لفت خبراء في الصحة النفسية ونموذج من “اليوتيوبرز” النظر إلى السلوكيات التي يقوم بها الآباء في معاملة الأبناء، وما يقدمه الإعلام؛ وتأثير كل هذا على قدرة الأبناء على ضبط أنفسهم أمام إغراءات “اليوتيوب” وأرباحه.
تبرز أهمية هذه المسألة بالنظر إلى سماع الأطفال والمراهقين للأرقام المغرية عن أرباح أصحاب قنوات اليوتيوب “اليوتيوبرز”، حيث يسارع بعضهم لإنشاء قناته الخاصة، ويظهر الفرق بين من يصمد أمام إغراء الربح فلا يقدم إلا المحتوى الجيد، ومن يغرق في حبال الإغراءات بتقديم محتوى ضعيف بغرض الشهرة والربح.
وألقت رحاب العوضي، أستاذ علم النفس السلوكي، على الإعلام جزءًا من مسؤولية انتشار قنوات “اليوتيوبرز” ذات المحتوى المضر والسيئ، وقالت: هذا يتم عبر تقديم أصحابها كقدوة ونجوم عند استضافتهم في البرامج، والحديث عن الربح السريع الذي جنوه؛ مما يحمس المشاهدين لتقليدهم.
ونصحت بإبراز القدوة الحسنة، وكيف حققت النجاح والثروة بنشر أمور مفيدة للمجتمع، وليس مجرد محتوى يقدم مشاهد مثيرة أو معلومات خاطئة واستخدام الألفاظ الجارحة والأجساد العارية، لمجرد جذب المشاهدات والمال.
في سياق متصل، وبحسب ما أوردته “سكاي نيوز عربية”، فقد برز نموذج حرص على تقديم محتوى مفيد وهادف على “يوتيوب”، جاعلا تحقيق الربح هدفا تاليا لجودة المحتوى, وهو أحمد حسين الباشا، خريج كلية العلوم.
وقال “الباشا” إنه بدأ في 2016 تقديم مادة العلوم باللغة الإنجليزية للطلاب كخدمة مجانية، ووصل عدد المتابعين لقناته إلى 30 مليونا، وحصل نتيجة ذلك على عائد من الإعلانات، فقرر التفرغ للقناة؛ ليساعد الطلاب في فهم المادة دون اللجوء للدروس الخصوصية.
في المقابل، ومن نماذج الاستخدام السيئ لليوتيوب، انتشر قبل أيام فيديو ليوتيوبر سوري زعم فيه أنه أقام حفلا مع زوجته للكشف عن جنس الجنين من خلال إضاءة أهرام الجيزة باللون الأزرق تماشيا مع جنس الجنين الذكر؛ مما أثار غضبا في مصر التي لا تسمح بإضاءة الأهرام إلا في مناسبات كبرى واستثنائية جدا، ولا تخص أفرادا مجهولين. ويخضع اليوتيوبر للتحقيق لدى القضاء.
من ناحيته، قال إيهاب ماجد، استشاري الصحة النفسية والإرشاد الأسري: الأبناء من الطفولة إلى المراهقة أشبه بلعبة مكعبات، والتربية هي كيف تركب كل جزء في مكانه الصحيح، وهذه المكعبات هي المواقف التي يمر بها الأبناء وكيفية تعامل الوالدين معها.
وتساءل ماجد: “هل نحن كأولياء أمور نربي أبناءنا بطريقة عشوائية أم لدينا خطة واضحة؟”.
وأضاف: “بعض الآباء يظنون أنهم أدوا ما عليهم لمجرد أنهم قدموا المأكل والمسكن والملبس والمدارس لأبنائهم، متناسين الاحتياجات النفسية، وهي الأمن والطمأنينة، والبعد عن الصراخ، والاحتياج إلى الحب من خلال اللمس والسمع والبصر”.
وأردف استشاري الصحة النفسية: الحب السمعي هو أن يسمع الطفل كلمات الحب من والديه، والحب البصري هو نظرات الود والاهتمام التي يراها في عيونهما، أما الحب الرقمي، فهو الوقت الذي يقضيه الوالدان مع الطفل.
وأشار إلى أنه عند انعدام هذه الأمور؛ فالطفل يهرب من جو الأسرة ويصبح فريسة للإنترنت؛ وأكثر رغبة في المشاركة في تقديم أي محتوى، مهما كان مقززا، على اليوتيوب لمجرد إثبات نفسه.