حط الرحالة المستشرق الفنلندي جورج أوغست فالين رحاله في حائل (شمالي السعودية) في أبريل من عام 1845 تقريباً ، حيث عشقها وعشق أهلها، وكتب في مذكراته أنهُ “نسي العالم كله” في حائل، ويُعد الرحالة المستشرق الفنلندي جورج أوغست فالين الذي تخرّج من جامعة هلسنكي عام 1829، وغادر منها إلى هامبورغ فباريس ومرسيليا، ثم إلى اسطنبول ومنها إلى القاهرة، ثم إلى الجوف واستقر في حائل، أحد أشهر الأوروبيين الذين عشقوا شبه الجزيرة العربية، فقد اعجب بلغتها وأجاد استعمالها تحدثا وكتابة، ورسم في كتابه: «صور من الجزيرة العربية»، لوحة منصفة، عن هذه المنطقة في منتصف القرن 19.
وعن حائل التي عشقها قال فالين في كتابه “رحلة فالين إلى جزيرة العرب”: “حينما قدمت إلى حائل دهشت كثيراً ليس فقط لرؤيتي الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث واثنتي عشرة سنة في مجالسة كبار السن، ومبادلتهم الحديث، لكن أيضا أخذ رأيهم في مواضيع تفوق مستواهم، والاستماع إلى ما يقولونه باهتمام”.
وعن حائل ذكر في كتابه قائلاً: “يعيش الصغار مع آبائهم في محبة وألفة، ولم أر في حائل تلك المشاهد الكريهة والد حانق يضرب ابنه، ولا رأيت الإذلال الذي يعانيه صغار الأتراك الذين لا يسمح لهم أبدا بالجلوس أو حتى الكلام في حضرة آبائهم المتغطرسين، ولم أر في العالم كله أولاداً أكثر تعقلاً وأحسن خلقاً وأكثر طاعةً لآبائهم من الحائليين”.
وأضاف جورج فالين: “تكثر في جبلي أجا وسلمى الينابيع والآبار، ومياه آبارها، دون استثناء، من نوعية ممتازة، عذبة وخفيفة، وتساعد على الهضم السريع، ويقول السكان إن أي فرد يمكنه أن يسافر عبر أراضيهم من أدناها إلى أقصاها حاملا ماله فوق رأسه دون أن يعترضه أحد أو يخاف، مجرد خوف، مشيراً إلى جودة الحبوب المزروعة في حائل والتي يفضّلها على المستوردة من بلاد ما بين النهرين، بسبب جودتها وطبيعة مادتها.
يذكر أن المستشرق فالين آمن بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب واعتنق الإسلام، وزار مكة في عام 1845 قاصداً الحج، وبعد ذلك زار المدينة المنورة قبل أن يعود إلى بلاده فنلندا في العام 1850؛ حيث نشرت الجمعية الجغرافية الملكية كتابه بعنوان “ملاحظاتي أثناء رحلاتي في شبه الجزيرة العربية” ومنحته ميدالية مؤسسها اعترافا ببحثه الرائد، وهناك أكمل رسالة الدكتوراه في عام 1851 وعين لاحقا أستاذا للأدب الشرقي في جامعة هلسنكي.