مازال سجل إيران في مجال حقوق الإنسان يثير جدلاً كبيراً بكل ما فيه من انتهاكات وضعت مستقبل الشعب الإيراني على المحك، وذلك بحسب تقرير للخارجية الأميركية كشف الاعتقالات التعسفية والقمع الوحشي المميت وقطع الاتصالات، في ظل غياب نظم وتحقيقات شفافة لمحاسبة الجناة في إيران.
في التفاصيل، ووفقا للفصل السادس من التقرير، فقد استهدفت الحكومة الإيرانية مواطنيها بسبب أنشطتهم السلمية وممارستهم لحرية الرأي والتعبير والمعتقد. ومنذ أبريل 2020، هناك أكثر من 500 سجين رأي معتقلين في إيران، بحسب التقرير.
وأشار التقرير بوجه خاص إلى إعدام النظام الإيراني المصارع نافيد أفكاري، في 12 سبتمبر/أيلول، بعد محاكمة صورية تلت مشاركته في احتجاجات عام 2018.
حرمان من أبسط الحقوق
وفي السنوات القليلة الماضية، استهدف النظام النقابيين المستقلين والصحافيين الذين احتجوا بشكل سلمي على أوضاعهم ومنعهم من تكوين نقابات بحرية، رغم أن ذلك من أبسط حقوق العمال المعترف بها دوليا.
كما تعرّض نشطاء البيئة الذين يتحدثون عن فساد النظام وسوء إدارته للموارد الطبيعية في إيران، للتدقيق والسجن بل القتل في ظروف مريبة أثناء احتجازهم.
حتى النساء
وحتى النساء لم يسلمن من ممارسات النظام الإيراني الذي واجههن باعتقالات تعسفية وأحكام قاسية تصل إلى السجن 20 عاما، بعد احتجاجات 2018 ضد الحجاب الإلزامي، على سبيل المثال.
كما تقمع الحكومة الإيرانية الحريات الدينية من خلال ممارسة التضييق والاعتقال بحق أفراد الأقليات الدينية.
ظروف مروعة
ويواجه المحتجزون في إيران ظروفا مروعة في السجون، حيث تشير تقارير موثوقة إلى أن النظام الإيراني يستخدم بانتظام، التعذيب وغيره من ضروب العقوبة القاسية أو المعدومة إنسانيا.
وتشير التقارير أيضا إلى بتر الأطراف، والتسبب بالعمى، والجلد.
كما تستخدم الحكومة الإيرانية التعذيب النفسي لانتزاع اعترافات، فيما يُحرم السجناء السياسيون بشكل روتيني من الحصول على الخدمات الطبية أو الزيارات العائلية.
السجن الكبير
إلى ذلك، يشتهر سجن طهران الكبير بظروفه المعيشية اللاإنسانية، بما في ذلك أماكن غير صحية ومزدحمة، وانتشار القوارض، بالإضافة إلى نقص الغذاء.
وتعكس هذه الظروف الأليمة لسجناء الرأي في إيران عدة “حالات انتحار” مشبوهة في السجون الإيرانية، بما في ذلك وفاة الناشط البيئي كافوس سيد إمامي في الحجز عام 2018. وحتى الآن، لم تجر السلطات أي تحقيقات شفافة أو موثوقة حول هذه الوفيات، حسب التقرير.
فيما لا يزال معدل الإعدام بالنسبة للفرد في إيران من بين أعلى المعدلات في العالم على الرغم من الإصلاحات الأخيرة في تقليل عدد أحكام الإعدام في جرائم المخدرات.
وغالبا ما يتم تنفيذ عمليات الإعدام بطريقة تتعارض مع القواعد الدولية، حيث أعدمت إيران قصّرا أدينوا بارتكاب جرائم قبل وصولهم سن الثامنة عشرة، حسب التقرير.
ما وراء الحدود
ويمتد تجاهل إيران وشركائها لحقوق الإنسان، إلى ما وراء حدودها. ففي سوريا، قتلت الميليشيات الموالية لطهران، مثل حزب الله اللبناني، المدنيين بشكل متكرر.
ومنذ اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، قدمت إيران قرابة 5 مليارات دولار للنظام السوري وضخت موارد وعسكريين في المنطقة.
كما استمرت في دعم نظام الأسد على الرغم من استخدامه الفظيع للأسلحة الكيمياوية ضد المدنيين.
وفي العراق أيضاً، تدعم إيران بشكل مباشر العناصر المتطرفة المرتبطة بقوات الحشد الشعبي العراقية، بما في ذلك كتائب حزب الله المصنفة إرهابية، والتي تستجيب وتتلقى الأوامر من الحرس الثوري الإيراني.
وتوجد تقارير عديدة تسرد عمليات اختطاف وتخويف واعتقال تعسفي واختفاء للسنة من قبل ميليشيات شيعية مدعومة من إيران.
إلى ذلك، تواصل إيران تقديم الدعم العسكري والمالي لميليشيات الحوثيين في اليمن.
فمنذ عام 2012، أنفقت إيران مئات ملايين الدولارات على هذا المسعى، وهو ما ساعد على إطالة أمد الحرب في البلاد، وإحباط جهود السلام الدولية، وتفاقم الأزمة الإنسانية التي تعتبر من بين الأسوأ في العالم، حيث شارك الحوثيون المدعومون من إيران في تعمد استهداف عشرات المستشفيات في اليمن.
وحتى اليوم، يبقى ملف حقوق الإنسان في إيران نقطة سوداء في تاريخ ذاك النظام الذي امتدت أذرعه وعاثت فساداً في مختلف دول العالم.