاك البشري، وتستطيع منافسة اللحوم المأخوذة من الماشية.
وبعد محطات هامة مرت بها الصناعة الناشئة، توقفت هذه الأيام عند دراسة جديدة من شأنها أن تُسهم في توسيع إنتاج اللحوم المستزرعة، لتصبح أقرب من أي وقت مضى إلى أفواهنا.
وتقدم الدراسة التي نُشرت مؤخرا في دورية “ديفيلوبمينت”، حلا مبتكرا يساعد على إنتاج اللحوم المستزرعة دون الحاجة إلى الطرق المعمول بها في التجارب السابقة، عندما كانت تُصنع اللحوم بأخذ عينة من الحيوان أولا، ثم يجمع الفنيون الخلايا الجذعية من الأنسجة التي يضاعفونها بشكل مستمر ومتكرر ويسمحون لها بالتحول إلى ألياف بدائية تتجمع بعد ذلك لتشكيل نسيج عضلي.
تصنيع على نطاق واسع
في الدراسة الجديدة، طور باحثون من كلية العلوم البيولوجية بجامعة نوتنغهام مع زملائهم في جامعات كامبريدج وإكزتر طوكيو وميغي، سلالات خلايا جذعية من أجنة الخنازير والأغنام والماشية التي نمت دون الحاجة إلى مصل أو خلايا مغذية أو مضادات حيوية.
موقع سكاي نيوز عربية تواصل مع البروفيسور راميرو ألبيريو، قائد الدراسة، الذي يقول بدوره إنهم أنشأوا مزرعة للخلايا الجذعية التي تمكنها من النمو غير المحدود في المختبر. وأكد أن ذلك “سيؤدي ذلك إلى تبسيط إنتاج خلايا معينة مثل العضلات والدهون على نطاق واسع لإنتاج اللحوم المستزرعة”.
ويضيف ألبيريو: “حددنا مكونات وسائط الاستنبات الرئيسية التي تحتاجها الخلايا الجذعية للحفاظ على نمو دائم، وتمكنّا من الحصول عليها من مصادر اصطناعية”.
ويستطرد: “نظام استنبات اللحوم الجديد مُحدد كيميائيا تماما، وهذا يتيح تصنيع منتجات مناسبة للاستهلاك البشري، على عكس الطرق السابقة التي أظهرت اختلافا في جودة الإنتاج”.
ويؤكد الخبير في علم الأحياء النمائي بجامعة نوتنغهام أن هذا النظام الجديد يوفر تقنية قوية وقابلة للتكرار لنمو الخلايا في ظروف محددة، “ما توصلنا إليه يعد تغييرا في هذه الصناعة الناشئة، ونعتقد أنه سيساعد في تقدم سريع في تصنيع اللحوم المستزرعة على نطاق واسع”.
وفي ختام حديثه لموقع سكاي نيوز عربية يجيب البروفيسور راميرو ألبيريو عن سؤال عن موعد اعتماد التقنية الجديدة في الصناعة؛ بقوله إن هذا النظام الجديد تم ترخيصه بالفعل للعديد من الشركات المنتجة للحوم المستزرعة.
ويتوقع المهتمون بهذه الصناعة أن تُسهم مستقبلًا في خفض التكاليف الكبيرة التي تتطلبها تربية الماشية، خاصة مع زيادة استهلاك اللحوم في العالم؛ إذ ارتفع الاستهلاك العالمي للحوم خمسة أضعاف، من 45 مليون طن من اللحوم المستهلكة يوميا في عام 1950 إلى حوالي 300 مليون طن بنهاية الألفية الثانية، وفقا لمؤسسة Slow Food.