أمّ المسلمين اليوم لصلاة الجمعة في المسجد النبوي فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور علي الحذيفي واستهل فضيلته خطبته الأولى بالحديث عن الخلق فقال : الرب جلا وعلا خلق الخلق بقدرته وعلمه وحكمته ورحمته وأوجد هذا الكون الشاهد وجعل له أجلاً ينتهي إليه لا يعدوه وخلق في هذا العالم الشاهد الأسباب وخلق مايكون بالأسباب وهو الخالق للأسباب ومسبباتها فماشاء الله كان وما لم يشأ لم يكون قال الله تعالى {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62) لَّهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ }.
والإنسان مخلوق من مخلوقات الله عجيب جمع الله فيه من عجائب الصفات ماتفرق في غيره ، وامتن الله تبارك وتعالى على بني آدم بالتكريم لهم قال تعالى { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} .
وتحدث فضيلته عن تسخير المنافع لبني آدم فقال : ومن عظائم نعم الله على بني آدم ماسخر له من المنافع والمصالح والألاء قال تعالى { وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }، والحكمة من إسباغ النعم على بني آدم ليسلموا بالطاعة لله تعالى ويشكروه ولا يشركوا به أحدا قال الله تعالى {كَذَٰلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ} قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره : أي هكذا يجعل لكم ماتستعينون به على أمركم وماتحتاجون إليه ليكون عوناً لكم إلى طاعته وعبادته .
واختتم فضيلته خطبته الأولى عن فساد الأعمال وما يترتب عليه من فساد الحياة فقال: أن فساد عمل الإنسان يضر العامل ويدخل الفساد على الحياة قال سبحانه {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ} وقال تعالى { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }، وقال تعالى { وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} وتدبر أيها الإنسان حال الذين أسأوا العمل ماذا نزل بهم قال تعالى { وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ}.
وتحدث فضيلته في خطبته الثانية عن شكر نعم الله فقال : أيها الإنسان انظر ما أنعم الله به عليك من النعم التي لا يقدر غير الله أن يحصيها وقم بشكرها فلو سلب منك أقل نعمة لم يقدر أحد غير الله تعالى أن يردها وليس في نعم الله قليل وأنت أيها الإنسان باستقامتك وإصلاحك وبذلك للخير وكفك عن الشر تكون معيناً على الحفاظ على مجتمعك ومنقذاً لنفسك من الشرور والعقوبات، وأعلم بأنك مسئول عن أعمالك في حياتك وبعد مماتك فانظر ماذا تقول لربك قال الله تعالى { يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (6) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8) وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُورًا (9) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (11) وَيَصْلَىٰ سَعِيرًا }.