فيما تتواصل التحركات السياسية والإدارية التي تنفذها حركة طالبان لتكريس حكمها في مختلف مناطق أفغانستان، وقع هجومان في مدينتي كابل وجلال أباد خلفا 7 قتلى وأكثر من 30 مصابا، في أول أحداث عنف بعد تفجير مطار كابل الدولي الذي طال جنودا أميركيين ومدنيين أفغانا قبل نحو شهر.
وتوحي التفجيرات الأخيرة بإمكانية خروج الأوضاع في البلاد عن سيطرة طالبان، أمنيا على الأقل، وسط احتمالات باندلاع مواجهات مسلحة بين مختلف التنظيمات الأفغانية الرافضة لحكم الحركة، كما حدث في أوائل التسعينات من القرن المنصرم.
التفجيرات الأخيرة، وإن لم تعلن أي جهة عن مسؤوليتها عنها، فإن مصادر قيادية عليا من حركة طالبان سربت معلومات لوسائل الإعلام المقربة منها، تقول إن وراءها فلول تنظيم داعش في أفغانستان (داعش خراسان)، مضيفة أن الحركة فتحت تحقيقا في الهجمات وستدفع الجناة للمحاكمة.
شهود عيان من مدينة جلال أباد الأفغانية عاصمة ولاية ننغرهار شرقي البلاد، ذكروا على وسائل التواصل الاجتماعي أن 4 تفجيرات متتالية هزت المدينة، كان واضحا أنها منسقة للغاية، وتنتظر تجمهر السكان كل مرة لتنفيذ الهجوم التالي، حيث كانت جميعها بعبوات ناسفة موضوعة في أماكن قريبة من بعضها.
الولاية التي يتهمها قادة طالبان بأنها مركز لتجمع مقاتلي تنظيم “داعش خراسان”، تعتقد أوساط سياسية محلية أنها الأقل ولاء وقبولا بحكم الحركة، لتنوعها العرقي والسياسي وارتباطها التاريخي بولاية بانشير، آخر المواقع التي وقعت بيد طالبان، بعد مقاومة كبيرة ومعارك دامية.
حركة طالبان أكدت إن أجهزتها الأمنية ألقت القبض على عدد من الأشخاص داخل كابل وجلال أباد، مؤكدة أن التفجيرات في الأولى طالت قافلة عسكرية تابعة لها كانت تنفذ أعمال مراقبة تقليدية.
لكن شهود عيان من داخل العاصمة أكدوا أن تفجير كابل إنما استهدف حيا سكنيا يعرف باسم داشت بارشي بواسطة سيارة مفخخة، وأن معظم الضحايا كانوا من الأطفال والنساء لأن الهجوم وقع وقت الظهيرة، حينما كانت الشوارع في عز ازدحامها.
الخبير الأمني صقر دوبراني أحال التفجيرات إلى واحد من تفسيرين، حسبما قال في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية”.
وأوضح “ثمة رأي عام لا يستهان به داخل أفغانستان، يعتقد أن طالبان ربما تفسح المجال نسبيا للحركات المتطرفة لأن تنفذ بعض التفجيرات والأعمال الإرهابية الأخرى، لتقوم تاليا بمحاربتها والظهور كقوة شرعية تحارب التطرف، فتنال بذلك نوعا من القبول الأميركي والأوروبي الخارجي، وتوافقا داخليا بشرعية الحركة”.
ويضيف دوبراني “على النقيض من ذلك، فإن بعض الآراء تقول إن التنظيمات المسلحة داخل أفغانستان ربما صارت تتلقى بعض الدعم المالي والعسكري من أجهزة استخباراتية لدول مناهضة لحركة طالبان، وأن هذه الدول ربما ستستخدم تلك التنظيمات لمواجهة الحركة، وبمستويات أكثر كثافة في المستقبل المنظور”.
لكن بعض الآراء الأخرى، ترى أن سيطرة الحركة عسكريا على مختلف مناطق البلاد وبسرعة قياسية، بما في ذلك معقل المعارضة الرئيسي في ولاية بانشير، ربما دفع التنظيمات المسلحة إلى تغيير أساس مواجهتها لحركة طالبان، من شكل المواجهة العسكرية المباشرة إلى ممارسة عمليات نوعية ضد الحركة، بهدف استنزافها وإجبارها على الدخول في سلك التفاوض والوصول إلى حلول سياسية مع باقي القوى السياسية الأفغانية.
وتذهب هذه الآراء إلى توقعات بحدوث المزيد من مثل هذه العمليات، في المناطق الأفغانية التي تعاني فيها حركة طالبان من معارضة صامتة، مثل الولايات الشرقية والشمالية.