في وقت أفادت البيانات الجديدة في تقرير مجموعة التفتيش الدولية المتابعة للبرنامج النووي الإيراني، حول مستويات ونوعية تخصيب الوقود النووي في المفاعلات النووية الإيرانية، قد وصلت إلى حدٍ قد تكون إيران معه قادرة على صناعة رؤوس نووية للصواريخ الحربية خلال شهر واحد فقط، فإن مزيدا من التساؤلات تُطرح حول المخاطر التي قد تشكلها مثل تلك الأنباء على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
المعلومات التي نقلتها الصحف الأميركية، قالت إن خبراء فيدراليين أميركيين انكبوا على دراسة تلك التقارير التي زودتهم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإن تقييمات ومناقشات غير معلنة حدثت بينهم وبين نظرائهم السياسيين، حيث أكدوا لهم إن الأمر وإن لم يكن شهرا واحدا، فهو شهور قليلة في أحسن الأحوال.
معهد العلوم والأمن الدولي، وهي مجموعة بحثية مختصة بتحليل بيانات تقارير وكالة الأمم المتحدة، عقب على التقارير الأخيرة “إن السباق خلال الصيف الحالي لتخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء 60 بالمئة، هو أقل بقليل من درجة القنبلة، وهو ما وضع إيران في وضع يسمح لها بإنتاج الوقود اللازم لقنبلة واحدة في غضون شهر واحد، وقيمة الوقود للقنبلة الثانية يمكن إنتاجها في أقل من 3 أشهر، والثالثة في أقل من 5 أشهر”.
المتابعون للملف النووي الإيراني حذروا مع الاستراتيجية الابتزازية التي قد يتبعها الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي، من خلال رفع مستويات وكميات التخصيب لمستويات عالية، لدفع القوى الدولية لتغير شروطها في المفاوضات مع إيران، وهذا يعد بمثابة تحقيق إنجاز أولي في عهده.
فالمراقبون أشاروا إلى أن ذلك قد لا يُفهم بوضوح بالنسبة للقوى المناوئة لإيران، وقد يدفعهم إلى خيارات استباقية غير متوقعة.
بناء على ذلك، فإن أول ما استرجعه المراقبون هي نتائج الزيارة والمفاوضات الأخيرة التي أجراها رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إلى الولايات المُتحدة قبل قرابة 3 أسابيع، حيث أكد الرئيس الأميركي جو بايدن كنتيجة لتلك المحادثات “إننا نضع (الدبلوماسية أولا) لمحاولة كبح برنامج إيران النووي، لكن إذا فشلت المفاوضات، فسنكون مستعدين للانتقال إلى خيارات أخرى غير محددة”. وهو أمر أثنى عليه بينيت مضيفا “كنت سعيداً لسماع كلماتك الواضحة بأن إيران لن تكون قادرة أبداً على امتلاك سلاح نووي”.
إذ تقول التوقعات بأن الطرف الإسرائيلي سيدفع حاليا نحو مطالبة الولايات المُتحدة بالالتزام بتعهداتها التي قطعتها خلال تلك الزيارة، أو السماح لإسرائيل بالتصرف مباشرة.
عقب تقارير الوكالة الدولية الأخيرة، لم تُصدر الولايات المُتحدة حتى الآن أي إعلان رسمي حول نهاية التفاوض، لكن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين صرح أثناء توجهه لألمانيا يوم الثلاثاء “إن تقدم إيران كان سريعا للغاية، ومن المحتمل أن تصبح صفقة الاتفاق النووي قديمة”، مضيفا بلهج تحذيرية “لن أحدد موعدا لها، لكننا نقترب من النقطة التي لا يُمكن إعادة إنتاج الفوائد التي حققتها الاتفاقية”، قاصداً الحفاظ على التفاوض كمسار وحيد للعلاقة بين إيران والمجتمع الدولي.
الباحث الإيراني المقيم برلين هيوا جمبار، شرح في حديث مع “سكاي نيوز عربية” الآليات التي قد تأخذها الولايات المُتحدة وحلفائها الدوليين، ومعهم إسرائيل، خلال الأسابيع القادمة، فيما لو لم تستجب إيران بشكل صريح للدعوات الدولية “ثمة احتمال صغير لإمكانية شن ضربات جوية مكثفة ومفاجئة، تشل البرنامج النووي تماماً وترد على أية عمليات عسكرية إيرانية في أية منطقة إقليمية كانت، لأنه من الصعب معرفة النتائج التالية لمثل تلك الضربة”.
ويضيف جمبار في حديثه قائلا: “الاحتمال الأكثر إمكانية هو تهيئة الأرضية العسكرية من قِبل الولايات المُتحدة، وذلك عبر شحذ الحلفاء عسكرياً وميدانياً، وتصعيد الضغوط عبر مجلس الأمن لإحراج روسيا والصين، وتوجيه رسالة واضحة بجدية الرد على التوجهات الإيرانية. وتالياً إما اجتراح تراجع واضح وقاطع من إيران، أو الذهاب إلى الخيار العسكري، الذي ثمة رأي واسع يقول إن حُكام إيران سيحاولون تفاديه بأي ثمن”.
في نفس السياق، فإن مواقف القوى الأوربية خلال الأسبوع الماضي، خصوصا فرنسا التي كانت تُعتبر الأقرب إلى التهدئة، والمخاوف التي عبر عنها وزير الخارجية الروسي، وضعت مزيداً من المخاطر على التوجهات الإيرانية، وإمكانية خروجها عن السيطرة.