أكثر من عام مرّ على توقيع عقد بين شركة روسية والنظام السوري، لإدارة واستثمار أو “استئجار” مرفأ طرطوس المتوسطي، لمدة 49 عاماً، ولم تقم الشركة المذكورة بأي أعمال توسعة أو تحديث، كما تفترض بنود العقد التي راهن النظام السوري على أن تعود عليه بمنافع مالية كبيرة، حسب ما صرّح وزير النقل في حكومته، في وقت سابق.
قانون “قيصر” يفرض نفسه
وفي تفاصيل الأزمة المتجددة، في أوساط عمال وموظفي مرفأ طرطوس، علمت “العربية.نت” أن الطرف الروسي، تذرّع بتأثيرات عقوبات قانون “قيصر” الأميركي ومجمل العقوبات الدولية المفروضة على النظام، كمبرر لعدم الشروع بإنجاز بنود العقد التي منها توسيع وتحديث المرفأ، فتقدم بطلب للنظام السوري، يطلب فيه، تمديد فترة تحديث المرفأ لتصبح من 4 إلى 10 سنوات، وإجراء تعديلات على بنود العقد الذي سبق وتم توقيعه، بتاريخ 12 من شهر حزيران/ يونيو عام 2019، بين الشركة العامة لمرفأ طرطوس التابعة للنظام، وشركة STG Engineering الروسية.
وبحسب مصادر إعلامية موالية للنظام السوري، كصحيفة “الوطن” فقد طلبت الشركة الروسية “إعادة النظر بحجم الاستثمارات نظرا للعقوبات الاقتصادية، على سوريا، كقانون قيصر، والتي تسببت بصعوبات الحصول على أموال وأدت إلى انخفاض ملحوظ في حركة الملاحة والشحن، بحسب ما تذرعت به الشركة” تبعا لما ذكرته الصحيفة شديدة القرب من نظام الأسد، والتي شككت في خبرها، في مبررات الطرف الروسي، على اعتبار أن العقوبات الاقتصادية والمالية على نظام الأسد، كانت موجودة في الوقت الذي وقع فيه العقد بين الطرفين.
ووصفت الشكوى التي رفعها موظفو وعمال مرفأ طرطوس، ونشر إعلام موالٍ الأسد مقتطفات منها، بحق الشركة الروسية المشغلة له، مبررات عدم الشروع بأي أعمال توسعة أو تحديث أو جذب استثمارات، بالذريعة الباطلة.
وجبة غذائية من 700 إلى 100 ليرة فقط
في السياق، تكررت الشكاوى التي سبق وتقدم بها، عمال وموظفو مرفأ طرطوس، بحق الشركة الروسية التي أصبح المرفأ تحت إدارتها، منذ أكثر من عام، وورد في جديدها، أن المرفأ الآن “في أسوأ حالاته” خاصة وأن الشركة الروسية تقوم بإصلاح الأعطال، من خلال تبديل قطع الغيار، مع آلات معطّلة مركونة على المرفأ، واتهموا الشركة الروسية بالامتناع عن أي خطوة “لجذب الاستثمارات” وبعدم تسديد الأجور للبعض. وورد في مذكرة الشكوى التي رفعها الموظفون والعمال، أن الشركة الروسية خفضت قيمة الوجبة الغذائية من 700 ليرة سورية، إلى 100، لقسم من الموظفين، بالإضافة إلى شكاوى عديدة.
وعود ملايين الدولارات في مهب الريح
وكان علي حمود، وزير النقل في حكومة النظام السوري، قد صرّح لوكالة “سانا” في شهر نيسان/ أبريل 2019، أنه في حال استثمار روسيا لمرفأ طرطوس، فإن ذلك سيعود بالنفع المالي على خزينة الدولة، بما يقدر بـ 84 مليون دولار سنوياً.
ونددت المعارضة السورية، باتفاق “تأجير” مرفأ طرطوس لروسيا، معتبرة أن هذا من قبيل “جائزة ترضية” لموسكو، على دورها العسكري والسياسي بحماية نظام الأسد من السقوط، منذ خريف سنة 2015.
ووصف منح الأسد مرفأ طرطوس للطرف الروسي، بكونه مجرد “دفعة” تسديد لفاتورة الحرب الروسية التي أسهمت بمنعه من السقوط، بحسب ما سبق وذكره هشام مروة، عضو الائتلاف السوري المعارض، لموقع “اندبندنت عربية” بتاريخ 22 نيسان أبريل 2019، فيما يرى النظام السوري، أن اتفاق “استثمار” المرفأ المذكور، مثله كأي اتفاق استثماري آخر يحصل بين الدول، رافضا وصف اتفاق “استثمار” مرفأ طرطوس بـ”التأجير”.
شكوى العمال إلى الأدراج سِر
ولفت في هذا السياق، أن الشكوى التي تقدم بها عمال وموظفو مرفأ طرطوس بحق الشركة الروسية المسيطرة بالكامل عليه، قد تمت إحالتها، مجددا إلى مدير عام المرفأ السوري، لا الروسي، بحسب ما أكدته “الوطن” التي ذكرت أن الشكوى مرفوعة أصلا باسم اتحاد عمال النظام، إلا أن ما ورد فيها من مطالبات وشكاوى، لا يزال “في أدراج المرفأ” كما قالت على موقعها الإلكتروني، الجمعة.
ويعاني الصحافيون العاملون في مؤسسات النظام السوري، من صعوبة بالغة بالحصول على نسخ كاملة من العقد الموقع بينه والشركة الروسية بخصوص “استثمار” مرفأ طرطوس، بحسب ما ورد في صحيفة “الوحدة” التابعة لوزارة إعلام الأسد، بتاريخ السادس من شهر أيار/مايو من العام الجاري، ذكر فيه: “لا نعلم لماذا تملّص الجميع من اطلاعنا على العقود، ولذلك سنقول: إن ساحرة أسطورية تطير راكبة مكنستها، زودتنا بنسخ عن العقدين!”.