يبدو أن الصيحة الجديدة في عالم وسائل التواصل الاجتماعي أتت بشكل مجنون لم يخطر على البال. فجأة أصبح الجميع يتحدثون عن “كلوب هاوس”
وبات الأصدقاء والمعارف يطلبون الدعوات من بعضهم البعض للانضمام إلى هذه التطبيق، ليستكشفونه ويقضوا فيه ساعات طوال.
ما هو تطبيق كلوب هاوس؟
ببساطة، هو تطبيق للدردشة الصوتية الجماعية، حينما تدخل التطبيق يمكنك الانضمام إلى أي “غرفة” من الغرف الموجودة لتشارك من فيها الحديث، أو تُنشئ غرفة للتحدث فيها مع أصدقائك أو مع من يشاركك اهتماماتك.
من ينشئ الغرفة يصبح هو مسؤول الغرفة، ويتحكم في من يأخذ “المايك” ليتحدث، أو يسحب “المايك” منه، أو يدعو أحد الحضور للحديث، كما يمكنه إعطاء صلاحية إدارة الغرفة لأكثر من شخص معه في الغرفة، ولذلك ترى بعض الغرف لها عدد كبير من المسؤولين أو المنظمين، ومسؤول الغرفة تظهر بجانبه نجمة خضراء اللون.
نمط المحادثات الفورية هو من أهم عوامل جذب الكثير من المستخدمين، لأنه يعطي شعوراً بالقرب والحميمية، بالجلسات والسهرات التي اعتدنا عليها، ومع أزمة كورونا وابتعاد الناس عن الخلطة وقلة الاجتماعات بدا برنامج “كلوب هاوس” كبديل مناسب لذلك، ولو مرحلياً.
كما أن الكثير ممن يقطنون في بلاد المهجر كالمبتعثين وغيرهم وجدوا فيه حلاً مناسباً لمعاناتهم بسبب البعد عن الناس والمجتمع الذي ألفوه منذ الصغر، لذلك نجد في الكثير من الغرف من ينطلق تماماً على سجيته، وكأنه لم يتحد لأحد منذ زمن.
من أطلق التطبيق؟
التطبيق خرج من وادي السيليكون، وأطلقه بأول دافيسون Paul Davison والموظف السابق في “غوغل روهان سيث Rohan Seth، وحصل على تمويل أولي قدره 12 مليون دولار من صندوق التمويل الاستثماري أندرسون هورو ويتز Andreessen Horowitz.
ظهر التطبيق في أبريل 2020 ، وارتفع عدد مستخدميه بسرعة رعالية ليصبح بالملايين، وارتفعت مع ذلك قيمته التقديرية، لتصل في آخر تقييم إلى مليار دولار، مع العلم بأن التطبيق لم يكسب دولاراً واحداً حتى الآن.
كيف أسجّل في كلوب هاوس؟
إن قمت بتحميل التطبيق مباشرة ستكتشف أنه لا يمكنك التسجيل فيه، الطريقة الوحيدة لتسجل في التطبيق هي أن تتلقى دعوة من شخص لديه حساب في “كلوب هاوس”.
وإن وصلتك الدعوة وقمت بالتسجيل فيه، فسيمنحك التطبيق عدد معين من الدعوات لتوزيعها على من تريد، ويمكنه أن يمنحك دعوات أخرى إضافية من وقت لآخر.
ولو كنت من مستخدمي (الأندرويد) فلن تجد التطبيق في متجر التطبيقات، وذلك لأن تطبيق كلوب هاوس متاح فقط لمستخدمي نظام (IOS)، أي الآيفون والآيباد فقط. وكان الرئيس التنفيذي للتطبيق باول ديفيدسون قد صرّح بأن التطبيق سيكون متاحاً لمستخدمي الأندرويد في وقت قريب.
من أجد في التطبيق؟
مجموعة كبيرة من المشاهير عقدوا بالفعل جلسات حوارية وندوات فيه، مثل إيلون مسك الرئيس التنفيذي لشركة تيسلا، ومارك زوكيربيغ صاحب فيس بوك، والإعلامية أوبرا وينفري.
كما حضر وتحدّث في هذا التطبيق مجموعة من الوزارء والمسؤولين في الخليج، وقد تدخل التطبيق لتجد أحدهم متحدثاً أو ضيفاً في إحدى الغرف.
التطبيق أخذ انتباه الجميع، من كل الشرائح، فيمكنك أن تجد فيه مسؤولين حكوميين، رجال أعمال، روّاد أعمال، متخصصين في الصحة، في الطاقة، في الاقتصاد، عازفون، كتاب ومؤلفون وأدباء وشعراء، ممثلون، مخرجون وكتاب دراما ومسرح، وأشخاص من كل صنف ولون.
هناك غرفة مغرقة في الجدية، ينشئها أشخاص من تخصص دقيق، وهناك غرف في قضايا عامة، كالقرارات الحكومية أو القضايا الاجتماعية.
وهناك غرف تقنية، طبية، أعمال، غرف مخصصة للنساء، للرجال وللعزاب وللفاشلين في مشاريعهم التجارية وللفاشلين في الدراسة وللمتميزين في الدراسات العليا، للمبتعثين في أميركا أو أستراليا، لعشاق السفر، لمن يحب فن الخبز في البيت، لمن ليس له غرفة ينضم إليها، لتبادل المتابعة، لمن شاهد سالي وحرق البوكيمون وهو في صغره! وكل ما يمكن أن يخطر على البال.
العديد من المشاهير بدؤوا في استخدام المنصة لتقديم محتوى أو خدمات مختلفة، برز منهم مثلاً الخبير التقني فيصل السيف الذي يعقد جلسات تقنية دورية، وكان أول لقاء عقده عن تفاصيل استخدام الكلوب هاوس وكيفية التعامل معه، وهناك سعيد باعقيل المتخصص في بناء العلامات التجارية والذي يعقد الكثير من الجلسات التحفيزية للشباب ورواد الأعمال.
كما نشأت العديد من الغرف التي يلتقي فيها أصحاب الأفكار والمشاريع بالمستثمرين مباشرة لعرض مشاريعهم عليهم والتي قد تنشأ منها استثمارات وصفقات، أو لعرض مشاكل تواجههم وسماع النصح والتوجيه مباشرة من رجال الأعمال، وبرز من هؤلاء يزيد الراجحي، وإبراهيم الجاسم مؤسس تطبيق هنقرستيشن، ويقيم عبيد العبدلي جلسات دورية لمناقشة قضايا مختلفة حول التسويق وما يتعلق به، وغيرهم كثير.
اختلاط الهويّات.. وشهوة الكلام
عند التسجيل هناك اقتراح بربط حساب “كلوب هاوس” بحساب المستخدم في “تويتر”، مما يعطي إيحاء بأن كلوب هاوس هو امتداد لمنصة تويتر في جديتها وأساليب طرحها، لذلك كثير ممن سجلوا في كلوب هاوس كانت صورهم الشخصية هي الصور الرسمية لهم في تويتر، وكذلك المعرّفات.
ولكن هناك منهم من اكتشف الجانب الآخر لكلوب هاوس: الجانب الترفيهي، في اللقاءات والسهرات التي لا تجد فيها للضحك والمزاح نهاية.. أو في غرف الفضفضة التي يتكلمون فيها بأريحية عن جوانب من حياتهم العملية والاجتماعية بصراحة وبسرد الأسرار والفضائح.
وهذا ما لا يتوافق مع معرفاتهم الرسمية، لذلك قاموا بتغيير معرفاتهم بعد ذلك إما لإخفاء هوياتهم أو بغرض عدم الظهور في طابع رسمي في هذه الأماكن. هذا النمط كان واضحاً إلى درجة أن هناك من أنشأ غرفاً للتهكم على أصحاب الصور الرسمية في كلوب هاوس.
المثير في كلوب هاوس أنه فتح مجالاً للناس للحديث، وهذا ما جعل البعض يعتقد أن كلوب هاوس نجح لأنه خاطب شهوة الكلام عند البشر. هناك الكثير ممن يدخلون الغرف فقط لغرض الحديث وليس الاستماع، وحينما يقوم مدير الغرفة بمنحهم “المايك” للكلام تجدهم يعبرون عن فرحهم وامتنانهم.
وبعضهم يصرّح بأنه متضايق من الغرف الأخرى لأنه ينتقل من غرفة لغرفة ولا أحد يتيح له الكلام، مع العلم بأن هذه الغرف تتحدث عن مواضيع مختلفة وتخصصات مختلفة.
هناك أشخاص أنشأوا غرفاً لهذا الغرض، فيجعلون عنوان الغرفة سؤالاً واضحاً: هل تمنح ابنك جهاز جوال؟، هل اقترضت من بنك؟ كم كتاباً تقرأ في العام؟ وذلك ليدخلها الزائر، يحجز دوره، يأخذ “المايك” ليجيب عن السؤال، ثم يخرج باحثاً عن غرفة أخرى يسهل فيها له الحصول على “المايك”.
لغط.. وهجوم
من أهم فروق كلوب هاوس عن غيره هو سقف الحرية العالي فيه، فهو تطبيق محادثات فورية، ويمنع التسجيل الصوتي المباشر من الجهاز نفسه حفاظاً على خصوصية المستخدمين، (بالطبع يمكن التسجيل بطرق تقليدية)، وهذا الحديث المباشر لا يمكن مراقبته بأي حال من الأحوال.
ولذلك الكثير تحدثوا عن تجاوزات تحدث، بعض النساء تحدثوا عن تحرش يحدث لهم، كما ذكرت تقارير صحفية إنشاء بعض الغرف العنصرية، وغرف تنشر الشائعات والمعلومات المضللة.
مع تزايد هذه الحالات أعلنت الرئيس التنفيذي لكلوب هاوس عن تعيين مراقبين للمحتوى، ولكن هناك شكوك حول جدواها، كما تم تحديد عمر 17 عاما ليكون الحد الأدنى للتسجيل في البرنامج، لأنه مكان غير مناسب للصغار إطلاقاً.
هذه الصفات أثارت حفيظة الكثيرين، فظهرت دعوات مؤخراً بمغادرة ومقاطعة برنامج كلوب هاوس، لأنه يدعو للرذيلة، والانحراف، وأنه مليء بالأفكار الهدامة، وبدأت هذه الدعوات تلقى صدى ودعماً من بعض المؤثرين والمشاهير الذين أخذوا يتحدثون علناً ويحذرون الناس من استخدام هذا التطبيق.
هناك أيضاً من هاجم التطبيق بسبب إهلاكه للوقت، الاستخدام الطبيعي للتطبيق يعني وقتاً قد يصل لعدة ساعات في الجلسة الواحدة، وبالتالي استخدامه يومياً يعني إهدار الكثير من الوقت، مما رأيناه في كلوب هاوس من ينشئ غرفة، سواء كانت هزلية أو جادة، وتستمر الجلسة لساعات وساعات.
وأحياناً يغادرها أشخاص ليناموا ثم يعودوا لينضموا إليها في الصباح، هذا النمط جعل من البعض يفتح غرفة اسمها (الغرفة الدائمة) بتحدي أن تبقى هذه الغرفة مفتوحة لأطول فترة ممكنة.
وللطرافة مكان
في جو كهذا تكثر المواقف الطريفة والغريبة، ففي إحدى الغرف أعطى المسؤول “المايك” لأحد المتحدثين، ليتحدث ذلك الشخص لساعة كاملة بلا توقف، ثم سكت عن الحديث، والكل مستغرب من عدم إيقاف المسؤول له، ليتفاجؤوا بعد ذلك أن المسؤول قد استغرق في نومه وتركهم.
وفي غرفة أخرى دخلت فتاة وتحدثت بأسلوب جيد، ومنحها المسؤول أحقية أن تكون مسؤولة، ليدخل فجأة مجموعة كبيرة، وتعيّنهم هذه الفتاة كلهم مسؤولين، ويغيرون صورتهم إلى سلاحف الننجا، ويعلنون اختطاف الغرفة. وغرفة أخرى أعلنوا عن مسابقة بين الجمهور، ولكن من يشارك عليه أن يضع صورته وهو صغير، لذلك إن دخلت الغرفة تجدها كلها صور لأطفال، وكأنك دخلت ملتقى لأطفال روضة أو حضانة.