اجتماع طارئ لمجلس الأمن وبيانات مشتركة تنبئ عن تخوفات دولية من حالة الضبابية التي يتجه إليها السودان بعد الإطاحة بالحكومة الانتقالية وتصاعد أعمال العنف مع إعلان الشق المدني بالسلطة حالة العصيان وسقوط قتلى وجرحى.
ولاقت قرارات المجلس العسكري السوداني تنديدات دولية واسعة ودعوات للإفراج الفوري عن المعتقلين والعودة السريعة للحوار والحفاظ على استقرار البلد الأفريقي الذي يأن تحت وطأة أزمات اقتصادية كبيرة.
ودعا بيان أميركي بريطاني نرويجي مشترك، فجر الثلاثاء، قوات الأمن السودانية إلى الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين.
وأعربت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج في البيان الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية، عن قلقهم بشدة بشأن ما وصفوه بـ”الانقلاب العسكري” في السودان، وإدانة تعليق عمل مؤسسات الحكومة.
اجتماع طارئ
ويعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئا مغلقا بشأن السودان بعد ظهر الثلاثاء، بناء على طلب 6 دول غربية.
وتُعقد الجلسة الطارئة لمجلس الأمن بشأن التطورات في السودان، بطلب من المملكة المتحدة وأيرلندا والنرويج والولايات المتحدة وإستونيا وفرنسا.
واستيقظ السودانيون، فجر الاثنين، على وقع اعتقالات بحق سياسيين ووزراء بالشق المدني في الحكومة الانتقالية تلاها إعلان رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، حل الحكومة وفرض حالة الطوارئ بهدف “تصحيح الثورة”، بينما ندّد مدنيون في السلطة بما اعتبروه “انقلابا”.
أصدقاء السودان
ويقول أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأميركية، سعيد صادق، إن اجتماع مجلس الأمن سيكون بداية خلية أزمة من قبل مجموعة “أصدقاء السودان” (الاتحاد الأوروبي وفرنسا والنرويج وألمانيا والسعودية والسويد والإمارات والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) للتنسيق حول الإجراءات التي سيتم اتخاذها بشأن الوضع في السودان.
وأوضح في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية” أن أي تعقيدات بالمشهد ستزيد الأعباء والضغوطات على المجلس العسكري خاصة بعد مكاسب حققتها الحكومة الانتقالية التي جعلت تحقيق الاستقرار السياسي والأمني وإنقاذ الاقتصاد المتهالك أولوية قصوى لديها، فوقعت اتفاق سلام تاريخي في جوبا طوت عبره صفحة الحرب إلى غير رجعة، وتوصلت بعد حوار طويل مع الإدارة الأميركية إلى تسوية مالية، مهدت لصدور قرار رفع السودان من قائمة الإرهاب.
تخوفات من ردة الإخوان
وأشار إلى أن الاتحاد الإفريقي سيعلق عضوية السودان حتى عودة الحكم للمدنيين ما قد يؤدي إلى عزلة البلد الإفريقي الذي ما لبث أن عاد إلى أحضان المجتمع الدولي بعد 30 عاما من حكم تنظيم الإخوان الإرهابي وممارساته التي عزلته دوليا وحتى عربيا.
ولفت إلى أن العقوبات تستهدف بالأساس عدم حياد السودان وردته مرة أخرى إلى أحضان الإسلام السياسي الذي أنهك البلاد ووضعها على قوائم الإرهاب لعقود طويلة.
ونوه إلى أن هناك مكتسبات كثيرة سيخسرها السودان جراء إنهاء مرحلة التحول الديمقراطي وعلى رأسها المبادرات الواسعة لإسقاط الديون وكذلك الدعم العربي والدولي حال السماح بأي عودة لتنظيم الإخوان للمشهد.
وقال إن الاضطرابات الحالية تقلق دول الجوار خشية حالة الفوضى أو الاحتراب الداخلي التي قد تصل إليه الأمور بعد حالة التصعيد الكبيرة من جانب أنصار الشق المدني وأنصار الحركات الثورية خاصة بعد وقوع قتلى وجرحى خلال تفريق الأمن للمتظاهرين.
تعليق مساعدات وتحذيرات
وردا على الأوضاع الحالية، أعلنت الخارجية الأميركية، الاثنين، تعليق مساعدات للسودان من المخصصات الطارئة تبلغ قيمتها 700 مليون دولار.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس إنه “في ضوء تلك التطورات، تعلق الولايات المتحدة تقديم مساعدات من مخصصات المساعدات الطارئة البالغة 700 مليون دولار المخصصة لدعم السودان اقتصاديا”، مضيفا أنه لم يتم تحويل أي من تلك الأموال، وبالتالي تم تعليق المبلغ كله.
وأضاف أن “اعتقال مسؤولين حكوميين مدنيين بالسودان يقوض انتقال البلاد إلى الحكم المدني الديمقراطي”.
وأكد برايس أن “الولايات المتحدة لم تتصل برئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك منذ سيطرة الجيش على السلطة، ولم يتم إبلاغها مسبقا بتحرك الجيش”.
وتابع: “مستعدون للجوء إلى جميع الإجراءات المناسبة لمحاسبة من يحاول التقليل من إرادة الشعب السوداني”.
تعقيدات سودانية
وقال المحلل السوداني والباحث في الشؤون الأفريقية، عباس محمد صالح، إن “الوضع قبل هذا الانقلاب كان فوضويا بسبب صراع الشركاء حول السلطة، خاصة مع ضعف خبرات عناصر المكون المدني وعجزها عن الارتقاء لمستوى تحديات إدارة الدولة وتعقيدات ذلك”.
وأضاف صالح، في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”: “ما جرى سيفتح الباب أمام كافة السيناريوهات السيئة وسيعمق حدة الصراع ويباعد بين كافة المكونات وفيما بينها أيضا كما سيشجع على الفوضى بعد أن بلغت الأوضاع الاقتصادية درجات من السوء والتدهور لا تحتمل”.
واعتبر أن البيانات والإدانات الدولية لن تجدي خاصة أن ما حدث تم بعد سويعات من زيارة للمبعوث الأميركي جيفري فيلتمان ومشاورات مكوكية لم تغير الواقع.
يذكر أنه قتل 7 أشخاص وأصيب 140 آخرين في حصيلة أولية للاحتجاجات التي شهدتها مناطق مختلفة بالسودان عقب الإطاحة بحكومة حمدوك.