بعد أكثر من عام ونصف من فتك الوباء بإيران، وبعد ملايين الاصابات ومئات آلاف الضحايا، وعلى وقع تسجيل أرقام قياسية يومية في حالات الإصابة والوفاة على مدى الأسابيع والأيام القليلة الماضية، خرج المرشد الإيراني علي خامنئي من برجه العاجي، كما علق مراقبون، في خطاب بثه التلفزيون الرسمي الإيراني، ليعلن أن “كورونا هي اليوم قضية البلاد الأولى والمستعجلة”.
وأضاف خامنئي في كلمته التي خصصها للحديث عن وباء كورونا، أن:”أرقام الإصابات والخسائر العالية في الأرواح مؤلمة حقا، فإعلان أكثر من 500 عائلة الحداد في يوم واحد ليس شيئا بسيطا”.
فيما تواجه إيران منذ أسابيع ما تصفه السلطات بالموجة الخامسة من الانتشار الوبائي، وهي الأعنف من سابقاتها، بفعل ظهور متحور دلتا الشديد العدوى.
وأعلنت وزارة الصحة، يوم الأربعاء، تسجيل أكثر من 42500 ألف إصابة خلال 24 ساعة، وهي حصيلة قياسية منذ بدء ظهور الوباء في بداية العام 2020 في البلاد، ووفاة 536 شخصا، في حين يبقى العدد القياسي للوفيات اليومية 588 شخصا، والمعلن في يوم 9 من شهر أغسطس الجاري.
ويرى خبراء في الشؤون الإيرانية، أن تصريحات خامنئي هذه أتت بعد خروج الأمور عن السيطرة تماما، وانهيار القطاع الصحي في مواجهة فيروس كورونا المستجد، مضيفين أنها من باب الاستهلاك المحلي لا أكثر، ومحاولة التنصل من المسؤولية.
وفي هذا الصدد يقول الناشط المعارض الإيراني رضا بهزادي، في حوار مع موقع “سكاي نيوز عربية” :”بعد أن بات الوضع الوبائي يهدد الإيرانيين بشكل واسع النطاق، والإصابات اليومية بعشرات الآلاف والوفيات بالآلاف، يخرج علينا خامنئي ليدلي بدلوه، وكأنه غير معني وغير مسؤول عما حل بالبلاد من كارثة، والتي هي بحاجة لحلول عاجلة، ولخطة مواجهة وبائية شاملة ومتعددة المستويات، وهذا لن يتحقق بخطب خامنئي وتنظيراته وعظاته التي شبعنا منها، فالمستشفيات تغص بالمرضى والمنظومة الصحية أفلست، ورائحة الموت تعم إيران مع كل الأسف”.
ويضيف: “أخيرا تكرم المرشد علينا وصنف قضية خاصة بنا كإيرانيين قضية أولى، والذي اعتاد هو ونظامه طيلة عقود على التدخل في شؤون الدول الأخرى، وفق السياسات التوسعية تحت عنوان تصدير الثورة المزعومة، لإسباغها على قضايا ومسائل خارجية لا ناقة لنا فيها ولا جمل، فتارة يجعلون فلسطين عبر حماس قضيتنا الأولى، وتارة لبنان عبر حزب الله وطورا اليمن عبر الحوثيين وهكذا”.
وقد أثارت إشارة خامنئي لوكرونا كقضية أولى في إيران، موجة واسعة من التندر في الأوساط الإيرانية وغير الإيرانية المختلفة وخاصة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر البعض أن هذا الكلام المتأخر جدا هو مؤشر على أن الوضع الوبائي في البلاد السيء للغاية، سيسوء أكثر وأكثر ، على قاعدة أن أي قضية يتبناها النظام في طهران كقضية أولى ومصيرية، ينعكس ذلك سلبا عليها، مستشهدين بما يحدث، في لبنان وفلسطين واليمن والعراق وسوريا، من حروب واضطرابات ومن سوء كارثي للأوضاع على مختلف الصعد في تلك البلدان، التي تتحمل طهران القسط الأكبر، عن ما تعانيه وتمر به من ظروف عصيبة ومن أزمات وجودية.
هذا وتسير حملات التلقيح بوتيرة بطيئة، فمن إجمالي عدد السكان البالغ نحو 83 مليون نسمة، تم تطعيم نحو 14 مليونا بجرعة واحدة من لقاح مضاد لكورونا المستجد، فيما تلقى زهاء 3 ملايين ونصف فقط جرعتي لقاح، وفق بيانات وزارة الصحة الإيرانية.
وتعد إيران من بين أكثر دول الشرق الأوسط والعالم تضررا من جائحة كوفيد – 19، وهي سجلت رسميا حتى الأربعاء، وفاة قرابة 96 ألف شخص، من أصل نحو 4 ملايين ونصف المليون إصابة، مع العلم أن هذه الحصيلة وحتى بحسب اعترافات مسؤولي القطاع الصحي في إيران، ليست دقيقة ولا تعكس حقيقة الأرقام المهولة التي هي أعلى من ذلك بكثير.