أمّ المسلمين اليوم الجمعة في المسجد النبوي فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور أحمد بن طالب فتحدث فضيلته في خطبته الأولى عن تفضيل الله من عباده المؤمنين فقال: إن الله عز وجل اجتبى من عباده المؤمنين ذوي الألباب، العالمين به وبأمره، وذكر عاقبة
من تنكب سبيلهم، وحاد عن طريقهم فقال: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (19) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ (23) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24) وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ }
فمن شرح الله صدره، وأنار التصديق قلبه، ورغب في الوسيلة إلى ربه: لزم منهاج ذوي الألباب برعاية حدود مولاه، والاتساء بهدي نبيه ومصطفاه، والاستقامة على الصراط المستقيم، الذي دعى إليه عباده فقال ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله” ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) .
أولوا الألباب الذين سألوا ربهم الطريق والرفيق فقالوا ( اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت ) فجعلهم ذو الفضل العليم سبحانه ( مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله ” وكفى بالله عليما ) .
واختتم فضيلته خطبته الأولى بتعريف من هم أولوا الألباب فقال: أولوا الألباب هم الذين صحبوا العقل بإيثار الطاعة على المعصية، والعلم على الجهل، والدين على الدنيا ،وصحبوا العلم بقطع رغبات، والخشية في الطاعات، والنصح للبريات.
فكان العلم لهم جمالا، والعقل لهم جلالا، والفضل لهم كمالا، فاستغنوا بالافتقار إلى الله عن جميع خلق الله ( والله هو الغني الحميد) .
أولوا الألباب أهل الذكر والفكر و التضرع والخشية، والخوف والرجاء وصدق الرغبة في ميعاد الوهاب وحسن المآب.
وتحدث فضيلته في خطبته الثانية عن ماكان يصنع النبي وهو المغفور له ماتقدم وما تأخر فقال: عن بن عباس – رضي الله عنهما – أخبره أنه بات عند ميمونة زوج النبي وهي خالته قال: فاضطجعت في عرض الوسادة، واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله في طولها، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا إنتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل، استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس يمسح النوم عن وجهه بيده، ثم قرأ العشر الايات الخواتم من سورة ال عمران، ثم قام إلى شن معلقة، فتوضا منها فأحسن وضوءه، ثم قام يصلي.
وعن عبيد بن عمير أنه سأل أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – قال: أخبرينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكتت ثم قالت: لما كان ليلة من الليالي قال: «يا عائشة، ذريني أتعبد الليلة لربي»، قلت: والله إلي لأحب قربك وأحب ما يسرك. قالت: فقام فتطهر، ثم قام يصلي، قالت: فلم يزل يبكي حتى بل حجره، قالت: ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل لحيته، قالت: ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل الأرض، فجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فلما راه يبكي، قال: يا رسول الله لم تبكي، وقد غفر الله لك ما تقدم وما تأخر؟ قال: «أفلا أكون عبدا شكورا؟ لقد نزلت علي الليلة آيات ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها:( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب) فيا أيها الذين امنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون.