أمّ المسلمين اليوم الجمعة في المسجد النبوي فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالله البعيجان واستهل فضيلته خطبته الأولى بالحديث عن شهر ذي الحجة وحرمته عند الله فقال : إن الزمان يتفاضل حسب الشهور والأيام والساعات، وإن للعادات مواقيت محددة هي مواسم الطاعات، وأنتم في شهر من الأشهر الحرم التي عظمها الله، وشرفها وفضلها، ونهى عن جميع أنواع الظلم فيها، فقال: {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم }.
وعن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب في حجة الوداع فقال: “إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة، وذو الججة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان”، متفق عليه.
ألا وإنكم عباد الله في شهر ذي الحجة المحرم والمعظم، شرع الله فيه أعظم الطاعات والقربات، وجعله من أعظم الأزمان والحرمات.
ألا وإنكم في موسم عظيم، في موسم الحج، وفي الأشهر الحرم، وبين يدي أحد أركان الإسلام، حج بيت الله الحرام.
ألا وإنكم في موسم النفحات والهبات، والبر والخير والطاعات، فيا باغي الخير أقبل وياباغي الشر أقصر.
ثم تحدث فضيلته عن عشر ذي الحجة فقال : ألا وإنكم في عشر ذي الحجة أفضل أيام سائر العام، جمع الله فيها من أنواع العبادة ما لم يجتمع في غيرها من الأيام، ففيها الصلاة والحج والصدقة والصيام، وغير ذلك من خصال المعروف.
وقد أقسم الله بها في القرآن فقال: {والفجر وليال عشر}، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام» يعني أيام العشر، وفي رواية: “ما من عمل أزكى عند الله عز وجل ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء». رواه أبو داوود والترمذي. وصححه الألباني.
ثم تحدث فضيلته عن أفضل قربة وأفضل عبادة فقال: إن أعظم قربة، وأفضل عبادة، وأوجب طاعة، أداء الفرائض والواجبات، وأعظم الفرائض والواجبات أركان الإسلام، وأمهات الأحكام، الصلاة والزكاة والحج والصيام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“إن الله قال: وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته : كنت سمعه الذي يسمع به. وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطيته، ولئن استعاذني لأعيذنة”. رواه البخاري.
واختتم فضيلته خطبته الأولى عن وجوب الحج فقال: ولما كان الله سبحانه وتعالى قد وضع في نفوس المؤمنين حنينا إلى بيته الحرام، وليس أحد قادر على ذلك في كل عام فرض على المستطيع الحج مرة واحدة في عمره.
وربط الله الحج بالاستطاعة، فقال: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } ومن مقومات الاستطاعة الصحة والأمن والزاد والراحلة، فمن وجب عليه الأداء، ولبى النداء، فحبسه العذر، أو حال دونه أمر، فأجره مكتوب، وليس عليه من مستعتب، ولعله يتيسر له في المستقل إن شاء الله- إن صدقت نيته.
فعل الخيرات يمحق الخطيئات، والحسنات يذهبن السيئات ، والحج من أعظم الكفارات، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسله: «تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد، والذهب، والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة» رواه الترمذي .
ثم تحدث فضيلته في خطبته الثانية عن عظمة هذا الشهر عند الله فقال: الحج باب عظيم من أبواب الإسلام قد شرعه الله، وعظم زمانه ومكانه، فقال: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب}.
عباد الله الحج شعيرة من شعائر الإسلام العظمى، قد أنزل الله باسمه سورة الحج، وأنزل فيه آيات كثيرة.
فهنيئا لكم حجاج بيت الله الحرام إذ هداكم الله تعالى لطاعته والسعي في أداء فرضه وتلبية ندائه، {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما تجمعون}.
هنيئا لكم إذ من الله عليكم فيسر لكم الحج واختاركم لأداء شعيرة من شعائر الإسلام فيحين لم تتح هذه الفرصة لغيركم.
هنيئاً لكم ستردون على أفضل البقاع، على بيت الله الحرام، على مشاعر الحج لأداء المناسك.
هنيئا لكم تقبلون على عادة بها حط أثقال الخطيئات، وتكفير السئات، ورفع الدرجات، وإجابة الدعوات.
هنينا لكم ستردون عرفة فيباهي الله بكم ملائكته، يقول: انظروا إلى عبادي أتوني شعثاً غبرا من كل فج عميق، أشهدكم أني قد غفرت لهم “.
ثم اختتم فضيلته خطبته الثانية بتذكير المسلمين بحمد الله وشكره على نعمه فقال: إن من الواجب على كل مسلم أن يحمد الله عز وجل على ما من به من أمن وأمان ورخاء على هذه البلاد المباركة المملكة العربية السعودية التي تبذل وسعها في ضيافة حجاج بيت الله الحرام، وتهيئ لهم المشاعر في أحسن مستوى، وتقدم لهم الخدمات في أعلى قدر ممكن.
فجزى الله خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين على ذلك خير الجزاء وأوفاه، وأتمه وأزكاه.
فالتزموا حجاج بيت الله بالتنظيم والتعليمات التي تساعد في تحسين أداء الخدمات، وتسهل عليكم الإجراءات، وتساهم في توفير الأمن واستقرار الحياة.
وارفقوا بأنفسكم وتجنبوا المخالفات، وتقيدوا بالإجراءات الاحترازية التي تصدرها الجهات المعنية، حفظكم الله ودمتم في رعايته وحفظه، تقبل الله طاعتكم، وردكم إلى أهليكم سالمين غانمين.