حملت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخاصة بسد النهضة الإثيوبي، العديد من الرسائل المبطنة، وهو ما رفضته إثيوبيا من خلال بيان صادر عن رئيس وزرائها آبي أحمد.
ففي تصريحات جديدة ومفاجئة، مساء أمس الجمعة، حذر ترمب، خلال اتصال هاتفي مع رئيس مجلس السيادة السوداني ورئيس وزراء السودان ورئيس الوزراء الإسرائيلي، إثيوبيا من الضغط على مصر بسد النهضة لكي لا تضطر مصر إلى تفجيره وعندئذ لن يلومها أحد.
وخلال الاتصال الهاتفي، الذي تم بثه على الهواء مباشرة، تطرق ترمب في حديثه مع رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك إلى ملف سد النهضة، متسائلاً عن آخر تطورات الملف.
وأكد ترمب أن تجاهل إثيوبيا للاتفاق أمر غير مقبول وهو ما دفعه لفرض عقوبات عليها وإيقاف عدد من المساعدات عنها، قائلاً: “إثيوبيا لن ترى أموال المساعدات مرة أخرى قبل أن تلتزم بالاتفاقية”.
واستكمل ترمب حديثه قائلاً: “لقد أتيت باتفاق، وانسحبت إثيوبيا في آخر لحظة، وهو أمر غير مقبول، والوضع خطير، مصر لن تستطيع العيش بهذه الطريقة وسينتهي الأمر بهم بتفجير هذا السد، وهم قالوا وحذروا من هذا من قبل، بكل صراحة عليهم القيام بشيء حيال هذا الأمر”.
وفي حديث مع “العربية.نت” كشف اللواء نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق بالجيش المصري، أن قضية سد النهضة لها بداية، حيث حدثت من قبل في عهد الرئيس الراحل أنور السادات في العام 1979، حينما أعلن الرئيس الراحل عزمه مد مياه النيل إلى سيناء لاستصلاح 35 ألف فدان، ما أثار غضب إثيوبيا، ولذلك تقدمت حكومتها بشكوى رسمية ضد مصر، وهددت بإنشاء سدود تعرقل وصول المياه إلى مصر. ورد السادات قائلا: “طالما يريدون أن نموت من العطش هنا في مصر فالأجدر بنا أن نذهب لنموت عندهم في إثيوبيا”.
تصريحات ترمب يراها الخبير العسكري المصري رسالة تحذير واضحة وقوية لا لبس فيها، كي يغير الإثيوبيون موقفهم المتعنت في المفاوضات التي استغرقت 9 سنوات، مضيفا بالقول إنه يمكن اعتبارها “رسالة ضغط” كي لا تستمر أديس أبابا في موقفها وتعي أن أميركا نفسها والإدارة الحاكمة لن تقبل هذا الموقف منها، وأنها تؤيد مصر في أي خطوات قد تتخذها لحماية أمنها المائي.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه.. هل يمكن لمصر أن تفجر سد النهضة؟
ويقول الخبير العسكري إن مصر لن تلجأ لهذا الخيار فليست هذه سياستها، وقد تستمر في المفاوضات مهما طالت، حرصا على الوصول لاتفاق قانوني ملزم وعادل، فهي تتبع سياسة النفس الطويل لأنها دولة كبيرة وتتصرف بحكمة وعقلانية، ولا تلجأ لمثل هذه الأساليب لحل نزاعاتها، مضيفا أن هذا لا يعني أن يستمر النزاع للأبد، وتنتظر مصر حتى تجد نفسها محرومة من المياه فوقتها قد تتغير المعادلة وقد تلجأ القيادة السياسية للخيار الذي لابد منه لحماية الأمن المائي.
ويضيف أن تصريحات ترمب رسالة لإثيوبيا للعودة للاتفاق الذي رعته واشنطن وكان جاهزا للتوقيع في فبراير الماضي وتهربت منه أديس أبابا، حرصا على عدم اللجوء لحلول أخرى وحرصا على أمن واستقرار المنطقة، وهو هدف تسعى إليه واشنطن وتدعمه مصر.
تصريحات ترمب، كما يقول الخبير العسكري، كشفت للعالم كله أن مصر محقة في نزاعها مع إثيوبيا وأن الأخيرة تناور وتعرقل الوصول لأي اتفاق سلمي، وأن محاولات حرمان المصريين من المياه تعني شن حرب تجويع وتعطيش لمصر وعندها سيكون هناك خيار آخر.