تقييمات متضاربة تلف محادثات فيينا حول إحياء الاتفاق النووي، ما بين تأكيدات إيرانية على إحراز المحادثات تقدما، وإقرار أوروبي من ناحية أخرى بتعقد المهمة والصعوبات التي تواجه المفاوضات، ما يفرض حالة من الغموض حول نتائجها، ومدى إمكانية التوصل لاتفاق قريب.
“كلما اقتربنا من النهاية، أصبحت مهمتنا أكثر صعوبة وتعقيدا”، تصريح تناقلته تقارير إعلامية على لسان دبلوماسي أوروبي رفيع المستوى، على هامش الجولة الخامسة من المحادثات، يعكس حجم الصعوبات التي يواجهها المفاوضون في الوقت الذي نفى فيه التوصل لاتفاق على رفع معظم العقوبات المفروضة على إيران.
وقال الدبلوماسي الأوروبي: “لم يتم الانتهاء من تلك القضية”، نافيا بذلك تصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني بهذا الخصوص.
وأشار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في مقابلة قبل أيام مع شبكة “إي بي سي نيوز”، إلى أن المفاوضات المنعقدة في العاصمة النمساوية “نتائجها غير واضحة إلى الآن”، في الوقت الذي يقول فيه المفاوضون الإيرانيون إن المحادثات تشهد تقدما ملحوظا.
مسار صعب
يقول الباحث في الشؤون الإيرانية، محمد خيري، إن ما تظهره التصريحات المتباينة بشأن مسار المحادثات وتقييم نتائجها حتى الآن “إنما يعكس عدم التوصل لشيء، ويعكس أيضا ما كان متوقعا لجهة عدم التوصل لنتائج فورية”.
وأشار خيري في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية” إلى أن “إيران تشترط رفع العقوبات والإفراج عن الأموال المجمدة من قبل الولايات المتحدة الأميركية، بينما ترفض واشنطن من جانبها رفع العقوبات وتربط ذلك بعودة إيران للاتفاق النووي والالتزام ببنوده، والتراجع عن تقليص طهران التزاماتها به، فضلا عن الإفراج عن مزدوجي الجنسية”.
ويعتقد الخبير المختص بالشأن الإيراني بأن تلك الاشتراطات الأميركية “من الصعب أن يتقبلها المفاوض الإيراني ولا الحكومة الإيرانية، لا سيما في ظل ظروف الانتخابات الحالية ومحاولات هندستها لصالح تيار أو مرشح بعينه”، مرجحا عدم التوصل لاتفاق قبل الانتخابات.
وأضاف قائلا: “حتى بعد الانتخابات ستكون مسألة التوصل للعودة للاتفاق أمرا ليس باليسر”، مستدلا على ذلك بتصريحات قائد الحرس الثوري الإيراني، اللواء حسين سلامي، مطلع الأسبوع، والتي قال فيها إن المنطقة لن تشهد استقرارا في ظل إدارة بايدن، وأن الرئيس الأميركي الحالي لا يختلف عن سلفه ترامب.
وبموازاة ذلك لم يستبعد خيري تقديم بعض التنازلات بعد الانتخابات الإيرانية من أي من الطرفين، كحال أية مفاوضات سياسية، لافتا إلى أن التنازل الوحيد الذي قدمته طهران هو تقليص عدد أجهزة الطرد المركزي المتطور في منشأة نطنز.
ومددت إيران اتفاق المراقبة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمدة شهر، بعد انتهائه في 22 مايو، وأعلن مدير الوكالة رفاييل غروسي، مواصلة عمليات المراقبة للمواقع النووية الإيرانية، مع رفض أي شروط إيرانية على عمل الوكالة.
وقد تكون الجولة الخامسة الحالية هي الأخيرة، طبقا لتصريحات الممثل الدائم لروسيا لدى المنظمات الدولية، ميخائيل أوليانوف، والذي توقع أن تصل المفاوضات إلى نتيجة في أوائل يونيو.
وكان المدير السياسي للاتحاد الأوروبي إنريك مورا (الذي يدير المحادثات)، قد تحدث عن تقدم بالمفاوضات بنهاية الجولة الرابعة، لكنه أشار في الوقت نفسه لــ “أمور عالقة” يتعين العمل عليها، أولها مسألة العقوبات المفروضة على إيران.
ووصف رئيس الوفد الإيراني عباس عراقجي، الموضوعات العالقة بأنها “موضوعات حساسة” لا تزال محل اختلاف في محادثات فيينا.
تباين في تقييم نتائج المحادثات
التباين الواضح في تقييم نتائج محادثات فيينا حتى اللحظة، يرجعه الباحث في الشؤون الإيرانية علي عاطف، إلى مسألة رفع العقوبات المفروضة على إيران، والتي يقول إنها من أهم الملفات التي لا تزال تسبب اختلافا في التصريحات.
ولفت عاطف في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية” إلى أن الجانب الإيراني يرغب في تحقيق أكبر قدر من تخفيف وإزالة للعقوبات في جولات المفاوضات المستمرة منذ أشهر قليلة، فيما الأمر على أرض الواقع مختلف إلى حد ما حيث أكدت الإدارة الأميركية أنه لا يمكن رفع جميع العقوبات وأن هناك عقوبات من الصعب إزالتها.
وأوضح الباحث في الشؤون الإيرانية أن “إيران تنظر لمسألة رفع العقوبات على أنها النقطة الأهم في هذه المفاوضات وترغب من خلالها في تحقيق أقصى قدر من تخفيف لها، وهو ما يطيل عملية التفاوض ويسبب اختلافا في الروايات. ولكن على أية حال، فإن جولات المفاوضات قد حققت تقدما خلال الفترة الماضية، وقد اتضح ذلك من مدّ فترة عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية شهرا آخر في إيران بعد أن انتهت في مايو الجاري، والتي بموجبها يسمح لمفتشي الوكالة بوضع كاميرات مراقبة في مواقع نووية لشهر آخر”.
وفي وقت سابق، حذر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، مما سماه بمحاولات الولايات المتحدة وبريطانيا لكسب رضا إسرائيل في مسألة الاتفاق النووي.
واعتبر مساعي لندن وواشنطن بمثابة “تحريف” للهدف من مباحثات فيينا، قائلا إن إسرائيل هي العدو اللدود للاتفاق النووي.