كشفت وثائق سريَّة روسية جديدة النقاب عن رعاية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأجهزته الأمنية والاستخباراتية لتنظيمات إرهابية، مارست نشاطها الدموي في سوريا وغيرها من دول العالم.
ويعود تاريخ الوثائق إلى 10 فبراير العام 2016، حين قدمتها موسكو إلى مجلس الأمن الدولي، واستدلت بها على إدارة الاستخبارات التركية الـMIT بأوامر من الرئيس أردوغان منظمة «أونكو نيسيل» (Öncü Nesil İnsani Yardım Derneği) الإرهابية.
وأوضحت الوثائق أنه في الوقت الذي عملت فيه المنظمة تحت غطاء الإغاثة وتقديم المساعدات الإنسانية، دعمت العديد من التنظيمات الإرهابية في سوريا ومختلف دول العالم، وقدمت خدمات مالية وتسهيلات غير محدودة لتنظيمي «القاعدة»، و«داعش».
وتزامن نشر الوثائق الروسية في موقع «نورديك مونيتور» مع قرار وزارة الخزانة الأمريكية الخميس الماضي بفرض عقوبات على خمسة من أنصار «القاعدة» العاملين في تركيا، بعد ثبوت تعاونهم مع تنظيمي «القاعدة»، و«داعش».
وقال تقرير الموقع السويسري المتخصص في الشؤون الأمنية، إن مواطنًا تركيًا يدعي سونر جورلين، يبلغ من العمر 33 عامًا، أدرجته وزارة الخزانة الأمريكية بين أنصار «القاعدة»، الذين طالتهم العقوبات الأمريكية، مشيرًا إلى أنه كان عضوًا سابقًا في منظمة «أونكو نيسيل»، التي قامت تحت إشراف الاستخبارات التركية بنقل أسلحة للعناصر المتطرفة في سوريا.
وأشار الموقع إلى ذكر المنظمة التي ينتمي إليها المواطن التركي في الوثائق الروسية، التي قدمتها موسكو لمجلس الأمن الدولي في 10 فبراير 2016، وأكدت أن المنظمة نقلت أسلحة وإمدادات للجماعات الإرهابية في سوريا بمساعدة الاستخبارات التركية.
ولم تفوِّت معلمات التقرير الإشارة إلى أن قاتل السفير الروسي في تركيا أندريه كارلوف في العام 2016، كان قد تبرَّع لمنظمة «أونكو نيسيل» قبل بضعة أشهر من عملية الاغتيال، وكان معروفًا عن القاتل اقترابه من العناصر والتنظيمات الإرهابية، التي يدعمها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شخصيًا.
وكان معروفًا عن منظمة «أونكو نيسيل» تأييدها لتنظيم «جبهة النصرة»، وغيره من التنظيمات والجمعيات الإرهابية، وأنها نظمت قوافل إلى سوريا تحت غطاء المساعدات الإنسانية، وجمعت تبرعات نظير ذلك من منظمات غير حكومية.
إلا أنه في العام 2014، تم العثور على أسلحة وذخائر في شاحنات المساعدات الإنسانية، التابعة للمنظمة، واتضح أنها كانت في طريقها إلى سوريا؛ كما تبين لاحقًا أن الشاحنات مملوكة لوكالة الاستخبارات التركية الـMIT، وأن الشحنة كانت متجهة إلى عناصر التنظيمات الإرهابية في سوريا.
ورغم أن حكومة أنقرة زعمت في حينه ان الشاحنات كانت تحمل مساعدات إنسانية، إلا أن صحفًا تركية معارضة نشرت في وقت لاحق صورًا للأسلحة والمعدات العسكرية التي كانت على متنها. واتهم أردوغان حينئذ الادعاء التركي العام، الذي أوقف الشاحنات بالخيانة، كما وجه للادعاء اتهام بالتآمر على الحكومة التركية. وحُكم على المدعي العام بالسجن لمدة طويلة. وفي حين حاول رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داوود أوغلو الادعاء مرارًا بأن القافلة كانت في طريقها إلى التركمان في سوريا، نفى طوغرول توركيش تلك الادعاءات.
وفي محاولة لغض الطرف عن نشاطها السري في دعم التنظيمات الإرهابية، أطلقت «أونكو نيسيل» بعد هذه الواقعة حملة إغاثة جديدة، لتعزيز ادعاءاتها بأن شاحنات الإغاثة كانت في طريقها إلى التركمان شمال سوريا.
ولا يعتبر الموقع السويسري المتخصص في الشؤون الأمنية أنه أذاع سرًا، إذا أكد أن أعضاء «أونكو نيسيل» دشَّنوا أكثر من جمعية تركية تحت أسماء مختلفة، وأن المواطن التركي سونر جورلين، الذي فرضت عليه وزارة الخزانة الأمريكية وأربعة آخرين عقوبات، يتولى رئاسة إحدى هذه الجمعيات المعروفة باسم «العلم الأخضر» في اسطنبول. كما تواصل «أونكو نيسيل» نشاطها الإرهابي تحت غطاء الإغاثة في عدد من دول العالم، لاسيما في إفريقيا.
وظهر اسم سونر جورلين على الساحة مجددًا على خلفية أنشطته الإرهابية، إذ تم اعتقاله بمطار في النيجر بتاريخ 25 ديسمبر العام 2019. وأكدت السلطات في نيجيريا أنه قدم دعمًا لوجستيًا لجماعات متطرفة في البلاد بما في ذلك تنظيم «داعش» في غرب إفريقيا. وبحسب تقرير «مورديك مونيتور»، قامت تركيا بمحاولات متكررة لتأمين الإفراج عن سونر جورلين وإعادته إلى الوطن.
وفي محاولة للخلاص من اتهامات حلفائها في الغرب بدعم التنظيمات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط، شرعت تركيا في التظاهر بتضييق الخناق على بعض هذه العناصر عبر فرض عقوبات مؤقتة على الأشخاص، الذين أدرجتهم الولايات المتحدة على القائمة السوداء، وادعت تجميد أصولهم من أجل التوافق مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلا أنها لم تتخذ أية إجراءات قضائية ضد هؤلاء الأشخاص، ومن بينهم سونر جورلين.