بعدما غادر آخر عسكري أميركي أفغانستان أواخر أغسطس الماضي، أصبحت واشنطن تبحث لها عن شكل جديد من الوجود هناك درءأ لأخطار قد تخرج من هذا البلد الذي تسيطر عليه حركة طالبان.
وتعمل الولايات المتحدة حاليا على رفع مستوى التعاون العسكري الاستخباري مع حلفائها الدوليين والإقليميين، عبر منظومات مثل حلف الأطلسي، تحسبا لأي تطورات قد تحدث في أفغانستان، مثل عودة التنظيمات الإرهابية إلى أفغانستان، واتخاذها قادة انطلاق لشن هجمات في العالم.
وتشكل مسألة محاربة التنظيمات الإرهابية في أفغانستان الهدف الرئيس المُجمع عليه بين دول حلف “الناتو”، حسبما ذكر القادة العسكريون للحلف في اجتماعهم الذي عُقد السبت الماضي، مذكرين بأن الحلف سوف يبني قواعد عسكرية واتفاقيات أمنية واستخباراتية جديدة بين أعضاء الحلف والمتعاونين معه، لتكريس هذا الجهد.
برامج تنفيذية
توصيات القادة العسكرية سيتم تحويلها إلى برامج تنفيذية مباشرة خلال الشهور المقبلة، خاصة بعد الاجتماع الموسع لكبار الضباط العسكريين الأميركيين مع نظرائهم من حلف الناتو المزمع عقده في أواخر الأسبوع الجاري، في العاصمة اليونانية أثينا.
وسيكون هؤلاء الضباط مخولين بوضع آليات جديدة لتبادل المعلومات وتنسيق الجهود في سبيل ذلك، حسبما ذكرت الأنباء المتوفرة عن اجتماع قادة جيوش الحلف.
خلال عام أو عامين
وكان رئيس هيئة أركان الجيش الأميركي، الجنرال مارك ميلي، قد شارك إلى جانب وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اجتماعات بهذا الشأن.
وحذر أثناء تلك الاجتماعات من أن المعطيات المتوفرة تظهر أن عودة التنظيمات الإرهابية مثل القاعدة وداعش خراسان إلى أفغانستان ممكنة، مما يشكل تهديداً للولايات المتحدة في غضون عام إلى عامين.
عقبات كثيرة
لكن المعطيات العسكرية تقول إن الولايات المتحدة تواجه عقبات رئيسية في عملية مكافحة الإرهاب في أفغانستان، فالقواعد العسكرية الأميركية بعيدة عن الأراضي الأفغانية، ورحلات المراقبة الجوية انطلاقا من تلك القواعد تستغرق وقتا وجهدا كبيرين.
لذا، فإن الولايات المُتحدة تبحث عن إنشاء قواعد ومراكز جديدة لأجهزتها في دول قريبة من أفغانستان، لتكون قريبة منها.
ويعتقد الباحث همبر سليم إن كامل الطيف الجيوسياسي المحيط بأفغانستان لا يبدو مؤاتياً لهذا التطلع الأميركي.
ويتوقع سليم في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية” أن تكون الهند الدولة الوحيدة المتعاونة مع واشنطن في المنطقة خاصة مع “إغلاق باكستان الباب أمام إمكانية التعاون الأمني والعسكري مع الولايات المُتحدة فيما خص الوضع الداخلي الأفغاني”.
وقال إن “مجموعة الخيارات الأخرى تبدو صعبة للغاية أمامها، ففيما تخشى طاجكستان وأوزبكستان وتركمانستان من التعاون مع أميركا بسبب ردة فعل روسيا، فإن الصين وإيران يُستحال أن تقبلا مثل ذلك التعاون الاستخباراتي مع الولايات المُتحدة”.
ويضيف “بالرغم من بعد المسافة، إلا أن الهند تبدو الدولة الوحيدة التي من الممكن أن تشهد هذا التعاون الاستخباراتي، بالرغم من حساباتها المعقدة فيما خص عدم التصعيد مع التنظيمات المُتطرفة، بسبب مشكلة كشمير “.
وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكين، قد شدد أثناء حديثه أمام مجلس النواب الأميركي على أن حركة طالبان قد تعهدت بعدم تحويل أراضي أفغانستان إلى بؤرة لتوجيه التهديدات الأمنية ضد أي بلد كان.
لكنه أضاف أن الإدارة الأميركية لا تطمئن لذلك، وأن جهود مكثفة تبذل لخلق توافقات أمنية حازمة مع دول الجوار، تتضمن إمكانية التدخل إذ لزم الأمر.
وكانت الولايات المتحدة تحصل على معلومات استخباراتية في أفغانستان عبر قرابة 6 آلاف متعاون أفغاني، كان يعملون في ظل شبكات، تم حلها بعد مغادرة القوات الأميركية لقواعدها العسكرية في أفغانستان.