أخذت المملكة على عاتقها منذ توحيدها على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله – خدمة ورعاية حجاج بيت الله الحرام والمعتمرين والزوار، وسخرت جميع الإمكانات المادية والبشرية لخدمة ضيوف الرحمن وفق خطط مدروسة لتقديم خدمات صحية ووقائية متميزة وفق أعلى المعايير العالمية.
وكانت الخدمات الصحية المقدمة للحجاج قبل تأسيس المملكة تعتمد على مستشفيين اثنين بإمكانيات محدودة في ذلك الوقت ، حتى جاء الملك عبدالعزيز – رحمه الله – وكانت له البصمة الأولى في تأسيس الخدمات الصحية المقدمة للحجاج في عام ١٣٤٣هـ، حيث أسهمت بشكل كبير في بناء المجلس الصحي وفتح العيادات الطبية ومراكز الإسعافات الأولية ، وفق الاشتراطات الصحية حرصاً منه على صحة الحجاج والمعتمرين ، ثم تابع الملك سعود بن عبدالعزيز رحمه الله المسيرة في تطوير الخدمات الصحية الأولية لحجاج بيت الله الحرام، ففي عام ١٣٧٣هـ عمل على إنشاء المستشفيات والمراكز الصحية وإقامة المضلات في المشاعر المقدسة التي يتواجد بها حجاج بيت الله الحرام لوقايتهم من حرارة الشمس في الصيف والأمطار في الشتاء.
وكانت وزارة الصحة تبدأ قبل موسم الحج باستعداداتها المكثفة في كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة كما استمرت تطوير الخدمات الصحية في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز – رحمه الله – والعناية بأحوال الحجاج وفق الخبرات الطويلة التي اكتسبها خلال توليه شؤون الحكم في الحجاز نائباً عن والده الملك عبدالعزيز – رحمه الله – فشهد في عهده الحرمان الشريفان المزيد من أعمال التحسين والتوسعة والإصلاح الكثيرة، كما شهدت الخدمات الصحية المقدمة للحجاج في عهد الملك خالد – رحمه الله – ١٣٩٥هـ نقلة نوعية في ظل حرصه على إكمال ما بدأ به والده الملك عبدالعزيز وإخوانه رحمهم الله في تسهيل وتوفير سبل الراحة لضيوف الرحمن ، وقام بالكثير من المشروعات الصحية وكان من أولها مركز أبحاث الحج وتطوير المنشآت والمشاعر المقدسة تلا ذلك إعلان الملك فهد بن عبدالعزيز – رحمه الله – إعلان لقب ( خادم الحرمين الشريفين ) على نفسه للدلالة على اهتمام قادة المملكة بخدمة ضيوف الرحمن ، وكان هناك تطور ملحوظ في الخدمات الصحية المقدمة لحجاج بيت الله الحرام حيث ارتفع عدد المستشفيات من ١٠ إلى ٢٦ مستشفى وعدد المراكز الصحية من ٣٨ إلى ٢٢٤ مركزاً صحياً ، وبدا واضحاً في هذه الفترة مشاركة القطاعات الصحية الأخرى التابعة للجهات الحكومية في تقديم الخدمات الصحية للحجاج والمتمثلة في وزارة الدفاع وزارة الداخلية ووزارة التعليم والحرص الوطني واهتم الملك فهد في الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص في تقديم الخدمات الصحية المقدمة للحجاج.
وحظيت القطاعات الصحية في عهد الملك عبد الله بن عبدالعزيز – رحمه الله – باهتمام كبير حيث شهد عهده تطوراً ملحوظاً من خلال خطط التنمية الضخمة في المجالات كافة، حيث تم رفع الكوادر الصحية المشاركة في خدمة الحجاج إلى ١٠ آلاف طبيب وممرض وفي تخصصات أخرى ، كما بدأت هيئة الهلال الأحمر السعودي بإدخال فرق التدخل السريع والطيران الإسعافي التي ضمنت سرعة الوصول إلى مناطق تواجد الحجاج عبر المنافذ والمسارات والطرق والميادين وفي أصعب المواقع.
وأولت رؤية المملكة ٢٠٣٠ المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف مكانة متميزة فوجهت بتسخير الطاقات والإمكانيات كافة لخدمة ضيوف الرحمن من خلال خمسة وعشرين مستشفى و١٥٦ مركزاً صحياً و ١٨٠ سيارة إسعاف و ١٦ مركز طوارئ و ٣٠ ألف من الطواقم الطبية للحفاظ على المكانة المرموقة للمملكة في العالم كعنوان لكرم الضيافة وحسن الوفادة وتمكين المسلمين من زيارة بيت الله الحرام في جميع المناسك.
وتعمل الرؤية السعودية ٢٠٣٠ على تقديم إستراتيجية متكاملة لتطوير منظومة الحج والعمرة من خلال وضع برنامج متخصص أطلقت عليه (برنامج ضيوف الرحمن) للارتقاء بالخدمات المقدمة والعناية بهم، وإثراء التجربة الدينية والثقافية للحاج والمعتمر والزائر حيث وضعت الخطة مستهدفاً لزيادة الطاقة الاستيعابية لاستقبال ضيوف الرحمن المعتمرين ليصل عددهم إلى ٣٠ مليون معتمراً بحلول ٢٠٣٠.
وهذا ما أكد عليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله بأن أكبر خدمة نقدمها للحجاج والمعتمرين هو الأمن والاطمئنان.
وفي ظل جائحة كورونا هذا العام قامت المملكة بتسخير جميع إمكاناتها وطاقاتها، وعززت جاهزية مرافقها؛ لتوفير الرعاية الصحية لضيوف الرحمن خلال موسم حج هذا العام 1441هـ ، وفق الاشتراطات الصحية والإجراءات الاحترازية.
وهيأت المملكة المرافق الصحية في المشاعر المقدسة والكوادر الطبية والفنية لتوفير الرعاية الطبية لضيوف الرحمن وفق أعلى معايير السلامة الصحية والتدابير الوقائية العالمية، لضمان سلامة الحجاج حتى عودتهم إلى مقر إقامتهم سالمين آمنين.