يبدو أن الأضواء حول العالم مسلطة منذ الآن، على الانتخابات العراقية القادمة في شهر أكتوبر المقبل، والتي تطرق لها البيان الختامي لاجتماع القوى الصناعية السبع الكبرى في العالم.
وأكد البيان الختامي لاجتماعات القوى الصناعية السبع الكبرى في العالم، دعم سيادة العراق واستقلاله ووحدة أراضيه، وتأييده بالكامل قرار مجلس الأمن رقم 2576 ودعوته لإشراك مراقبين للانتخابات، للمساعدة في ضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة في أكتوبر.
ويرى مراقبون عراقيون أن النقاط الواردة في بيان السبع الكبار المتعلقة بالعراق، محورية وتمس قضايا الساعة العراقية، خاصة في إشارتها لضرورة مراقبة الانتخابات، والتلميح للميليشيات التابعة لإيران، والتي باتت تتصاعد وتيرة هجماتها ضد المصالح والأهداف الغربية في البلاد، خاصة عبر اعتماد تكتيك استخدام الطائرات المسيرة في تنفيذ عملياتها الإرهابية.
وعن أهمية الاهتمام الغربي بالانتخابات العراقية، يقول الكاتب والمحلل السياسي العراقي علي البيدر، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”: “هذا يعني أن العراق بات محور اهتمام بالغ وأكثر من أي وقت مضى، من جانب القوى الدولية الكبرى وعلى رأس أجندتها، خاصة وأن مجموعة الدول الصناعية السبع هذه تضم أكبر اقتصادات العالم بطبيعة الحال، وهذه المبادرة من مجموعة السبع ممكن أن تسهم تاليا في دفع عجلة الإصلاحات والديمقراطية، والنهوض الاقتصادي والتنموي بالعراق”.
وأضاف البيدر: “فيما يخص محاربة تنظيم داعش الإرهابي، فلا يزال العراق بحاجة ماسة ولا شك لمساعدة قوات التحالف الدولي، وخصوصا في المجال الاستخباراتي وحتى القتالي، رغم أن هناك تقدما كبيرا في هذا المجال وتراجع لفعالية داعش”.
وتابع المحلل السياسي قائلا :”الأهم في البيان الإشارة لضرورة مراقبة الانتخابات العراقية من قبل الأمم المتحدة، وكعراقيين كنا نتمنى أن تكون هذه الانتخابات تحت الإشراف الدولي من الألف للياء، لكن مع الأسف هذا لم يحصل فبعض القوى في العراق تتخوف من أن هذا يمثل انتهاكا للسيادة العراقية، وبعضها الآخر يتخوف منه كي لا تخسر نفوذها وسطوتها، كونها تعتمد على التزوير فيها بصورة منهجية، فالمراقبة الانتخابية تحدث كما هو معلوم في بيئات ديمقراطية صحية وحقيقية، وفي جو شفاف بعيدا عن التزوير والفساد والغش ووسط تغطية إعلامية متواصلة على مدار الساعة”.
وبيّن أن “عمليات التزوير والفساد وشراء الأصوات والذمم وفرض الإرادات وترهيب الناس وترغيبهم في آن، تحصل في المناطق البعيدة عن الأضواء والنائية، وتستغلها الكثير من الأحزاب والقوى السياسية، فالعديد منها قد أعدّ العدة لشراء الأصوات لعمليات تزوير واسعة النطاق في تلك المناطق، فمهما كانت هناك مراقبة فإنها لن تفي بالغرض، ولن تجدي نفعا في إبراز إرادة العراقيين الحقيقية وترجمتها في صناديق الاقتراع، الأمر الذي يتطلب الإشراف الدولي وليس فقط مجرد مراقبة”.
ومن جانبه، بيّن الكاتب والصحفي الكردي العراقي جمال آريز، أن “الإشارة لدور قوات البشمركة ضمن بيان مجموعة السبع هو لفتة مهمة جدا، وتحمل ما بين سطورها إقرارا بخصوصية إقليم كردستان وقواته العسكرية ضمن إطار العراق الفيدرالي، وهي علامة على أن الإقليم يحظى بدعم المؤسسات والمحافل الدولية المؤثرة حول العالم”.
وأشار آريز في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” إلى أن “تركيز البيان الختامي لأهم محفل اقتصادي – سياسي دولي، بهذا الشكل المسهب على العراق هو بادرة خير، إن أحسن العراقيون استغلالها وتوظيفها لصالحهم وصالح بلدهم، خاصة أن بيان مجموعة السبع الكبار واضح في دعمه للعراق، في وجه التحديات التي تعترضه وتهدده”.
مراقبة دولية للانتخابات
وكان مجلس الأمن الدولي قد قرر وبالإجماع، في أواخر شهر مايو الماضي، تمديد عمل بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق “يونامي”، لعام كامل وتوسيع نطاق اختصاصها والتفويض المعطى لها، ليشمل مراقبة الانتخابات العامة العراقية المقررة في 10 أكتوبر من العام الجاري، وذلك استجابة لطلب الحكومة العراقية.
وتعليقا على القرار الأممي، كان خبير انتخابي قد أشار في مقابلة مع “سكاي نيوز عربية”، إلى أنه “لا شك أن العملية الانتخابية في العراق، تتخللها دوما مثالب وعيوب جوهرية متصلة، بتدخل وهيمنة قوى إقليمية فيها، وفرض أجندات جهات سياسية تمتلك ميليشيات مسلحة السلطة عليها، ولهذا فمن الطبيعي أن يثير هذا الاهتمام الدولي بالانتخابات العراقية، الشعور بالخطر والقلق، لدى تلك الجهات التي اعتادت توظيف السلاح والمال السياسي، في خوضها الانتخابات، فضلا عن التزوير والترهيب وشراء الذمم، وهذا ما يفسر تصاعد موجة اغتيال ناشطين عراقيين لمع نجمهم وبرز دورهم إبان الاحتجاجات الشعبية الواسعة في العام 2019، في محاولة لإشاعة جو عام من الإرهاب والفوضى، وعرقلة عقد الانتخابات في موعدها”.
واسترسل الخبير الانتخابي قائلا: “لا نريد الدخول في متاهة المصطلحات، فالمهم المضمون وليس الشكل، بالنسبة لدور الأمم المتحدة في انتخابات العراق، بغض النظر عن تسميته، إشرافا أو مراقبة أو مواكبة، فالأهم هو أن يكون دورا فعالا ومؤثرا، ورادعا لأي محاولات تزوير وتلاعب بغية إعادة إنتاج واقع سياسي مأزوم “.
وتجدر الاشارة إلى أن الانتخابات العامة المبكرة في العراق، تقررت على وقع الاحتجاجات الشعبية العارمة أواخر العام 2019، الرافضة لسوء إدارة البلاد، وارتهانها لدول إقليمية ولميليشياتها المسلحة، وتفشي الفساد والبطالة، وتردي الواقع المعيشي والخدمي، في بلد ثري يسبح على بحار من الثروات الطبيعية.
وكان مقررا تنظيم الانتخابات بداية، في شهر يونيو من العام الجاري، لكن لاعتبارات فنية ولوجستية متعلقة بعامل الوقت، وتفشي فيروس كورونا المستجد، وطبيعة المناخ الصيفي الشديد الحرارة في العراق خلال شهر يونيو، قررت الحكومة العراقية تأجيلها، بطلب من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، لتتم في اليوم العاشر من شهر أكتوبر المقبل.