ينظر الباحثون في العادة إلى التحورات المتوالية لفيروس كورونا على أنها أمر طبيعي، ما دامت العدوى منتشرة على نطاق واسع في العالم، لكن هناك من نبه مؤخرا إلى أن عاملا مناعيا مرتبطا بمرض الإيدز هو الذي يزيد من ظهور الطفرات.
وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، فإن الباحثين يخشون أن تكون حالات “الإيدز” التي لا تخضع للعلاج للمطلوب، عاملا من عوامل زيادة ظهور الطفرات على فيروس كورونا في حال دخل جسم مريض الإيدز، نظرا إلى ضعف الجهاز المناعي لدى المصابين.
ويؤدي مرض الإيدز إلى إضعاف مناعة الإنسان، في حال لم يخضع الشخص المصاب به للعلاج عن طريق ما يعرف بـ”مضادات الفيروسات التهقهرية”.
وتساعد هذه المضادات الشخص المصاب بالإيدز على أن يُبقي الفيروسات تحت السيطرة حتى لا تؤثر على الجهاز المناعي، أما في حال جرى التوقف عن تناول الدواء فإن دخول أي طفيل آخر يتحول إلى أمر خطير، وربما يستغرق التعافي منه عدة أشهر.
وعندما يعيش فيروس كورونا لفترة طويلة في جسم الإنسان، فإنه ينال فرصة حتى يتحور ويشهد طفرات كثيرة، وعندئذ، تظهر متحورات تثير قلق الجميع ولا تقتصر على مرضى الإيدز فقط.
إحدى المريضات بالإيدز في جنوب إفريقيا، تبلغ من العمر 36 عاما، أصيبت بفيروس كورونا، فظلت العدوى في جسمها لمدة وصلت إلى 216 يوما وفقا لـ”نيويورك تايمز”.
وتعاني هذه المرأة ضعفا في جهازها المناعي لأنها لم تحصل على علاج ملائم لها.
وعندما درس الباحثون عينة فيروسية من هذه المرأة، وجدوا أن فيروس كورونا لديها اكتسبت 32 طفرة عندما كان داخل جسمها، وهو ما يعني أن طول الإصابة ينطوي على مخاطر كبرى.
خطر داهم
ويقول الباحث المختص في علم الجينات توليو أوليفيرا: “لدينا عدة أسباب وجيهة حتى نعتقد أن بعض المتحورات التي تنتشر في جنوب إفريقيا ربما تكون مرتبطة على نحو مباشر بفيروس فقدان المناعة المكتسبة”.
وعندما ظهر الوباء أول مرة، سجلت جنوب إفريقيا عدد وفيات مرتفعا وسط مرضى الإيدز، وهو أمر كان متوقعا بحسب باحثين.
ويقول عالم الأوبئة سليم عبد الكريم، إن “الباحثين كانوا يضعون احتمالات قاتمة للغاية في إفريقيا، فرجحوا أن يؤدي الوباء إلى القضاء على القارة، لكن ذلك لم يحصل، والسبب الأبرز هو أن الشباب يشكلون أغلب المصابين بالإيدز، في حين أن عدوى كورونا تؤثر بشكل أكبر على المتقدمين في السن”.
وتشير بيانات صحية، إلى أن الشخص المصاب بفيروس فقدان المناعة المكتسبة يصبح أكثر عرضة لأن يتوفى بمرض “كوفيد 19” بواقع 1.7 مرة، لكن هذه الدرجة من المخاطر تبقى منخفضة إذا قورنت بمرضى السكري مثلا.
ويعد الشخص المصاب بالسكري أكثر عرضة لأن يتوفى بسبب مضاعفات “كوفيد 19” بواقع 30 مرة.
ويوضح عبد الكريم أن العلماء انتبهوا إلى الخطر الذي تشكله اضطرابات المناعة، لأنها قد تؤدي إلى ظهور متحورات جديدة تنذر في كل مرة بإعادة العالم إلى المربع الأول في حربه ضد الوباء.