شهدت العاصمة العراقية بغداد، الجمعة، انتشارا أمنيا كثيفا في عدة مناطق، وذلك قبل استعراض “الحشد الشعبي” المقرر إقامته، السبت، بعد تأجيله عدة مرات بسبب خلافات بين قادته حول طبيعة هذا الاستعراض، والأسلحة المستخدمة فيه.
ومنذ أيام تجري استعدادات مكثفة واستدعاء لآلاف العناصر من الحشد الشعبي والفصائل المسلحة الأخرى، لإقامة الاستعراض العسكري، والذي كان من المقرر إقامته في العاشر من يونيو الجاري، لكنه تأجل أكثر من مرة.
وبحسب ضابط في وزارة الداخلية العراقية، فإن “القيادة العليا وجهت بانتشار عدة قطعات تابعة للداخلية، وأخرى، من الجيش والشرطة المحلية، في عدة مناطق ببغداد وأخرى في مدينة بعقوبة، استعدادا للطوارئ، قبل الاستعراض العسكري المقرر إقامته يوم غد، في محافظة ديالى”.
وأضاف الضابط، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لموقع “سكاي نيوز عربية” أن “المعلومات الواردة تتحدث عن استعراض عسكري للحشد الشعبي غير أن هناك قلقا لدى القيادة من أي تحركات غير محسوبة، أو استعراض آخر، يقام فجأة في بغداد، أو انتشار غير مرخص، وهو ما حصل سابقا، لذلك صدرت الأوامر، بمنع أي انتشار غير محسوب، أو دون تنسيق مع قيادات العمليات”.
ولفت إلى أن “الانتشار سيستمر عدة أيام وصولا إلى نهاية الشهر الجاري، حيث من المزمع إقامة القمة الثلاثية، بحضور الرئيس المصري والعاهل الأردني، في بغداد”.
وتركز الانتشار العسكري في عدة مناطق ببغداد، أبرزها الكرادة، والمنصور، والجادرية، بمشاركة مختلف صنوف القوات الأمنية، فضلا عن إقامة عدة حواجز ونقاط تفتيش، لرصد الحركات المشبوهة أو النشاطات غير المرخصة، فيما شهدت محافظة ديالى كذلك، انتشارا في بعض المناطق.
ويأتي ذلك، بعد أن أعلنت فصائل الحشد الشعبي، الخميس، انتهاء جميع الاستعدادات والتحضيرات الفنية واللوجستية لإقامة الاستعراض العسكري تزامنا مع الذكرى السابعة لبدء معارك ضد تنظيم داعش.
فكرة الاستعراض
وجاءت فكرة الاستعراض، للرد على تصريحات وزير الدفاع العراقي، جمعة عناد، نهاية الشهر الماضي في تعليقه على استعراض فصائل مسلحة، رفضت اعتقال القيادي في الحشد الشعبي قاسم مصلح، حيث قال: إن “البعض يفسر سكوت الدولة خوفا، إلا ان تغليب مصلحة البلد هي الأولى، كون الموضوع يصبح خطيرا في حالة حدوث قتال ما بين القوات المسلحة التابعة للدولة والحشد الشعبي التابع للدولة أيضا”.
ورفض عناد “استخدام المقابل ثقافة لي الأذرع”، مضيفا أن “البلد لا يحتمل المزيد من الشهداء والجرحى”.
ويأتي حسم موعد الاستعراض، بعد شد وجذب، وخلافات داخلية بين الحشد التابع للمرجعية الدينية في النجف، وهي عدة ألوية، وتلك الفصائل الأخرى، التي تُسمى بـ”الولائية” والتابعة لإيران، حيث رفضت تلك التابعة للمرجعية، المشاركة في هذا الاستعراض، لأسباب تتعلق بوجود فصائل مشبوهة، مثل كتائب حزب الله، وكذلك ميليشيات عصائب أهل الحق، المدرجة ضمن لائحة الإرهاب في الولايات المتحدة الأميركية.
درون إيرانية
وانصبت الخلافات، وفق مصادر عراقية، على طبيعة الفصائل التي ستشارك، بالإضافة إلى نوعية الأسلحة المستخدمة وفيما إذا كانت ستشتمل على طائرات مسيرة، أو صواريخ، وهو ما توجس منه بعض قادة الفصائل، بسبب التقارير الأميركية الأخيرة عن مخاطر الطائرات دون طيار في العراق.
وشوهدت عجلات عسكرية كبيرة، خلال الأيام الماضية، وهي تقل طائرات مسيرة، في طريقها إلى محافظة ديالى، ما يؤشر إلى توجه لإشراك تلك الطائرات ضمن الاستعراض.
وأبرز نوعيات الطائرات التي انتشرت صورها على وسائل الإعلام العراقية هي: “شاهد X”، والتي دخلت إلى العراق حديثا، وتشبه نوعية الطائرات التي يستخدمها الحوثيون في اليمن ويسمونها (صماد 1).
كما رُصدت نوعيات أخرى، مثل درون استطلاع إيرانية، مستنسخة من درون صينية، يمكنها التحليق نحو 120 دقيقة، حسب ما ذكرت خلية الخبراء التكتيكية، (غير رسمية مهتمة بالرصد العسكري).
وتشير المعلومات الأولية أيضا إلى قرار بإشراك دبابات تم تطويرها إيرانيا في الاستعراض، حصلت عليها بعض المجموعات المقربة من طهران خلال الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي، واحتفظت بها.
وعن دلالات العرض العسكري، قال الخبير في الشأن العسكري العراقي، ميثاق القيسي، إن “الاستعراض له عدة دلالات في الوقت الراهن، خاصة وأنه يأتي بعد فوز إبراهيم رئيسي بالانتخابات الإيرانية، ما أعطى الفصائل المسلحة العراقية، دفعة جديدة، وأجج الحماس لديها، لإقامة هذا الاستعراض، رغم العوائق والمخاطر التي يتحدث بها قادة تلك المجموعات، مثل القلق من الاستهداف الأميركي، أو كشف طبيعة الأسلحة المملوكة”.
ويرى القيسي في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية” أن “هذا الاستعراض لا ينبغي أن يقرأ بأنه رسائل في عدة اتجاهات، بل يمكن أن يكون إجراء طبيعيا، ونشاطا عسكريا، لكن على هيئة الحشد إبعاد المجموعات المسلحة غير النظامية، والميليشيات وتصفية هذا الاستعراض من العناصر الدخيلة والفصائل التي تعارض الدولة العراقية، لإيصال رسائل إيجابية إلى الدول المجاورة، والداخل العراقي كذلك”.